منكوشات تطورية : أهمية علم التصنيف في هدم النظرة السطحية للتطور !!
لعل أسهل رد على مَن يأتيك بصورة كائن حي (سواء موجود الآن أو منقرض) ليقول لك أنه الحلقة الوسطى (مثلا سمكة نطاط الطين Mudskipper) بين التطور من الأسماك للبرمائيات أن تقول له :
1- هذا الكائن هو كما هو منذ ملايين السنين إلى الآن لم يتغير !!
2- ولا يوجد أي تدرجات لكائنات وسطية بينه وبين ما قبله أو بعده !!
3- ولماذا لم يتطور كل أفراده طالما امتلكوا هذه الصفات التي تراها ؟
وفي النهاية :
يتبين لنا – وحسب التصنيف العلمي الحالي – أنها تنتمي إلى الأسماك العظمية Osteichthyes والتي يمكنها العيش برمائية !! أي الأسماك التي لديها بعض الخصائص التي خدعت أولئك التطوررين والتي تمكنها من البقاء في البر فترة من الوقت وليس كل الوقت وخصوصا في الأوساط الرطبة لوجود الماء !! تماما مثلما يوجد طيور بحرية !! وطيور برية !! وطيور حياتها كلها على الأشجار والهواء ولا تنزل الأرض أبدا !! فكل هذه الطيور تصنف في النهاية على أنها طيور !! ولم يقل أحد أنه بسبب بعض صفاتها فهي (حلقات وسطى) بين تطور كذا وكذا !!
فإذا نظرنا لسمكة نطاط الطين فهي لها خياشيم واسعة تتنفس بها وتحتفظ أسفلها بفقاعات من الهواء عند صعودها على البر في الطين أو الوحل (تعمل بالنسبة لها كاسطوانات الهواء بالنسبة لنا تحت الماء للغواصين) !! كما تتمكن بجسمها وزعانفها القوية من الحركة بل والقفز في الهواء لـ 60 سم !! ومعلوم أن هناك أنواعا من الأسماك لها زعانف قوية مثلها ولكن تتحرك بها في قاع المحيطات والبحار !! فهل صارت أقدام في أي يوم من الأيام ؟ ومتى ؟!! وأين حفرياتها ؟!
========================
في المثال السابق رأينا كيف كان التشابه الخارجي في السلوك والشكل : هو المؤثر الأقوى في طرح فكرة التطور كما طرحها داروين من قبل !! ولكن التصنيف – الذي لا يعرفه أغلب الناس بالطبع وغير المتخصصين – هدم لهم شبهتهم من الأساس !!
فالتطور كله كما وضحنا سابقا : قام على (التشابه الشكلي الخارجي) أو (المورفولوجي) morphology بين الكائنات الحية .. وهو التشابه الذي يلحظه أي إنسان في بناء وهيكل الكائنات الحية وبغض النظر عن الوظيفة – فمثلا الأرجل عند القرود تشابه بشكل عام الأرجل عند البشر ولكن القرود تستخدمها في التسلق وإمساك الأشياء مثل الأيدي !! –
وهذا الأساس البسيط والساذج للتفكير في خرافة التطور هو الوسيلة الوحيدة التي كانت متاحة في وقت داروين كدليل، بل وإلى الآن نجدها عند عامة الناس المتأثرين بأفكاره !! حيث يكفيهم مثلا التشابه الخارجي بين الإنسان أو الشيمبانزي أو القرد أو الغوريلا أو الأورانجتان : حتى يخرج داروين بفكرة (الأصل المشترك أو الجد المشترك) لكل من الإنسان والشيمبانزي والقرد والغوريلا والأورانجتان !! وعلى هذا قيسوا كل الحكايات الخرافية للتطور !!
ولأن علم تصنيف الكائنات الحية لا يعطي دوما نتائج محددة ودقيقة 100 % كما سنرى بعد قليل : فسيظل التطوريون – ومَن انخدع بهم – يتخبطون كلما رأوا عجيبة من عجائب إبداع خلق الله تعالى !! حيث توجد كائنات حية عديدة لها صفات غريبة جدا تؤهلها لتنتمي لأكثر من طائفة أو شعبة كما سنفهم بعد لحظات !!
وأما هم : فسيعطوها تصنيفا مباشرة لأحد الحلقات الوسيطة التي يحلمون بالعثور عليها ليل نهار بلا جدوى 🙂
إذن : هذا المنشور هو مهم جدا جدا جدا لكل مَن يريد أن يرد على تخاريف التطوريين وعامة الناس المخدوعين بالتطور الذين يأتوننا كل يوم بصورة حيوان ما (وخاصة البرمائيات لأنها بين الأسماك والزواحف) ثم يقولون لنا : هذا هو الحلقة الوسطى بين كذا وكذا !!
والآن مع الشرح المبسط واليسير لعلم التصنيف مع أمثلة مع توضيح أشهر الفروقات بين الطوائف ؟
=======================
عندما يكون لدينا مثلا مجموعة كبيرة من الأولاد والبنات – ونريد أن نصنف كل مجموعة منهم بحسب صفات معينة ؟ فما هي الأفكار المطروحة لذلك ؟ والتي تحقق لنا تدرجا فعليا في فرق الصفات الكبيرة بينهم وإلى أن تتدرج إلى الصفات الصغيرة ؟
ربما أسهل وأكبر تصنيف هنا هو أن نصنفهم لأولاد وبنات
ثم ربما نصنف كلا من الأولاد والبنات حسب الطول مثلا أو البدانة
أو نصنفهم حسب لون البشرة – أو حتى لون الملابس أو الشعر
أو يمكننا كذلك تصنيفهم بالأسماء أو بالدين أو بالبلد أو اللغة
كل هذه الأمثلة تبين لنا ببساطة فكرة علم التصنيف – وإلى أي مدى قد يكون متداخلا حسب الزاوية التي تنظر منها للأشياء لتصنيفها على أساسها – فإذا فهمنا هذه الصورة : يمكننا فهم كيف بدأت محاولات تصنيف الكائنات الحية إلى أن صارت علما مضبوطا وتوسعت لتشمل الجميع
======================
1…
فمن أقدم محاولات التصنيف المعروفة (للموجودات ككل وليس الكائنات الحية فقط) كان ما أسماه الفلاسفة بـ : (السلسلة العظمى للموجودات) Great Chain of Beings
ولم يكن لها أي علاقة للقول بتطور أي نوع إلى الآخر !! وإنما مجرد تصنيف فقط حسب الصفات المميزة لكل نوع – وهذا هو أصل علم التصنيف أنه لا علاقة له بخرافات التطور لا من قريب ولا من بعيد بعكس ما يظن أغلب المخدوعين بداروين !!)
فنرى في أسفل التصنيف : الجمادات – ثم الأعشاب – ثم الأشجار – ثم الحيوانات – ثم الإنسان – ثم الملائكة – ثم الإله أو الخالق
2…
وأما إذا جئنا للكائنات الحية : فواحدة من أقدم محاولات التصنيف كانت لأرسطو Aristotle والذي عاش من 322 إلى 394 قبل الميلاد – ثم تابعه بتفصيل أكثر تلميذه ثيوفراستس Theophrastus
3…
ثم ظهرت مجهودات أخرى متفرقة (وخصوصا في تصانيف النباتات لعلاقتها بالتداوي في الطب والصيدلة) وكان من أبرز من صنف وكتب فيها علماء المسلمين مثل :
أبو المنصور وكتابه عن خواص النباتات الطبيعية
ابن سيناء وكتابه عن خواص النباتات الطبية
ابن البيطار وكتابيه الشهيرين (المغني) و (الجامع)
الغساني وكتابه (حديقة الأزهار في ماهية العشب والعقار)
وأما بالنسبة للحيوانات :
فقد جمع الجاحظ كتابه عن (ألحيوان) عام 233هـ وفيه الكثير من المعلومات التي كانت في عصره عن مختلف الحيوانات وبيئاتها
4…
فإذا انتقلنا إلى العصر الحديث نجد جون راي John Ray عالم الطبيعة الإنجليزي الذي عاش من 1627 إلى 1705م – وهو أول من حاول تصنيف النباتات والحيوانات على أساس علمي حديث بواسطة التشابه والاختلاف في الصفات الخارجية (المورفولوجية) – وكان أول مَن وضع تعريفا للنوع واعتبره الوحدة الأساسية للتصنيف
5…
ثم نأتي لأشهر تصنيف في الوقت الحديث على الإطلاق والذي لا زال معمولا به إلى اليوم – وهو تصنيف عالم النبات السويدي كارل لينوس Carl Linnaeus الذي عاش بين 1707 إلى 1778م حيث قام بتقسيم الكائنات الحية كالتالي :
المملكة kingdom > ثم > الشعبة phylum > ثم > الطائفة class > ثم > الرتبة order > ثم > الفصيلة Family > ثم > الجنس genus > ثم > النوع species
وبالطبع – وكما وضحنا في مثال الأولاد والبنات :
هناك الكثير من الصفات التي يمكن التمييز على أساسها في التصنيف – ومنها مثلا إمكانية التزاوج بين أفراد النوع الواحد أو الجنس أو الفصيلة !! حيث كلما ابتعدنا : يكون المولود عقيما – مثل تزاوج الحصان والحمار فينتج البغل العقيم – أو يموت الجنين قبل ولادته أو بعد ولادته أو يكون مشوها أو لا يولد أصلا – مثلا تزاوج كلب بحمار أو إنسان بقرد –
وظل هذا التصنيف إلى اليوم – وحتى نظام التسمية اللاتيني من كلمتين أول كلمة للجنس والثانية للنوع – ولم يزد عليه إلا ممالك جديدة للكائنات وحيدة الخلية مثل البكتريا التي تم اكتشافها حديثا
=======================
مثال للتصنيف – مثلا قطة منزلية أليفة – يكون كالتالي :
المملكة: حيوانات متعددة الخلايا – بعكس وحيدة الخلايا كالبكتريا
الشعبة : الحبليات – أي لها حبل عصبي ظهري
شعبة تحتية: فقاريات – أي لها عمود عظمي ظهري
الصف : فقاريات رباعية الأطراف – بعكس الثعبان مثلا والسيسليا
الطائفة: ثدييات – أي التي ترضع صغارها
الرتبة: حيوان مفترس – أي يطارد غيره ويقتله للتغذي عليه
العائلة الكبرى: قططي – حيث يشاركها في الصفات النمور والفهود إلخ
العائلة: قطة – وهي القطط المعروفة وحجمها أصغر من النمور والفهود
الجنس : قطة برية من العالم القديم
النوع : قطة برية
نوع تحتي : قطة منزلية
6…
جدير بالذكر أن الجينات الآن صار لها دور كذلك في التصنيف – وحملت الكثير من المفاجآت للبت في الحالات المحيرة للأنواع المتقاربة شكلا – فمثلا كانوا يظنون لفترة كبيرة جدا من الزمن أن ما يسمونه بـ (الدب الباندا الأحمر الصغير) : هو قريب للـ (دب الباندا الأبيض الكبير) – ولكن بالكشف عنه بالحمض النووي الوراثي DNA تبين أنه يتبع فصيلة الراكون وليس الدب الباندا !!! رغم أن كل نهما في يده ستة أصابع مثل الآخر !!
ولذلك إلى اليوم وهناك بعض الجدالات بين العلماء في دقة الصفات التي تحدد الأنواع والفصائل أو العائلات نفسها !!
=======================
الآن : الصورة اتضحت تماما أن علم التصنيف – وهو الموجود قبل داروين وخرافاته عن التطور – كان مُحددا في وضع صفات مميزة لكل نوع ولكل طائفة من الكائنات الحية : تجعل من الكائن يندرج تحتها بنسبة كبيرة
العجيب : – وبعيدا عن المحاولات الفاشلة للربط بين علماء الإسلام والتطور كما سنكشفها فيما بعد – : فإن الناس منذ آلاف السنين لم يروا ولم يفكروا فيما فكر فيه داروين رغم مشاهدتهم لنفس ما شاهده داروين من تشابهات شكلية – وخاصة بين سلوكيات البشر وبعض الحيوانات – : اللهم إلا بعد الثورة العلمانية في أوروبا والتي نادت بفصل الدين عن كل شيء في الحياة :
فكانت خطوة داروين لفصل (الخالق) عز وجل عن خلقه !!
وسبحان الله العظيم !!
جدير بالذكر أن داروين عاش حياته متخبطا بين الإلحاد واللاأدرية – حيث صرح في حياته بالكفر بالله – ثم في أواخر حياته صرح بلاأدريته وتخبطه بين إثبات الخالق وعدم إثباته !! وهذه نتيجة طبيعية وحتمية جدا لكل مَن سار في نفس طريقه المنافي لابسط قواعد العقل والعلم والمنطق والبداهة !!
=======================
إذن :
ومع تأملنا في الصور التي اخترناها كمثال فقط في هذا المنشور لبعض الغرائب في أشكال الحيوانات – الأسماك خصيصا ومعهم السلمندر البرمائي ذو الذيل الطويل والأطراف الأربعة – نعرف أنه من أطرف الطرافات والنكات أن تحكم على كائن حي بالتطور : عن طريق استغلال بعض صفاته الخارجية أو الشكلية فقط !!! وذلك لأن له تصنيفا بالفعل غير ما ظننته بجهلك !!
فحتى الأنواع المعروفة : تجدوا تحتها مئات (ما تحت الأنواع) !! هذا تنوع هائل جدا وغريب !!
ولم يقل عاقل أن السمكة الطائرة (والتي زعانفها على شكل جناحين تقفز بهما خارج الماء) هي حلقة وسطى بين الأسماك والطيور !! ولا قال عاقل : لماذا لم تتطور ؟ لأنه من ساعة ظهورها في السجل الأحفوري من ملايين السنين وهي كما هي إلى اليوم لم تتغير ولم تطير !!
وكذلك سمكة الراي الشهيرة والتي ترفرف بطرفيها الشبيهان بالأجنحة تحت الماء : وتستخدمهما أيضا للقفز عاليا خارج الماء !!
ونرى أعاجيب في شكل رؤوس بعض الأسماك كسمكة السيف وسمكة المنشار وسمكة المطرقة وكل منهم خلقه الله تعالى مناسبا لطبيعة عيشه وما يفترسه في قاع المحيطات والبحار (حيث لكل عضو من أولئك صفات خاصة جدا يستطيع تحديد أماكن فريسته والاستدلال على طرقه في الظلام الحالك) !!
وكذلك السلمندر هو من البرمائيات : والبرمائيات لها صفات خاصة بها تجعل كل محاولات ربطها بخرافات التطور وكونهم أسماك أو زواحف : تفشل وكما سنرى فيما بعد !!
حيث غدا بعون المولى عز وجل سنعرض عليكم جدول لأهم الفروقات بين الطوائف الشهيرة :
الأسماك – البرمائيات – الزواحف – الطيور – الثدييات
ثم سنرى في المنشورات القادمة بعد ذلك اعتراف العلماء – حتى التطوريين أنفسهم – بظهور كل أنواع الكائنات الحية في السجل الحفري التاريخي والجيولوجي : فجأة !! بكامل مواصفاتها !! ثم ثباتها كما هي إلى الآن بعد ملايين السنين وفق حساباتهم الزمنية !!