اللغة الأم !! دعاوى ( عيوب في جسم الإنسان )
ما زال كل مَن هب ودب سواء من الأجانب أو العرب كلما أراد التدليل على التطور ولم يجد دليلًا واحدًا عليه: يلجأ إلى الطعن في الكائنات الحية ( وخاصة الإنسان ) بدعوى أنّ به ( عيوبًا في الخلق ) !!
لن نطيل في الكلام عن هذه المغالطة الشهيرة التي يمكن تسميتها مغالطة ( الاستدلال بالجهل )، والتي التصقت بالتطوريين وفضحتها كل الاكتشافات العلمية الحديثة، من اكتشاف فوائد وحكمة الغدد الصماء وفقرات العصعص والزائدة الدودية وشبكية العين المقلوبة والعصب الحنجري الراجع في الثدييات … إلخ، للدرجة التي بدءوا فيها يلجئون إلى ما يُضحك الثكلى وهو العيب حينما يتم صدم عظمة الركبة! العيب حينما يتكاسل الإنسان فيُصاب بالخشونة! يصاب بالبدانة! يصاب بكذا وكذا وكذا، فأدخلوا أخطاء الناس نفسها في كمال الخلق ليعيبوه!! ولا تعليق …
اليوم كما قلنا لن نطيل عليكم – ولنا منشورات سابقة في الرد على الكثير من مزاعمهم يمكنكم البحث عنها في صندوق البحث أسفل صورة الصفحة الرئيسية – ولكننا نفسح المجال لمقالة مختصرة ومُعبرة من الدكتور حسام الدين حامد يذكر فيها:
———————
يقولون إنّ لغتك الأم هي التي تجري بها معاملاتك المالية وإن تحدّثت عشر لغات!!
يمكنك أن تنظّر ما شئت عن عيوب التصميم في الخلق، وتستنتج من ذلك ما شئت من نفي الخلق، وهكذا طالما فقدتَ ما يمنعك أن تصنع ما شئت، حتى تأتي لتتعامل مع ذلك التصميم في غرفة العمليات، عندها تحترم هذا التصميم وتدرك أهميته وتبحث عن مفرداته..
يُدرك الجرّاحون أن الجراحة المثلى هي التي تحدث أقل تغيير ممكن، ولذلك كانت الجراحة هي الحل الأخير عندما يفشل العلاج الدوائي، عندما تستأصل جزءًا من الأمعاء فليكن أقلّ ما يمكن مما يفي بغرض الاستئصال، عندما تفتح تجويفًا فأعده كما كان ما استطعت، كن ذلك الزائر الخفيف الذي لا يترك أثرًا!!
حدثني أحد أساتذة جراحة العظام أن مريضًا أتاه، كان هذا المريض قد أُصيبَ بكسرٍ في طرفه السفلي، وذهب لأحد أطباء العظام، فقام بتجبير ساقه على وضع لم يحافظ فيه على إحدى الزوايا الموجودة في رجل المريض كما تظهرها الأشعة، بعد أن أزال المريض الجبيرة سأل الطبيب عن هذا التغير الواضح في شكل ساقه والتي صارت تبدو مستقيمة، فأجابه الطبيب الجراح مازحًا “ إيه رأيك؟! مش كده أحسن؟! ” .. مرّت الشهور وأصبح الرجل يشعر بألم لا يحتمل في مكان الالتئام! لا يطيق أن يمشي وكأن وزن جسده كله مرتكز على هذه النقطة بالذات!! يحدثني أستاذ العظام هذا أن المريض أتاه -بعد رحلة عذاب- يطلب منه أن يكسر ساقه ويعيدها كما كانت!!
تحدّث ما شئت عن عدم مناسبة التشريح الإنساني لوظيفته، وقل ما شئت في العيوب التي تظهر أمامك، لكنّك عندما تدخل غرفة العمليات سوف تحترم العصب البصري والشبكية، ستحترم هذه الزوايا في العظام، ستحترم كل شيءٍ حتى ترتيب الأمعاء في التجويف البريتوني، سوف تحترم كل تفصيلة في هذا التشريح الإنساني حتى ولو لم تعلم السبب، مُعتقدًا أن العودة للتشريح الأول أقرب للحفاظ على وظيفته، كأنّها صورة من صور ” التفويض العقدي ” تجري في غرفة العمليات!!
يقول فولتير: ” أولئك الذين يقنعونك باعتقاد السخافات، يستطيعون إقناعك بارتكاب الأعمال الوحشية! “. إنّك مهما تحدّثت عن سخافات التصميم غير الذكي، فلن تجرؤ على نقل ذلك إلى غرفة العمليات، لأنّك بداخلك تعرف أنّ هذه السخافات لا ينبني عليها عمل، بداخلك يقين أن هذا التصميم متقنٌ محكمٌ لا عيب فيه، بداخلك تشعر بالنعمة التي تجري في أجزاء جسدك، في غرفة العمليات ستتحدّث لغتك الأم .. لغة الإيمان!