هذا المنشور كتعديل علي المنشور الموجود هنا “هل قانون حفظ الطاقة يعني أزليتها” أضفت هنا تفاصيل أكثر مهمة، ومراجع موثوقة أفضل.
قانون حفظ الطاقة لا علاقة له بأزلية الطاقة، ليس لأن القانون يقول إن الطاقة لا يمكن أن تخلق إذا هذا معناه أن الطاقة أزلية لأن هذا القانون
أولاً : لا يطبق عند بدايات الكون عندما كان الكون طوله طول بلانك، حرارته حرارة بلانك، عمره زمن بلانك، نوع قوانين الفيزياء التي حكمت الفترة عندما كان الكون في حقبة بلانك غير معروفة إلي الآن كل القوانين التي نعرفها هي صالحة فقط حتي سلم بلانك Plank Scale بما في ذلك قانون حفظ الطاقة وكل قوانين نظريات الحقول الكمية التي تصف التفاعلات الكهرومغناطيسية والنووية القوية والنووية الضعيفة هذه الفترة تحتاج قوانين تصف الجاذبية كمياً Quantum Gravity حتي تتمكن من معرفة ماذا حصل في هذه الفترة لكن هذه النظرية غير موجودة حالياً ربما فعلاً فيها الطاقة خلقت من عدم أو وجدت من كون آخر أو نشأت من أي شيء آخر لا أحد يعرف [1].
إقتباس من [1] كتاب الجاذبية والثقوب السوداء و الكون البدائي صفحة 211 يقول لا أحد يعلم كيف تصرفت المادة أو الزمكان في حقبة بلانك.
no one knows how space-time and matter behaved during the Planck epoch
ثانياً : الطاقة ليست محفوظة علي المستوي الكوني أصلاً، شرط حفظ الطاقة أن لا تتغير قوانين الفيزياء التي تحكم نظام فيزيائي مع الزمن أي يوجد تناظر زمني تحت تأثير الإنسحابات في الزمن Time Translation Symmetry هذه مبرهنة عالمة الرياضيات إيمي نويثر Noether’s Theorem، هل الكون يحترم التناظر الزمني؟ الجواب لا، لأن الكون علي المستوي الكوني محكوم بالنسبية العامة General Relativity، والنسبية العامة تخبرك أن الكون (الزمكان) ديناميكي من نوع فريدمان-لوماتر-روبرتسون-والكر FLRW Metric وليس ساكن معني أنه ديناميكي أنه يتغير مع الزمن كمثال يتوسع وينحني، الكون المتوسع مثلاً لا يحتوي علي تناظر زمني لأنه يتغير مع الزمن كل لحظة تمر علي كون متوسع لن تكون مثل اللحظة التي مضت أو اللحظة التي ستأتي لذلك الطاقة في الزمكان المتوسع لا تكون محفوظة وهناك دليل تجريبي علي عدم حفظ الطاقة في الكون المتوسع تراه في السماء كل يوم إشعاع خلفية الكون Cosmic Microwave Background Radiation هذه عبارة عن الإشعاع (الفوتونات أو الضوء) الذي تكون في بدايات الكون وسافر إلينا من كل أرجاء الكون في الأصل فوتونات إشعاع خلفية الكون كانت أشعة جاما عالية الطاقة لكن لأن الكون المتوسع لا يحفظ الطاقة فعندما يتوسع الكون يمط الأطوال الموجية لهذه الفوتونات لذلك تجدها الآن في طيف موجات الميكروويڤ (الأقل طاقة) وليس في طيف موجات أشعة جاما كما وجدت في البداية أي أن الفوتونات فقدت طاقة (طاقتها قد تم إفناؤها) مع التوسع الكوني، لو سنتحدث بشكل رياضي نقول في النسبية العامة ما يعبر عن التناظر متجهات تسمي متجهات كيلينچ Killing Vector Fields هذه متجهات لو حركت الزمكان (المتريك تنسور Metric Tensor : الأداة الرياضية التي تحسب المسافة بين نقطتين علي الزمكان) في إتجاهها يظل الزمكان كما هو دون تغير، الكون علي المستوي الكوني لا يملك هذه المتجهات التي تحافظ علي تناظره وعليه طاقته ليست محفوظة كما قلنا [2]،[3].
إقتباس من [2] وهو كتاب عالم الرياضيات والفيزياء الكبير James Hartle وهو كتاب أكاديمي يدرس منه الطلاب في الجامعات النسبية العامة، يقول في صفحة 176 الكميات المحفوظة لا يمكن توقعها في زمكان النسبية العامة الذي لا يملك تناظرات خاصة.
Conserved quantities of test particles can not be expected in general spacetime that has no special symmetries
إقتباس من [3] وهو كتاب عالم الفلك البريطاني الكبير Edward Harrison المنشور من جامعة كامبريدج يقول في صفحة 349 الطاقة ليست محفوظة في الكون ككل، بل تقل في كون متوسع.
we can trace the cascade and interplay of energy in its multitudinous forms and claim that it is conserved. But in the universe as a whole it is not conserved, it decreases in an expanding universe
قد تسمع دوماً في مجلات البوب – ساينس أن طاقة الكون الكلية هي صفر (طاقة المادة الموجبة تلغيها طاقة الجاذبية السالبة)، لكن لن تجد هذا الإدعاء في الكتب الأكاديمية التي تخص العلم التجريبي المؤكد بل علي العكس ستجد كل المراجع الأكاديمية تقول لا يمكن حساب الطاقة الكلية للكون كله لسببين
الأول : كما قلنا زمكان كوننا يتوسع وينحني بفعل مادته فطاقته ليست محفوظة، الطاقة لا تكون محفوظة سوي علي زمكان ساكن غير ديناميكي (لا يتغير مع الزمن) أو زمكان مسطح غير ديناميكي (لا يتغير مع الزمن) زمكان كوننا ليس ساكن بل يتوسع وكوننا ليس مسطح بل منحني (ولا تخلط هنا بين شكل الكون والزمكان شكل الكون يخص الأبعاد المكانية فقط (الطول، العرض، الإرتفاع) الكون مسطح مكانياً Spatially-Flat وليس مسطح زمكانياً لا وجود للزمكان المسطح طالما توجد مادة يعني العلماء عندما يقولون الكون مسطح يقصدون أن المكان مسطح وليس الزمكان مسطح) لا يحفظ الطاقة وعليه لا تستطيع حساب طاقته.
إقتباس من [4] كتاب Gravitation أشهر كتاب في العالم تقريباً تدرس منه النسبية العامة صفحة 463 يقول مفهوم الطاقة-الكتلة الكلية هو مصطلح محدود، يمكن إستخدامه فقط عندما تتجاهل علم الكونيات، يعني بمعني آخر في علم الكونيات لا تستطيع أن تتحدث عن الطاقة-الكتلة الكلية للكون
Total mass-energy is a limited concept, useful only when one adopts a limited viewpoint that ignores cosmology.
ويشرح الكتاب سبب ذلك يقول فيما معناه أنك لتحسب كمية فيزيائية لمادة ما، الحسابات Flux integrals لن تعمل سوي في إحداثيات مينكوفيسكي فقط Minkowskian coordinates (إحداثيات مينكوفيسكي تعني الزمكان المسطح) إن فقدت هذه الإحداثيات (الزمكان أصبح منحني) لن تستطيع أن تحسب أي كمية لأنها لن تكون محفوظة، يجب أن تتخلي عن الحسابات، المادة التي تتحرك علي زمكان منحني لن تكون طاقتها محفوظة.
When evaluating the 4-momentum and angular momentum of a localised system, one must apply the flux integrals only in asymptotically Minkowskian coordinates. If such coordinates do not exist (spacetime is not flat at infinity), one must completely abandon the flux integrals, and any quantities that rely on them for definition: the total mass, momentum, and angular momentum of the gravitating source.
السبب الثاني : ما تحدثنا عنه في الأعلي كان “طاقة المادة” وبالدليل وجدنا أن طاقة المادة ليست محفوظة في زمكان متوسع أو منحني بسبب فقدان التناظر، من يقولون إن طاقة الكون صفر معتمدين علي هذا المنطق بالرغم من أن طاقة المادة ليست محفوظة في الكون إلا أنه عندما تأخذ تأثير الجاذبية، الطاقة ترجع محفوظة مرة أخري وتكون مساوية للصفر بالضبط كمثال بالأعلي قلنا الفوتونات تفقد طاقة مع التوسع الكوني هم يقولون لك الفوتونات فقدت طاقة نعم لكن الطاقة لم تفني أو تختفي من الوجود بل تحولت لزيادة في الطاقة السالبة للجاذبية، فعندما تأخذ تأثير الجاذبية يصبح المجموع الكلي للطاقة الفوتونات + الجاذبية = صفر، المشكلة مع هذه الحسابات أنها تكون معتمدة علي فكرة نيوتن وبواسون عن الجاذبية وليس عن فكرة أينشتاين، حسب نظرية أينشتاين لا يوجد شيء إسمه “طاقة حقل الجاذبية” لأن الجاذبية حسب النسبية العامة ليست طاقة مثل الطاقة الكهرومغناطيسية، ليست طاقة متبادلة بين جسمين كما إعتقد نيوتن بل هي هندسة الزمكان نفسه.
إقتباس من [4] صفحة 467 يقول فيما معناه لا يوجد شيء في النسبية العامة إسمه طاقة حقل الجاذبية Gravitational Energy-Momentum لا يوجد معادلة تحسب منها هذه الكمية محلياً هذه الكمية لا تكون معرفة عند كل نقطة من الفضاء
To ask for the amount of electromagnetic energy and momentum in an element of 3-volume makes sense. First, there is one and only one formula for this quantity. Second, and more important, this energy-momentum in principle “has weight”. It curves space. It serves as a source term on the righthand side of Einstein’s field equations. It produces a relative geodesic deviation … It is observable. Not one of these properties does “local gravitational energy-momentum” possess. There is no unique formula for it, but a multitude of quite distinct formulas … Moreover, “local gravitational energy-momentum” has no weight. It does not curve space. It does not serve as a source term … It does not produce any relative geodesic deviation … It is not observable. Anybody who looks for a magic formula for “local gravitational energy-momentum” is looking for the right answer to the wrong question.
كزيادة توثيق إقتباس من [5] يقول الطاقة الكلية لنظام حسب النسبية العامة لا يمكن تعريفها (حسابها).
The total mass-energy of a system in General Relativity can not be generally defined.
لذلك عالم الرياضيات Ikjyot Singh Kohli في رده علي كتاب لورانس كراوس “كون من لاشيء” الذي يزعم أن طاقة الكون صفر وعليه يمكن أن ينتج من اللاشيء ذكر أنه لا يوجد دليل ان طاقة الكون الكلية تساوي صفر هذه حسابات معتمدة علي ميكانيكا نيوتن وليس علي النسبية العامة حسب النسبية العامة طاقة الكون غير معرفة لا يمكن تحديدها [7].
يوجد صياغات حديثة للنسبية العامة مثل صياغة آي-دي-إم ADM Formalism يمكن إستخدامها لحساب الطاقة الكلية لنظام في النسبية العامة بشكل أفضل من المعادلات الأساسية التي وضعها أينشتاين، في هذه الصياغة أنت تقوم بتقطيع الزمكان الرباعي الأبعاد Foliation of Space-Time إلي شرائح مكانية Spatial Slices ثلاثية البعد وتجعل بعد الزمن يمر بين هذه الشرائح المكانية كقطعة خبز كبيرة مثلاً تقطعها إلي شرائح (المكان) وتجعل السكين يمر في هذه الشرائح (الزمن) وهذا من أجل فصل المركبات المكانية عن المركبات الزمنية في المتريك تنسور Metric Tensor (الأداة الرياضية المعبرة عن الزمكان في النسبية) لكن حتي هذه الصياغات لا تطبق علي كوننا لا تطبق إلا علي الزمكانات التي تتسطح عند ما لانهاية Asymptomatically flat Space-Time (تخيل زمكان عليه كتلة مساوية لكتلة الشمس التحدب الزمكاني سيكون أكبر ما يمكن مكان وجود الشمس لكن بعيداً عن الشمس (المصدر الذي يسبب الإنحناء)، كلما تبتعد عن المصدر الإنحناء سيقل سيقل لو إبتعدت عن المصدر بمسافة تساوي مالانهاية يرجع الزمكان مسطح مرة أخري بدون إنحناءات هذا معني زمكان يتسطح عند مالانهاية) زمكان كوننا من نوع فريدمان-لوماتر-روبرتسون-والكر FLRW Metric كما قلنا، لكن هذا الزمكان ليس مسطح عند مالانهاية not Asymptomatically flat Space-Time.
ثالثاً : معظم النظريات التي تحاول تكميم الجاذبية تقول إن الزمكان علي المستوي الكمي يفقد تناظره لأنه علي المستوي الكمي لا يكون زمكان متصل كما يظهر علي المستوي الكلاسيكي بل تكون بنيته متقطعة Discrete Space-Time أي يظهر ويختفي (الزمن والمكان يظهران ثم يختفيان) أو يتقلب تماماً كما تتقلب حقول المادة الكمية، بنية الزمكان المتقطعة تفقده التناظر وعليه الطاقة الموجودة علي هذا الزمكان المتقطع لن تكون محفوظة أيضاً فمعني هذا أن قانون حفظ الطاقة قد لا يكون مطبق فعلاً عند بدايات الكون فالنظريات المرشحة لأن تكون هي ما تصف الجاذبية علي المستوي الكمي تتنبأ أن الكون في بدايته لم يكن يحفظ الطاقة [6].
[1] https://link.springer.com/book/10.1007/978-0-387-73631-0
[2] James B. Hartle Gravity: An Introduction to Einstein’s General Relativity
[3] https://www.cambridge.org/eg/academic/subjects/physics/cosmology-relativity-and-gravitation/cosmology-science-universe-2nd-edition?format=HB&isbn=9780521661485
[4] Gravitation : Wheeler, Thorne, Misner, Princeton University Press
[5] T. W. Baumgarte and S. L. Shapiro, Numerical Relativity – Solving Einstein’s Equa-
tions on the Computer. Cambridge University Press, first ed., 2010.
[6] https://cqgplus.com/2018/08/07/if-space-time-has-defects-how-could-we-find-out/
[7] https://ui.adsabs.harvard.edu/abs/2014arXiv1405.6091S/abstract