ذكرنا في مقال سابق تحدث عن الطبيب أبو بكر الرازي أنه كتب رسالة في الجدري والحصبة وسماها “كتابٌ عن الجدري والحصبة”.
وورد أن المخطوطة الأصلية محفوظة في مكتبة جامعة ليدن Leiden university في هولندا، وترجمت الأطروحة إلى اللاتينية واليونانية البيزنطية، والعديد من اللغات الأوروبية كالألمانية والإنكليزية والفرنسية.
وعُدّ الرازي أول طبيب في التاريخ يصف أعراض وعلامات الجُدَرِيِّ Smallpox، ويفرقه عن الحصبة Measles.
حيث استمر العديد من الأطباء الأوربيين في الخلط بين المرضين حتى عهد قريب. وتُعتبر أطروحته قطعةً ثمينةً في الطب السريري. فوفقًا لبعض الكتّاب أنه وصف الفرق السريري بين المرضين بشكل واضح لدرجة أنه لم يُضَفْ بعده شيء.
يتألف الكتاب من 14 فصلًا سنتكلم عنها بإيجاز:
الفصل الأول منه كان يتعلق بذكر أسباب الجُدَرِيِّ ولم لا يستطيع معظم الناس الإفلات منه.
الفصل الثاني: ذكر الرازي الأجسام الأكثر عرضة للإصابة بالجُدَرِيِّ، وأوقات العام التي يكون فيها المرض أكثر شيوعًا، وفي هذا الصدد يقول: إن الأبدان المستعدة للجُدَرِيِّ هي في الجملة رطبةُ البيض وخصبةُ اللحم (أي السمينة)، حُمْرُ الألوان والمُشرَبَةُ حُمرةً، أما الأبدان النحيفة المرارية اليابسة فهي المستعدة للحصبة دون الجُدَرِيِّ، أما الأبدان النحيفة اليابسة مع برد المزاح فغير مستعدة للجُدَرِيِّ والحصبة. ولكن إن أصيبت كان سير المرض بها خفيفاً. أما الأوقات التي يكون فيها الجُدَرِيُّ أكثر انتشارًا فهي في نهاية الخريف وبداية الربيع والصيف المُمطر الدفيء، أما الحصبة فتسرع للمستعدين لها في أوقات الصيف الحار الجاف والخريف الحار الجاف.
أما الفصل الثالث، فيذكر الأعراض التي تشير إلى تفاقم وثوران الجُدَرِيِّ والحصبة، ويذكر فيه أنه يتقدم ثورانَ الجُدَرِيِّ حمًى مطبقة (مستمرة) وآلام في الظهر وحكة أنف واضطراب في النوم وهذه أخص العلامات. ثم ذكر الألم الذي يجده العليل في جميع جسده والسعال واحمرار العينين والخدين وألم الحلق وجفاف الفم والبحة والصداع والقلق والغشي غير أن القلق والغشي تكون في الحصبة أكثر منه في الجُدَرِيِّ.
وفي الفصل الرابع: ذكر أعراض تدبير الجُدَرِيِّ بشكل عام.
أما الفصل الخامس: فيتناول الوقاية من الجُدَرِيِّ قبل أن تظهر علاماته ومنع انتشاره بعض ظهور علاماته.
الفصل السادس: يتحدث فيه عن العوامل التي تسرع من ظهوره وإبرازه للخارج.
الفصل السابع: عن العناية بالعين والحلق والمفاصل والآذان وما يحتاج أن يعنى به عند ظهور علامات الجُدَرِيِّ.
يتحدث من الفصل الثامن للفصل الثالث عشر عن علاج الجُدَرِيِّ وتدبيره (طبعًا العلاج العرضي المتوفر في وقتهم) وعن غذاء المصاب واجتناب ما يسيء للمرض.
أما في الفصل الأخير الرابع عشر فيتحدث الرازي عن السليم والمهلك من الجُدَرِيِّ والحصبة.
وتظهر هذه الرسالة مدى اهتمام الرازي بالأمراض وعلاجها ودقته في وصفها كما تشير إلى المدى التقاني الذي وصلت إليه الحضارة الإسلامية في جانب الطب في الزمن الذي عاش فيه الرازي.
المصادر :
https://almashriq.hiof.no/ddc/projects/saab/S16R27/html-640/005-004.html
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3752886/