نتابع معًا الجزء الثالث من سلسلة الكبد وأمراضه
فبعد حديثنا في المقال الأول في السلسة عن الكبد عمومًا وفي المقال الثاني عن التليف الكبدي والكحولية. سنتكلم في هذا المقال عما قد يفاجئك وهو بعض الأدوية والعقاقير التي قد تؤثر سلبًا على وظيفة الكبد وعمله ككل. ونعلم أن تضرر الكبد يحدث بطرق عديدة؛ وقد يكون الضرر الناتج مؤقتًا (يزول بزوال المسبب) أو دائمًا. حيث يؤدي تناول العديد من الأدوية والعقاقير إلى التهاب في الخلايا الكبدية؛ حيث تسبب بعض الأدوية الضرر نتيجة “الإفراط” في تناولها، بينما قد يؤدي بعضها الآخر لأذية كبدية رغم تناولها ضمن الجرعة الموصوفة.
1- الأسيتامينوفين:
قد يفاجئك أن “الإفراط” في تناول المركبات الحاوية على الأسيتامينوفين (السيتامول-البنادول) يمكن أن يؤدي لفشل كبدي، وهو أكثر الأدوية شهرة في هذه الناحية (شهرةً وليس تسبيبًا).
وهذا ما يفسر التحذيرات بخصوص مرضى الكبد الموجودة على العديد من علب الأدوية التي يمكن صرفها دون وصفة طبية والحاوية على هذا المركب، إضافة إلى وجود العديد من الأدوية التي يُجمَع فيها الأسيتامينوفين مع مركبات ذات تأثير مخدر (مزيج مخدر+أسيتامينوفين). ولذا يُنصح الأشخاص ذوو الإصابة الكبدية (بأي سبب كان سابقًا)، ومدمني الكحول بالتقليل من هذه المركبات، كما أنها قد تكون مضادات استطباب بالنسبة لهم!
ملاحظة: الجرعة اللازمة للوصول للسمّية الكبدية عالية جدًا، وتختلف، وهي تقريبًا (150-200) ملغ/كغ للأطفال؛ أما للكبار فهي (7.5-10) غ. أي أنّ تناول عشر مضغوطات دفعةً واحدة لا يكفي للإصابة بسمّية كبدية؛ إلا أنه يجب الانتباه من وضعه قريبًا من أطفالكم ظانين بأمانه.
2- الستاتينات:
تستخدم هذه الأدوية بكثرة للسيطرة على مستويات الكوليسترول في الدم؛ فكثير ممن أصابهم انصمام قلبي يعرفها، منها: (الأتورفاستاتين، والروزوفاستاتين، وغيرها مما ينتهي بـ “ستاتين”).
تُعدّ الستاتينات شائعة الصرف في الوسط الطبي، لكنها قد تسبب التهابًا كبديًا حتى عند أخذها بالجرعة الموصوفة. والكشف عن التهابات الكبد المُسبَّبة بالستاتينات سهل، ويكون بقياس مستويات أنزيمات الكبد المتحررة إلى الدم. ولحسن الحظ، أثبتت الدراسات أن التهاب الكبد الناتج عن تناول الستاتينات يزول بمجرد التوقف عن تناول الدواء.
ملاحظة: يُنصح بقيام تحليل لأنزيمات الكبد للمرضى المستخدمين لهذه الزمرة الدوائية.
3- النياسين:
يُستخدم هذا المركب أيضًا للتحكم بمستوى كوليسترول الدم. لكن إصابة وتضرر الكبد منه يعتمد هنا على الكمية المتناولة، أي إن تناول جرعة زائدة من هذا المركب هو ما سيؤدي إلى ضرر بالخلايا الكبدية. لذا يُنصح الأشخاص ذوو الإصابة الكبدية بالحذر من الأدوية الحاوية على هذا المركب.
يوجد أيضًا العديد من المركبات والأدوية الأخرى التي قد تسبب الالتهابات الكبدية، ولكن تزول بمجرد التوقف عن الدواء، وما ذكرنا كان أهمها. باقي الأدوية لها علاقة بذلك لكن بدرجة أقل؛ ومنها: المضادات الحيوية (antibiotic)، مثل: النتروفورانتوئين والتتراسيكلين والإيزونيازيد.
يُستخدم الميتوتركسات لعلاج أمراض المناعة الذاتية والسرطانات، ولكونه مثبطًا مناعيًا فإن له الكثير من التأثيرات الجانبية، ومنها: التهابات الكبد، والتي قد تؤدي لتليّف الكبد.
أخيرًا:
فإنَّ العديد من الأعشاب المستخدمة في المعالجة الطبيعية وحتى كميات الفيتامينات “الزائدة” قد تؤدي إلى التهاب الكبد، وتليّف الكبد ومن ثم فشل الكبد!! لكن يعتمد الأمر على كبد المستخدم من جهة، وعلى الكمية المتناولة من جهة أخرى، فلا تشعر بالاطمئنان في مضاعفة لجرعة الفيتامينات أو غيره، بل استشر الطبيب. بل وإن بعض الفطور المتناولة قد يكون لها التأثير ذاته على صحة الكبد؛ ولا يخفى على أحد أن تناول بعض أنواع الفطور غير المعروفة جيدًا قد يكون قاتلًا.
المصدر:
https://www.medicinenet.com/liver_disease/article.htm
رابط الجزء الاول
رابط الجزء الثاني: