إنَّ الانتظار لساعات وساعات أثناء الذُّروة في حركة المرور قد يذهلك، هذا فضلاً عن تكلفته العالية. فالازدحام المروريّ يُكلف الاقتصاد الأمريكي [121] مليار دولار سنويا، ويتمثل ذلك أساسا في انخفاض الإنتاجية، هذا فضلاً عن إنتاج حوالي[ 25] مليار كغم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
يقول أستاذ الأنظمة الآليّة بجامعة كارنيجي ميلون، البروفيسور: [ستيفن سميث] كمشارك في مؤتمر عُقد في البيت الأبيض: « ُيمضي السائقون في أمريكا اربعين في المائة [40%] من أوقاتهم في التوقف في زحام حركة المرور ، والسبب لذلك؛ هو أنَّ الإشارات الضوئيّة التقليديّة ليست بالذكية». ولذلك ؛ طور [سميث] فكرته باستخدام أنظمة مروريّة جديدة تعمل بأنظمة الذكاء الصناعيّ، والتي تقوم بتعديل نفسها تلقائياً حسب حركة المرور، وذلك من خلال شركته التي أطلق عليها (Surtrac ، سورتراك)
ففي اختبار تجريبيّ لهذا النظام في مدينة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا، حقق « نظام إدارة حركة المرور الذكيّة» نتائج باهرة. لقد خفَّض النظام وقت القيادة بنسبة خمسة وعشرين في المئة [25 % ] ،والانتظار في الزحام بأكثر من في المئة [40 %] . وهذا يعني وقتاً أقلَّ ينفقه السائقون في التحديق للزجاج الأمامي لسياراتهم، والمزيد من الوقت في العمل، مع عائلاتهم، أو القيام بأي شيء آخر مفيد. المقيمون في بيتسبرغ شاهدوا -فعلاً- المشهد الحضاريّ للمدينة يتطور بسرعة، وكيف أنّ تجربة القيادة – على الرغم من تزايد عدد السكان في المدينة – أصبحت أكثر سلاسة نتيجة لهذا النظام المتطور.
يقدر الباحثون أيضا، أنَّ النظام قد ساعد في تخفيض الانبعاثات الكربونيّة بنسبة واحد وعشرين في المئة[21%]. هذا بالإضافة إلى إنقاذ المدينة من تكلفة توسعة الطرق، والتخلص من انتظار السيارات في الشوارع من خلال زيادة الانسياب المروريّ.
إشارات المرور التقليديّة، يتمَّ برمجتها مسبقاً حسب توقيتات يتمُّ تحديثها كلَّ بضع سنوات، لكن, مع تطور أنماط حركة المرور، تصبح هذه الأنظمة التقليديّة غير مواكبة لحركة الطرق الفعليّة بشكل أسرع كثيراً من دورة تحديثها. نظام (Surtrac )، يعتمد بدلاً من ذلك إشارات المرور المبرمجة؛ للتنسيق بشكل وثيق مع بعضها البعض عن طريق أجهزة استشعار راداريّة، وكاميرات في كل إشارة؛ لكشف سير حركة المرور. وتعمل خوارزميّات الذكاء الصناعيّ المتطورة على استخدام تلك البيانات من الأجهزة لبناء خطة توقيت فعَّالة : تتحرك جميع المركبات التي جمع النظام معلوماتها إلى التقاطعات بأفضل وسيلة ممكنة، كما ويرسل النظام تلك البيانات إلى التقاطعات المروريّة التالية حيث يمكنها التخطيط المستقبليّ لحركة المرور بدقة.
وخلافا لأنظمة المرور الذكيّة الأخرى، مثل تلك المستخدمة في لوس أنجلوس، يصف «سميث» نظامه بالتمتُّع باللامركزية؛ ولذلك فإنَّ كلّ إشارة تتخذ القرارات المناسبة حسب التوقيت الخاص بها، مما يجعله نظاماً ذكياً بحق.
بدأ «فريق سميث» بتجربة النظام في تسعة تقاطعات مروريّة في أكثر أحياء بيتسبرج ازدحاماً في عام [2012 ]، وانتشر النظام بسرعة ليغطي خمسين تقاطعاً في عام[2016]، مع التخطيط كي يشمل النظام كل أنحاء المدينة قريباً.
الخطوة التالية في النظام: هي أنْ تتواصل إشارات المرور مع السيارات نفسها. حيث قام فريق العمل فعلاً بتركيب جهاز لاسلكي قصير المدى في [24 ] تقاطعا مروريّا ، وقال سميث:
« إنَّه من المتوقع أنْ يجري بناء نفس الأجهزة في بعض السيارات في عام [2017] ؛ فيمكن عن طريق هذه الخطوة أنْ تُعْلم إشاراتُ المرور السائقين بظروف حركة المرور القادمة، أو إعلامها مستقبلاً، أنْ أضواء المرور على وشك أنْ تتغير؛ مما يُسهم في زيادة السلامة المروريّة وتخفيف الازدحام.
ويمكن عن طريق نظام الاتصالات هذا – بين المركبة والإشارات المروريّة – إعطاء أولوية لمركبات معينة، مثل، مركبات الخدمات ، أو حافلات المواصلات العامة. يفتح هذا النظام أبواباً جديدة للتحكم الانسيابيّ الذكي بحركة المرور، خصوصاً، مع ظهور المركبات آلية الحركة، والتي يمكن استخدامها مع هذا النظام للحصول على تجربة مروريّة استثنائية.
.