مَن مِنّا يحب أن يكون كاسفنجةٍ تمتصُّ الأكاذيب دون أن يدري؟و ضحيةً لأفكار تغير رؤيته لأُمور الحياة في مجتمعه و عمله بل عالمه بأسرِه؟!
لا أحد طبعاً.. اذاً,تحقّق من المصدر!
ما ان زاد وعي شبابنا باهمية العلم لتطوير الامم حتى تكاثرت صفحاتٌ و مواقع علمية عربية على الانترنت على مدى السنين لرفده بالمعلومات العلمية او( ظاهريا علمية لنكون ادق).و لكن للاسف لن يكون كلها علميّاً احترافياً ,فبعضها بل و الكثيرُ منها يستغلُّ نقطةً مهمة لتمرير افكاره و فرضها على من يثق به (باسم العلم) .. و لا بد من مواجهة انفسنا و بكل وضوح بهذه النقطة:
بأنّ القاريء لا يتحقق من صحة الخبر,في كثير من الاحيان..هل هناك مصدر او مرجع لمعلومة ما؟ما مدى قوة المصدر علميا؟ما مدى مطابقة المعلومة مع المصدر؟و هل تم تحديث المعلومة بمرور الزمن
فتجد بعض الصفحات تستغبي متابعيها(نقولها بحسرةٍ للأسف)ببهرجةِ التصاميم أو المواضيعِ الاباحية(تلميحاً او تصريحاً) او ما شابهها مما يلغي العقل (كالترويج للحشيش و الخمر) ,فلا يبقى من القاريء الا نسخةً مشوّهةً من نفسه.
الامثلةعلى التدليسات كثيرة ,نذكر من بينها ما رصدناه اليوم من خبر نشرته احدى الصفحات المنغمسةُ بنشر الاباحيةِ باسم العلم ,و نترك لكم الحكم:
– مفاد الخبر:
((تشير دراسات حديثة إلى أنّ دموع الإناث تحتوي على فيرومونات (وهي مواد كيميائية يفرزها الجسم وتحدث تأثيرات مختلفة عند شمها من قبل الأشخاص المحيطين)، وهذه الفيرمونات تخفض من مستوى التيستوسترون (هرمون الذكورة) لدى الذكور المحيطين بهنَّ، مما يفسر دور بكاء الأنثى في تخفيف عنف الذكور المحيطين بها وجعلهم أقل عدواناً “))
مع ارفاق المصدر الاتي:هنا
و المتابع لهم هنا نوعان,اما ان يمر عليه الخبر( و يبقى الاثر!) ,او ان يتعامل مع الخبر بعقليةٍ علميةٍ فاحصة و يتحقّق من المصدر.
..و اليكم الان مثالاً عن التحقق من المصدر بشكل اسالة و اجوبة :
1-هل المصدر يتوافق موضوعُه الأصليّ مع المعلومةِ التي نشروها؟
ج/لا..الموضوع مختلف تماماً,فهو يتحدث عن فكرة انشاء بنك لجمع الدموع البشرية و حفظها بطرق مناسبة لتسهيل اجراء دراسات عليها مستقبلا.
2-هل ورد ذكر المعلومة فيه؟
ج/نعم ,و بالنص الاتي:
Sobel,who is based at the Weizmann Institute of Science in Rehovot, discovered in 2011 that women’s tears contain pheromones that lower the testosterone levels of nearby men
اذا,فالموضوع يتحدث عن عام 2011 ,(ليس حديثاً ! )على يد باحث اسمه (نوام سوبل)..
3-اين مصدر دراسة 2011 ؟ هل يؤكد الفكرة
ج/لا يوجد, عليك البحث عنه و ايجاده… احضرناه لك من نفس الموقع : هنا . هنا
ها قد بدأَ الأمر يتّضح…
-الروابط تتحدث عن (تجربة) أُجريت على 24 رجلاً فقط, عندما استنشقوا دموعاً تمّ جمعها من امرأتين( عُرِض عليهما فيلم حزين) ,و هي قديمة تعود ل 2011(ليست دراساااات حديثة كما يقولون! )..و حتى أن العنوان من الموقع نفسه يقول عن تاثيرها ( (subtly – اي بمقدار ضئيل )
ناهيك أنّ استنشاقَ الدموع كان عن قُربٍ من مصدرِ تجميع العينة ,و ليس بالمسافة الاعتيادية بين الشخصين.
4-هل تم تحديث المعلومة بعد ذلك؟
ج/نعم,فبعد 3 سنوات(اي مقال يعود ل2014) ,و من نفس الموقع : هنا
,ستجد عبارات عدم تاكد المعلومة تملأ المقال,و ابتداءا من العنوان:
Scientists are still unraveling nature’s secret olfactory signals
(لم يكتشف العلماء حتى الان سر الطبيعة حول الاشارات الشميّة)
Yet despite half a century of research into these subtle cues, we have yet to find direct evidence of their existence in humans.
(لكن رغم نصف قرن من الابحاث حول هذه الاشارات الضئيلة,لم نكتشف بعد دليلا مباشرا على وجودها عند البشر)
The Trouble with Humans
(مشكلة الموضوع عند البشر-هذا عنوان فقرة )
But there is no evidence of a consistent and strong behavioral response to any human-produced chemical cue
(لكن لا يوجد دليل على استجابة سلوكية ثابتة و قوية لاي مادة كيميائية بشرية)
Today, however, our reactions seem to be much subtler—and harder to detect—than those of a silk moth
(في الوقت الحال- على اية حال-فان ردود افعالنا تبدو اكثر ضالة بكثير و اصعب اكتشافا مما يحدث عند فراشة الحرير)
For now, the idea of perfumes and potions based on human pheromonal communication just doesn’t pass the sniff test
(و الان,فكرة انتاجِ عطورٍ و تعويذاتٍ معتمدة على التواصل البشري الفيروموني هي ببساطة لا تتجاوز (اختبار )الشمّ-يقصد ما جرى في 2011 )
و هذا مصدر اخر من موقع جيد لعام 2016 ,و يوضح ايضا كيف قامت الشركات بالترويج لهذه الفكرة الواهية لأهداف ربحية بعيدة عن العلم الحقيقي: هنا
According to thousands of websites that promise sexual conquests if you buy their
pills, human pheromones exist – bear in mind that their aim is to get you to buy their products. However, most proper, well-controlled scientific studies have failed to show any compelling evidence.
(طبقاً لآلاف المواقع التي تَعد باخضاعٍ جنسي في حالِ اشتريتَ الحبوب منهم-فانّ الفيرومونات موجودة-لكن,ضع باعتبارك ان هدفها هو جعلك تشتري منتجاتها.و على كلّ حال,فان أفضل الدراسات علمياً قد فشلت في اثبات أي دليلٍ على وجودها! )
Overall, evidence for the existence of pheromones in humans is weak but it can not be ruled out entirely. If human pheromones are ever found, the likelihood is that their effects are incredibly subtle.
(و في النهاية,فان دليل وجود الفيرومونات عند البشر ضعيفٌ لكن لا يمكن اهماله كليّاً.و ان وجدت في أي وقت فان احتمالية تاأثيرها ضئيلةٌ بشكلٍ فظيع)
و الأدهى من كلِّ هذا- و هو ما اردنا ان نؤكد عليه هنا – أنّ المنشور نال آلاف الاعجابات و مئات التعليقات و المشاركات دون أن ينتبه القاريء العربيّ لما يجري عليه من تمريرِ فكرةٍ خاطئة عن هرمونٍ شبه خياليّ و أشهرُ ما يُشاع عنه بين الشباب هو ارتباطه بالاباحية!
لم ينتبه الا الندرة من المعلّقين !.
لذلك,لكي لا تكونَ من القطيع: تحقّق من المصدر !
.