قُبَّعاتُ التفكير السِّت.
يُعدُّ مدخلُ استراتيجيات القبّعات السّت من بين أهم وأحدث المداخل التي تشدد على تحسين جودة أداء الموارد البشرية في منظمات الأعمال، وتقوم استراتيجية القبّعات السّت على تقسيمِ التفكير إلى ستة أنماط، كلُّ نمطٍ هو قبّعةٌ يلبسها الإنسان أو يخلعها حسب طريقة تفكيره في تلك اللحظة، وتتميز هذه الطريقةُ بأنها تعطي الفرد في وقت قصير جداً قدرةً كبيرةً على أن يكون متفوقاً وناجحاً في المواقف العلميَّة والشخصيَّة، كما أنها طريقةٌ تعلمنا كيف ننسق العواملَ المختلفةَ للوصول إلى الإبداع حسب (إدوارد دي بونو-Edward de Bono) مبتكرِ استراتيجية التفكير هذه.
يمكن أن يتبنى أحدُ الأطراف في أيّ نقاشٍ موقفاً ما، يدافع عنه دفاعاً مستميتاً ولا يستمع إلى فكرة المُعارِضِ الذي يُضطَّر أن يدافع هو الآخر عن فكرته، مما يؤدي إلى جدالٍ عقيمٍ وخصوماتٍ ونزاعاتٍ عديدة دون الوصول إلى نتيجة تفيد أياً من الطرفين، ويقوم هذا الأسلوبُ على توجيه الشَّخص إلى التفكير بطريقة معينة ثم التحول إلى طريقة أخرى، أي أن الشخص يمكن أن يلبسَ أياً من القبّعات السّت الملونة التي تمثل كلُّ قبّعة منها لوناً من ألوان التفكير، فهي تعطي طريقة سريعة ومباشرة لتغيير نمط التفكير دون مجابهة الآخرين.
ومن المبادئ التي تقوم عليها هذه الاستراتيجية:
– القبعات هي الأقرب للرأس؛ ولهذا فهي الأقرب للتفكير.
– يحتاج الإنسانُ إلى ألوانٍ مختلفةٍ من التفكير، كما يلزمه أن يفسر أسلوبه في التفكير، ولذلك فإن الإنسانَ المفكرَ يحتاج إلى لبس عدة قبّعاتٍ مختلفة للتفكير والإبداع والنقد.
– أن القبّعة التي تُلبس طويلاً تتسخ وتفقد أناقتها، كما الفكرة إن بقيت مدة طويلة. – أن القبّعةَ رمزٌ للدور الذي يمارسه كل شخص، فقبّعة الممرضة غير قبّعة الجندي، أو القاضي، أو الطالب، أو غيره.
ما هذه القبعات؟
١- القبعة البيضاء (المعلومات، البيانات، المتطلبات).
ترمز هذه القبعة إلى التفكير الحيادي وتتميز بالموضوعية، وهذا التفكير قائم على أساس التساؤل من أجل الحصول على (حقائق، أرقام)، وهي قبّعة جمع الحقائق والمعلومات والخطط ودراسة جوانب الموضوع والتحفيز لها، والذي يرتدي القبعة البيضاء يسأل مثل هذه الأسئلة: ما المعلومات التي نريدها؟ وكيف نحصل عليها؟ ما الأسئلة التي نريد طرحها؟ والقبعة البيضاء توجه الانتباه إلى المعلومات المتوافرة وغير المتوافرة، ومن يرتد القبعة البيضاء تكن له القدرة على أن يجيب إجاباتٍ مباشرةً ومحددةً على الأسئلة، وأن يهتم بالوقائع والأرقام والإحصائيات، وأن يمثل دورَ الحاسوب(الكمبيوتر) في إعطاء المعلومات أو تلقيها (الموضوعية).
٢- القبّعة الحمراء (المشاعر، الحدس، العواطف).
قائمةٌ على ما يكمن في العمق من عواطفَ ومشاعرَ وكذلك تقوم على الحدس، وهي تفضي المشاعر والعواطف والحدس والجوانب الأخلاقيَّة والإنسانيَّة في المشكلة، ومن يرتدِ هذه القبعة يقول…هذا شعوري نحو الموضوع ومن يرتدِ القبّعة الحمراء تكن له القدرة على الآتي: دائما يظهر أحاسيسه وانفعالاته بسبب أو بدون سبب، يهتم بالمشاعر حتى وإن كانت تدعم بالحقائق والمعلومات، يميل للجانب الإنساني أو العاطفي وآراؤه وتفكيره تكون على أساس عاطفي لا منطقي.
٣- القبّعة السوداء (الحذر، المخاطر، المصاعب، السلبيات).
وهي قبّعة الخوف والحذر والتشاؤم والنقد والتفكير في الأخطار أو الخسارة، وهذا الشيء له أهمية عند اتخاذ القرارات، ومن يرتدِ القبعة السوداء تكن له القدرة على الآتي: التشاؤم وعدم التفاؤل باحتمالات النجاح، انتقاد الأداء دائما، التركيز على العوائق والتجارب الفاشلة ويكون أسيرها.
٤- القبّعة الصفراء (الفوائد، الإيجابيات).
وهي قبّعة التفاؤل والتفكير في عمل وفوائد الموضوع المطروح للنقاش، وتهتم بمجريات النتائج والاقتراحات المفيدة والجدوى الاقتصادية، ويمكن لصاحب القُبَّعة الصفراء أن يسأل: ما الفوائد؟ ومن المستفيد؟ وما الإيجابيات؟ ومن يرتدِ القُبَّعةَ الصفراءَ تكن له القدرة على الآتي: أن يكون متفائلاً وإيجابياً ومستعداً للتجربة، أن يركز على احتمالات النجاح وتقليل احتمالات الفشل، ألا يستعمل المشاعر والانفعالاتِ بوضوحٍ بل يستعمل المنطق بصورة إيجابية ويهتم بالفرص المتاحة، ويحرص على استغلالها.
٥- القبّعة الخضراء (أفكار جديدة).
ترمز إلى التفكير الإبداعيِّ رمز الإبداع والابتكار، وهو التغير والخروج من الأفكار القديمة إلى الجديدة، ومن يرتدِ القبّعةَ الخضراءَ تكن له القدرةُ على الآتي: الحرص على كل جديد من أفكار وتجاربَ ومفاهيم، الاستعدادِ لتحمل المخاطر والنتائج المترتبة عليها، ودائماً يسعى للتطوير والعمل على التغير ويعطي من الوقت والجهد للبحث عن الأفكار والبدائل الجديدة، يستعمل وسائلَ وعباراتٍ إبداعيةً، مثل: (ماذا لو، هل، كيف، ربما).
٦- القبّعة الزرقاء (التفكير الشمولي).
إنه تفكير النظرة العامة ويوحي بالإحاطة والقوة: نفكر كيف، ونوجه التفكير اللازم للوصول إلى أفضل نتيجة، والتقويم والنظر في الأشياء بطريقة نافذة بنَّاءة والقبّعة الزرقاء هي (قبعة جدول أعمال التفكير) ومن يرتدِ القبعة الزرقاء تكن له القدرة على الآتي: يبرمج ويرتب خطواته بشكل دقيق ويتميز بالمسؤولية والإدارة في أغلب الأمور، يتقبل جميعَ الآراء ويحللها ثم يقتنع بها، يستطيع أن يرى قُبَّعاتِ الآخرين ويحترمهم ويميزهم.
كيف نستخدم هذه القُبَّعات؟
أ- استخدامٌ فرديٌ للقبعات: تستخدم قبعة واحدة فردية ولفترة محدودة من الوقت لتبني نمط تفكير معين، وذلك لأغراض كتابة تقرير، أو تيسير أعمال اجتماع، أو محادثة، أو موقف، أو إعطاء محاضرة.
ب- استخدامٌ تسلسليٌّ وتتابعيٌّ للقبعات: هنا تستخدم القبعات الواحدة تلو الأخرى بهدف بحث او استكشاف موضوع معين، كأن تستخدم القبعة البيضاء ثم الحمراء، وتستخدم هذا الأسلوب عندما يكون الوقتُ قصيراً، والتفكيرُ عشوائياً وغيرَ مُوجَّه وتوجد معتقداتٌ وأفكارٌ مختلفة، متباينة ومتقاربة، ونذكر أنه لا يوجد تسلسلٌ واحد صحيح بعينه، وليس من الضروري استخدامُ كل القبعات في كل تسلسل.
وعليه فإن القبعاتِ الستَّ لها العديدُ من الفوائد التي تظهر عند استخدامها وتضم مساهمتَها في بناء نظم الجودة وتقليلَها الصراعاتِ والخلافاتِ والنزاعاتِ الناتجةَ عن الجدال العقيم، ومساهمتَها في بناء طرق عمل فعَّالة، وتجعل الاجتماعاتِ والمناقشاتِ أكثرَ فعالية، كما يمكن استخدامُها بمختلف الدرجات والوظائف؛ فهي تشجع على التواصل وبناء عَلاقاتٍ عامّة، وتشجع على الإبداع وترتقي بنوعية التفكير والأداء وكفاءتها، وتساهم في إكساب الأفراد وسيلةً مناسبةً لطرح أفكارهم وتقوية وجهات نظرهم في المناقشات الكلاميَّة.
أخيراً، يمكن القول بأنه من الأفضل أن نرتديَ جميعَ القبعات؛ لكي يكون مستوى التفكير لدينا متميزاً ومتوازناً، بشرط ألا نرتديها في آنٍ واحدٍ؛ لأن كل قبعة لها دورٌ يختلف عن باقي القبَّعات، حتى نحافظ على فاعلية القبعات وإبقائها بعيدةً عن التلف.