يقول الكاتب الدكتور جعفر شيخ إدريس تحت عنوان أسباب انتشار الإلحاد في هذا العصر :
اتّباعُ الملحدين طريقةً خداعة وهي أن يضعوا الدين في مقابل العلم الطبيعي ، ثم يتكلموا عن المزايا التي يمتاز بها منهجه العلمي ،وعن الثمار التي جناها الناس من المخترعات التي قامت علي اساسه ، وعن توسيعه لدائرة معارف الناس بالكون ، وقضائه بذلك علي كثير من الخرافات المتعلقه بطبيعة الكون أو طبيعة الأسباب الفاعله فيه، وهكذا. ثم يقولون إنه لهذا كله ينبغي أن يكون الاعتماد علي العلم الطبيعي لا الدين في معرفة الحقائق!!! .
هذه الحجة كانت تصلح لو أن الدين والعلم الطبيعي كانا أمرين متناقضين لا يمكن للعاقل أن يجمع بينهما ،وربما كانت تصلح لو أنه كان من الممكن أن يستعمل منهج العلم الطبيعي في كل المجالات التي يحتاج إليها الناس بما في ذلك مثلا الهدف من حياتهم علي هذا الكوكب الأرضي ، ومصيرهم بعد هذه الحياه ،والقيم التي يستهدون بها في حياتهم .لككن العلم الطبيعي بطبيعة منهجه ، وباعتراف أساطينه لا يستطيع أ يفصل في هذه الأمور . فالذي يقول للناس والحال هذه خذوا العلم الطبيعي واتركوا الدين . هو كإنسان يقول لك إن الناس يتفقون علي مايشاهدون بحواسهم أكثر من اتفاقهم علي مايستنتجون بعقولهم ،فإذا ما وافقته علي ذلك مضي ليقول: إذن فيجب أن نعتمد علي الحواس ونترك العقل جانبا . الخطأ هنا هو أن الحواس ليست طريقا إلي معرفة كل ما يحتاج الناس إلي معرفته ، وأنه لا تناقض بين الاعتماد علي الحس في معرفة ما من شـأنه أن يعرف به ، والاعتماد علي العقل في معرفة ما لايعرف إلا به .
إنه لا تقابل بين العلم الطبيعي والدين ، بل ان الدين الحق يعترف بالمنهج العلمي الطبيعي وسيلة الي المعرفة ن لكنه يقول إنه ليس وسيلة إلي كل المعارف ، بل هنالك معرف لاتدرك إلا بالرواية ، وأخري لا تدرك إلا بالاستنتاج العقلي ، ورابعة لايمكن الوصول إليها إلا عن طريق الرسل . فالعاقل هو الذي يستفيد من كل هذه الوسائل بحسب نوع المعرفة التي يريدها ، ومن لاعقل له يحصر نفسه في بعضها وينكر غيرها . لذلك فإ الناس لشدة حاجتهم إلي تلك المعرف التي لايوصلهم العلم الطبيعي إليها ، يفضلون التعلق بأي دين ولو رأوا فيه بعض الأباطيل لانه يلبي شيئا من حاجتهم إلي هذه المعارف.
كتاب: الفيزياء ووجود الخالق