إدارة الوقت
لا شك أن الوقت صار أحد أهم موارد المنظمات الحديثة بل أهمها على الإطلاق، فكان لزامًا عليها أن تخصص مكانًا له في استراتيجيتها المستقبلية، فامتلاكها الوقت بمثابة امتلاك سلاح جوهري يمكن المنظمة من النمو والبقاء والاستقرار، ويعتبر مفهوم “إدارة الوقت” من المفاهيم الحديثة في العلوم الإدارية.
إن مفهوم “إدارة الوقت” هو فن وعلم الاستخدام الرشيد للوقت، وهو علم استثمار الزمن بشكل فعال، كما أنه عملية قائمة على التخطيط والتنظيم والتنسيق والتحفيز والتوجيه والمتابعة والاتصال، وتنبع أهمية إدارة الوقت من حيث أنه يساعد المدير في تنفيذ مهامه وأعماله الهامة بأقل جهد وأقصر وقت بعد تحديد الأولويات، كما تمكنه من استثمار الوقت الضائع واستغلاله بالشكل الأمثل، وتعتبر إدارة الوقت وسيلة ناجحة للتغلب على الإجهاد والإحباط الذي يقلل من كفاءة العمل لديك.
• للوقت أنواع كثيرة ومتشعبة، يصعب حصرها أو تحديدها بسهولة، وذلك كون استثمار الوقت يختلف من فرد لآخر، ومن منظمة لأخرى ، كذلك يختلف بين التجمعات والأمم والشعوب، ومن بين التصنيفات نذكر:
1- وقت الضياع: وهو الوقت الغير مستغل لتحقيق هدف محدد مفيد، إما لأن الشخص أو الكيان المعني لا يعرف قيمة الوقت، أو لأن الشخص لا يمتلك هدفًا معينًا يسعى لبلوغه في ذلك الوقت.
2- الوقت الضائع: وهو الوقت الغير مستغل بشكل صحيح، مع وجود رغبة لدى الأفراد باستغلاله.
3- وقت التخطيط: وهو أثمن أنواع الوقت وأرقاها، لأنه يعد بمثابة صمام أمان ضد أي شكل من أشكال إضاعة الوقت.
4- الوقت التسهيلي: وهو الوقت الغير مخصص بشكل مباشر لإنجاز عمل معين، بيد أنه يسهم في إنجاز العمل أو تسهيل الوصول إلى أهدافه. فالأعمال مثلًا لا تنجز من فراغ وإنما هي حصيلة تفاعلات مباشرة وغير مباشرة، بمعنى آخر يخصص الوقت التسهيلي للقيام بنشاطات فرعية عامة أو مكملة للنشاطات الرئيسية.
5- وقت الإنجاز (الوصول للأهداف المرسومة): ويمثل المدة الزمنية المستغرقة في الوصول إلى الهدف بفعالية وكفاءة عاليتين، ولأن الوقت يتسم بالمحدودية العالية فقد اقتضت الضرورة الموازنة بين وقت الإنجاز (الوصول للأهداف المرسومة) وبين الوقت المخصص للأغراض التسهيلية أو التخطيطية.
6- وقت المتابعة: يعد وقت المتابعة حاسمًا في العديد من منظمات الأعمال، والتي لا تكتفي بإنجاز العمل (سواء كان خدميًا أو إنتاجيًا) وإنما تحرص أيضًا على متابعة ردود الأفعال حول إنجازاتها.
• يمكن إجمال العوامل التي تسبب ضياع الوقت بالعوامل الشخصية: مثل الحالة الصحية والتعب والكسل والتأجيل والحالة النفسية وعدم الانضباط الذاتي والشعور بالملل أو الاستمتاع.
وبالعوامل الاجتماعية: مثل العادات والتقاليد، والعادات السلبية، والصراعات الداخلية في المؤسسة، والعوامل البيئية كازدحام الطرق والظروف المناخية. وكما أن هناك مضيعات للوقت فإن هناك بعض الخطوات الأساسية للسيطرة على تلك المضيعات، والتي تتمثل بـجمع البيانات لفهم طبيعة مضيعات الوقت والتعرف على الأسباب المحتملة لكل مضيعة وتحديدها؛ هل هي من المدير نفسه أم من الآخرين أم من البيئة المحيطة، واقتراح الحلول الممكنة، وهذا يتطلب مناقشة كل مضيعة على حدة، والاستعانة بالموظفين، وتشجيع جلسات العصف الذهني للتعرف على مقترحات الحل وتطويرها إلى حلول قابلة للتطبيق لمواجهة تلك المضيعات واختيار أجدى الحلول، وأخيرًا تنفيذ الحل المختار ثم تقييم الحل.
• تجدر الإشارة إلى أن هناك أنواعًا من الناس يختلفون في تعاملهم مع وقتهم المتاح، وهذه الأنواع هي:
المضيع للوقت: هو الذي لا يدرك أهمية الوقت، أو غير قادر على بذله فيما يفيده شخصيًا أو ينفع غيره من الناس.
المستخدم للوقت: وهو الذي يقوم بأنشطة معينة في الوقت المتوفر لديه، ولكن تعامله مع الوقت يقتصر على مجرد شغله حتى لا يكون عاطلًا.
المستفيد من الوقت: هو الذي يستفيد بدرجة أعلى من مجرد استخدام الوقت، فينفق الفرد وقته في شيء أنفع له ولغيره.
المنجز: هو الذي يحقق بدقة نتائج معينة أو يصل إلى أهداف محددة واضحة، من خلال الأنشطة والمجهودات التي يمارسها فيوقته المتاح.
• أساليب إدارة الوقت في المنظمات:
هنالك العديد من الأساليب الإدارية الأخرى التي يمكن الاستفادة منها في استغلال أفضل للوقت لدى مديري المؤسسات، ومن أهم الأساليب الفعالة لإدارة الوقت:
– الإدارة بالأهداف: ويقوم هذا الأسلوب على مبدأ تحقيق الأهداف بغض النظر عن درجة الالتزام بالقوانين واللوائح الداخلية، وهو الأسلوب الوحيد الذي يساعد على تحقيق القوة الذاتية والمسؤولية لدى الأفراد، وينمّي روح الفريق في المؤسسة.
– الإدارة بالثقة: ويقوم هذا الأسلوب على مبدأ بناء الثقة بين الإدارة والأفراد العاملين في المؤسسة، من خلال إبرام عقد أدبي غير مكتوب بين الطرفين، ويعتمد نجاح الأسلوب على مدى تحقق مجموعة من التوقعات الإيجابية من الطرفين منها توقعات سلوكية، وتوقعات خاصة بالأفراد، وتوقعات إصدار الأحكام.
– الإدارة بالتخويف: هذا الأسلوب يقوم على مبدأ إشاعة الخوف بين العاملين في المؤسسة، كوسيلة لضبط بيئة العمل، وضبط سلوك الأفراد وأدائهم في العمل داخل المؤسسة، ويتولد عن هذه الفلسفة غالبًا الإحساس بالخوف وعدم الرضا، وتدني مستوى الإدارة، وسوء في العلاقات أفقيًا ورأسيًا بين العاملين في المؤسسة.
– الإدارة بالتفويض: ويقوم هذا الاسلوب على مبدأ تفويض المرؤوسين للقيام ببعض المهام ومنحهم سلطة اتخاذ القرار، لتحقيق أفضل النتائج بأقل جهد ووقت ممكنين.
وللحقيقة فإن لكل أسلوب من هذه الأساليب السابقة لإدارة الوقت سلبيات وإيجابيات، ولا يتأتّى لنا الحكم عليها إلا من خلال قلة السلبيات وكثرة الإيجابيات، ومعظمها طُبق في إدارة العديد من المؤسسات، فمنها ما حقق أهداف المؤسسة المتوقعة بنجاح كبير، ومنها ما فشل وترك آثارًا سلبية انعكست على المؤسسة.
أخيرًا يمكنك الاستفادة من الخطوات البسيطة التالية لإدارة وقتك على المستوى الفردي بشكل ناجح، حيث تستطيع وضع جدول منظم يتضمن مراجعة الأهداف، والاحتفاظ بخطة زمنية، ووضع قائمة إنجازات يومية، وسد منافذ هروب الوقت، واستغلال الأوقات الهامشية، مع عدم الاستسلام للأمور العاجلة. كما يمكنك عزيزي القارئ أن تضع القواعد التالية أمام عينيك: الوقت هو المال، الوقت لا يمكن استعادته، مقدار الوقت هو نفسه للجميع، يمكن تعظيم وزيادة المنفعة خلال الوقت، ويمكن تضييع الوقت.