علماء الرياضيات في الحضارة الإسلامية :
نصوح علي السلاحي المطراقي (المتوفى 1564 ):
استكمالا لسلسلتنا : علماء الرياضيات في الحضارة الإسلامية وصلا بين الماضي و الحاضر بيانا أن الخير في الأمة باقي إلى يوم القيامة و مزيد تأكيد أن عصر النهضة لم يكن عصر جهل و ظلمات في المنطقة العربية و الإسلامية أو أن تلكم إتسمت بالإنحطاط العلمية و إنتهى على إثرها العلم عند المسلمين ؟
و قد بينا في مقالات سابقة خطأ ذلك و ذكرنا الكثير من العلماء العرب و المسلمين ، واليوم نستكمل مسيرتنا و نقف مرة أخرى مع عالم من علماء الرياضيات لتلك الحقبة ، آملين أن تكون إضاء ولو يسيرة و نكون قد تمكنا من إعطاء لمحة عامة حول تطوير علم الرياضيات، وأعمال علماء الرياضيات خلال فترة الدولة العثمانية، والتي تقارب (600) عام، وذلك ابتداء من فترة ما قبل فتح القسطنطينية وحتى بداية القرن العشرين، حيث ظهرت مئات الأعمال الرياضية التي شكلت مادة غنية خلال تلك الفترة”.
فمنه هو نصوح بن كاراگوز البوسناوي ؟
نصوح بن كاراگوز البوسناوي أو نصوح بن عبد الله السلاحي المطراقي أو (المطرقچي نصوح). تعود أصول عائلته إلى البوسنة في البلقان وكان والده أو جده قد قدم مع سوقه إلى الخدمة، كان يعمل كضابط قصر واشتهر في القرن السادس عشر كونه عالم رياضيات وجغرافيا وفلك وراسم خرائط وطبوغرافي وفارس ومهندس وخطاط، ذلك كله إضافةً إلى كونه مسلحًا ولذلك أُطلقت عليه كنية (السلاحي) وكان أيضًا مفكرٌ متعددُ الجوانب الثقافية، وكان كاتب وفنان وله كتبه ومؤلفاته في كل هذه المجالات وكل مؤلفاته كانت باللغة التركية.
وقد سميّ أيضًا بالـ المطرقچي بعد أن أوجد اختراعه وهي لعبة تسمى باللغة التركية القديمة ”مطرق“ ومعناها في ذلك الوقت المذهلة أو الرائعة ولقد كانت لعبة مذهلة. المطرقچي نصوح كان قد أخذ تعليمه وتدرب في مدرسة القصر “إندرون” وذلك في عهد السلطان بايزيد الثاني وتتلمذ على يد المُدرس ساعي چلبي وخلال فترة السلطان سليم الأول بدأ يميز نفسه كونه “فارس”، وفي العام 1520 ذهب إلى مصر لإكمال دراسته وتعليمه كما شارك في بعض العروض والفنون العسكرية والتي كانت شيء منقطع النظير كما تم إعطاؤه وسام كونه بارع في الفنون والألعاب القتالية العسكرية.
في مجال الرياضيات قام المطرقچي بكتابة كتابين باللغة التركية بهدف تسهيل عمل وكتابة مجالس الدولة ودواوينها خصوصًا ديوان الكتبة والمحاسبين، وهذين الكتابين كانا هامان من ناحية تطور اللغة التركية حيث كانت اللغة في تلك المرحلة لغة قادرة على التعامل والتفاهم مع أسلوب الرياضيات بشكل كامل، كما كانا هامين في تلافي الأخطاء التي يقوم بها المحاسبين في ذلك الوقت، وكان هذين الكتابين هم الأهم بعد أعمال حجي أتماجا في هذا المجال، لنتحدث قليلًا عن هذين الكتابين:
”جمال الكُّتَّاب وكمال الحُّسَّاب“ هذا هو الكتاب الأول وقام المطرقچي بكتابته في العام 1517 وأهداه للسلطان سليم الأول، وكان يدور حول الأرقام الهندية والعمليات الحسابية والكسور والجداول والقياسات، وقد ذكر أنّ للكتاب قسم آخر يتحدث عن مسائل متنوعة لكن للأسف لم يتم العثور عليه.
”عمدة الحُّسَّاب“ أو ”حساب في فرود المقدَّر“ وهذا هو كتابه الثاني وقد أتم كتابته في العام 1533 وهو نسخة موسعة ومزودة برسوم بيانية ومخططات عن كتابه السابق كما احتوى على الوحدات المستخدمة في الوزن والطول، إلخ..مثل (درهم، مثقال، قنطار، ذرة…) وبابه الأول كان مكون من 22 فصل كالتالي:
إعداد: أحمد راتب مطر.
تدقيق: وردة قطّوس.
تصميم: خالد ابداوا.