أوراق الشتاء تلهم المهندسين
عند حلول الشتاء، وعندما يشتد البرد في منطقة ما على هذا الكوكب تكتسي أسطح كثيرة بالصقيع الذي يُعطي الأشجار مظهر العروس يوم عرسها، وإذا ما تمعّنا عن كثب توزّعَ ذلك الصقيع على أوراق الأشجار والشجيرات رأيناه موزعاً على سطحها بانتظام، هل لاحظت ذلك من قبل؟
كلنا رأينا أوراق الأشجار من قبل، فهي موجودة بأشكال وأحجام متباينة، لكن شيئاً موحَّداً نراه فيها، وهو تلك التفرعات التي تُدعى “العروق” وهي تشبه الأخاديد، تَقسِم الورقة، وتشكل لوحة فنية بصور مختلفة تَهَبُ الورقة جمالها، وبينها تتشكل “قمم” تعطي الورقة بُنية سطحها.
وإذ يتكون الصقيع على تلك السطوح تكتسي القمم به، ولا يجد الصقيع له مكانا في تلك “العروق”.
وليست “العروق” التي نراها بعيننا المجردة وحدها التي لا تجد الصقيع كاسيا لها، فحتى العروق صغيرة الحجم هي الأخرى لا نرى الصقيع عليها إذا استعملنا عدسة لرؤيتها.
كل هذا إضافة إلى الطبيعة الخشنة للورقة على المستوى الدقيق ألهم مهندسين من جامعة (نورث ويسترن) تصميم بُنًى لأسطح تحاكي بنية أوراق الأشجار.
تخيل كم من الأسطح والآلات التي تُغطّى بالصقيع في يوم قارس، مما يؤثر عليها أو على عملها، (وعلى سبيل المثال قد تضطر طائرة للهبوط بسبب هذا)، وهذا ما دعا الباحثين من وقت طويل للبحث عن أسطح يُزال الصقيع عنها في أسرع وقت، وبأقل طاقة مستهلكة لفعل ذلك، وهذا ما وجده هؤلاء العلماء في بنية الأوراق، إذ يمكن نظرياً تقليل تكوّن الصقيع بنسبة قد تصل إلى 80% على أسطح تشابه بنيتها بنية الورقة.
وتفسير وجود هذه الميزة فيها أن الهواء الرطب(المتكاثف) عندما يلمس سطحاً درجة حرارته أقل من درجة التجمد يتشكل الصقيع كما في “قمم” الأوراق، وأما في عروقها فلا يتشكل لأنه عندما يُلامس الهواء سطح العروق يتبخر، وتبقى العروق بلا صقيع، وعندما استعمل العلماء سطوحا جاذبة (أو محبة) للماء بقي الصقيع لا يتشكل على عروق أو أخاديد تشابه بنيتها بنية الورقة، وهذا يدل على الهندسة البديعة لسطح الورقة (وهو ربما ما لم يحلم المهندسون يوماً بابتكاره بأنفسهم!).
وحتى يجد هؤلاء المهندسون سطوحاً تمنع تشكل الصقيع؛ فإن أفضل البنى كانت مرتبة على هيئة عروق (أو أخاديد) وقمم بزوايا 40 إلى 60 درجة بينها، وأي تصميم أفضل إن نبحث عن مثل هذا إلا في مخلوقات الله!
المصدر:
https://phys.org/news/2020-03-leaf-inspired-surface-frost-formation.html