أُعجوبة الجسم في استخراج الطاقة من السكريات
عند تناولك للسكريات، هل تساءلت يومًا كيف يقوم الجسم بالتعامل معها؟ وما هو مصيرها؟ وهل الأمعاء تقوم بامتصاصها فقط وانتهى الأمر؟ ماذا يستفيد منها الجسم لاحقًا؟ كيف يستخدمها؟ وكيف يستخلص الطاقة منها؟
وما علاقتها بزيادة الوزن؟ نحن نأكلهُ سكرًا، فكيف يصبح شحمًا؟ ما الذي يحدث في الداخل؟ هذا ما سنوضحه فيما يأتي إن شاء الله:
تُسمى السكَّريات بـ “الكربوهيدرات”(Carbohydrat
وتوجد أساسًا في الأطعمة النشوية؛ مثل الخبز والمعكرونة والأرز، بالإضافة إلى وجودها في بعض المشروبات مثل عصائر الفواكه. لكن كيف؟ المعكرونة والأرز ليست ذات طعمٍ حلو! فكيف تكثر فيها السكريات؟ ليس بالضرورة أن كلَّ طعامٍ ليس مذاقهُ حلوًا يعني أنه خالٍ من السكريات، ففي مثل الحالة السابقة تكون السكريات متصلة ببعضها البعض ما يمنع ظهور طعمها الحلو.
فتُصنف وفقًا لتجمع وحدات السكريات في الجُزيء الواحد. فمثلًا يُعدُّ الغلوكوز والفركتوز والغالاكتوز أمثلة بارزة على السكريات الأُحادية.
ويعدُّ السكروز (سكر المائدة) واللاكتوز (سكر الحليب) من أشهر الأمثلة على السكريات الثنائية (يتكون كلٌ منهما من جزيئتي سكر متحدتين مع بعضهما).
أما النشاء الموجودة في البطاطا والأرز مثلًا فيتكون من سلسلة طويلة من السكاكر المتحدة مع بعضها.
– ملاحظة: تتخفى السكريات أحيانًا بأسماء لا يعرفها الناس، ولمعرفة المزيد عن هذه الأطعمة ذات السكر المتخفي شاهد الفيديو، ورابطه في التعليقات.
–
أولًا: مُعضلة السلاسل:
لا يستطيع الجسم الاستفادة من السكريات وهي مرتبطة ببعضها. لذا عليه تفكيكها. فخلق الله فيه نظامًا يعمل على ذلك. وهو ليس ببسيط؛ بل هو عبارةٌ عن أنزيماتٍ مخصصة تقوم بتفكيك جزيئات السكاكر المتصلة فقط، دون غيرها من البروتينات والشحوم. فتتعرف عليها وتشطرها.
1- المضغ: تبدأ العملية بقيام الفم بتقطيع الطعام في الفم، وذلك له أهميته لتتمكن الأنزيمات من العمل عليها لاحقًا. حيث تقوم الأنزيمات بالعمل على المستوى الجزيئي.
2- الأميلاز اللُّعابي: أنزيم الأميلاز Amylase Enzyme الذي تفرزه الغدة النُكافية في المرحلة الأولى (ويفرز في مراحل لاحقة أيضًا)، والذي يقوم بتحليل النشاء إلى سكاكر أبسط يمكن امتصاصها.
ثانيًا: الحصول على الطاقة:
بعد أن تصل الكربوهيدرات المهضومة بشكلها الأحادي إلى الأمعاء الدقيقة يجري امتصاصها إلى مجرى الدم، بعد ذلك يسلك الغلوكوز سبيل تحلل السكر (Glycolysis) للحصول على الطاقة. وسنشرح هذا في مقال لاحق بإذن الله.
ثالثًا: التنظيم والإدارة:
– إن كان هناك فائض؛ فسوف يجري تحويل الغلوكوز إلى غليكوجين Glycogen وهو من السكريات المتعددة والذي يُخزن في الكبد والعضلات لاستعماله لاحقًا عند الحاجة. وهو مصدر طاقة متاح بسهولة للجسم.
يجري تخزين الغليكوجين حتى حدٍ معين، بعد ذلك يلجأ الجسم إلى تحويل الفائض من الغلوكوز إلى حموض شحمية، شحوم ثلاثية، كوليسترول، ستروئيدات، وأملاح الصفراء (كيف هذا؟!! سنشرح هذا في مقال لاحق بإذن الله، حتى لا تملوا من طول المقال).
– أما إذا كان الجسم بحاجة إلى الطاقة، فإن الغلوكوز يسلك سبيل تحلل الغلوكوز، والذي له طريقان بعد تحلله للبيروفات، حسب توافر العناصر اللازمة:
1- فإما الحصول على كميات كبيرة من الطاقة من خلال الدخول في التحلل الهوائي (االتنفس الخلوي Aerobic Respiration).
2- أو الحصول على كمية قليلة من الطاقة والدخول في التحلل اللاهوائي (التنفس اللاخلوي Anaerobic Respiration) بعد عملية تحليل سابقة.
وطبعًا هذا يتبع وِفرة الأكسجين من عدمها. فعندما يكون الأكسجين محدودًا، أو غير موجود تدخل البيروفات السبيل اللاهوائي لتتحول إلى حمض اللاكتيك (حمض اللبن). يحدث هذا التفاعل في الخلايا عندما يقل فيها الأكسجين أو في الخلايا التي لا تحتوي على المتقدرات مثل الكريات الحُمر.
أما إذا كان الأكسجين متوافرًا فإن البيروفات يدخل إلى المتقدرة (Mitochondria) ليتحول إلى أستيل التميم Acetyl CoA) A) ومن ثم تبدأ تفاعلات ما يسمى بحلقة كريبس(Krebs Cycle) والتي ينتج عنها كميات كبيرة من الطاقة وينتج أيضًا ثنائي أكسيد الكربون CO2.
مما سبق، نُدرك عظمة تصميم جسمنا، ومدى تعقيد ودقة عمليات استخلاص الطاقة من السكريات التي تجري بداخله، والتي لم نستطع نحن البشر بعد بكل ما أوتينا من علم حتى الآن، وبتضافر جهودنا في أنحاء العالم أن نقوم بمثلها وبمثل دقتها لنصل للمستوى الجزيئي.
وهي تجري وفقًا لتسلسل من المراحل المرتبة والمنتظمة والتي يشرف على كل منها إنزيم أو مجموعة من الإنزيمات، فأيُّ عوزٍ في أحد هذه الإنزيمات يؤدي إلى أمراض تتراوح خطورتها ما بين الخفيفة والشديدة.
فالحمد لله على نِعَمِه.