بدأنا في المقال السابق ببعض العلامات التي يُستفاد منها في كشف بعض ملابسات الجريمة. بتحديد زمن الوفاة، ووضعية المتوفى بعد وفاته وأمور أخرى. ونتابع معكم اليوم في علامات أخرى. بسم الله نبدأ:
● ثالثًا؛ برودة الموت Algor Mortis:
– من المشاهد المشهورة في السينما أن يمسك شخص ما بيد الضحية ليتأكد من موته فيجدها باردة؛ فيتيقن من موته. وهذا هو الواقع حيث بعد الموت يتأثر الجسد ببرودة الموت، حيث تبدأ الجثة بفقد الحرارة للوسط المحيط، حتى تصبح درجة حرارتي الجسد والوسط المحيط متساويتان -بحسب قوانين الفيزياء- فيبرد الجسد، وهذا فقط في حالة أن الوسط المحيط أكثر برودة من حرارة الجس.
– وفي الواقع، إذا كانت درجة حرارة الوسط المحيط أعلى من حرارة الجسد؛ فإن الجسد تزداد درجة حرارته.
– وتتأثر برودة الموت بعدة عوامل -هذه العوامل قد تغير معدل حدوث البرودة من حالة لأخرى، لكن عامةً يبرد الجسد تقريبًا درجة مئوية واحدة (°C) في الساعة خلال أول 12 ساعة من حدوث الموت، من أهمها:
–
1). درجة حرارة الجسد عند وقت الوفاة.
2). درجة حرارة الوسط المحيط.
3). تختلف سرعة البرودة من جسد إلى آخر، حيث أنه كلما زادت النسبة بين مساحة سطح الجسد إلى كتلته، كانت البرودة أسرع (حيث يبرد جسد الطفل أسرعَ من جسد شخصٍ سمين).
4). وجود الجسد تحت أشعة الشمس أو الظل.
5). الأشخاص السِمَان وزيادة الملابس التي يرتديها الضحية يبطئ من البرودة.
وكل هذه العوامل يأخذها الطبيب الشرعي بالحسبان في تحليله.
● رابعًا، بقع تارديو Tardieu Spots:
– ما هي؟ وما سببها؟
هي بقعٌ نزيفية تظهر على الأجزاء الواقعة تحت الضغط (مثل الأجزاء القريبة من سطح الأرض)، وتحدث نتيجة انفجار الشعيرات والأوعية الدموية بسبب زيادة الضغط نتيجة للجاذبية الأرضية . صورة (5) و(6).
– أين تظهر هذه البقع؟
تظهر بقع تارديو في أماكن زيادة الضغط. مثلًا؛ الأجزاء التي تظهر فيها الزرقة الرِّمّيّة (وقد تحدثنا عنها مُسبقًا)، وأيضـًا تظهر في حالات الشنق في الطرفين السفليين، بسبب زيادة الضغط، حيث يكون الجسد معلقًا بالكامل، والغريبُ أنها قد تظهر أيضـًا في العين في منطقتي الملتحمة Conjunctiva، والصُلْبَة Sclera، وذلك عند زيادة الضغط في الرأس، مثلًا، عندما يكون الشخص مستلقيًا على السرير ورأسه متدلٍ خارج السرير للأسفل.
● خامسا؛ تفريغ المعدة Gastric Emptying:
– قد تتعجب من هذا العنوان، وتقول في نفسك ما دخل تفريغ المعدة بالطب الشرعي وبحالات الوفاة؟ وكيف يُعدُّ ذلك مؤشرًا يعتمد عليه الأطباء الشرعيون في تحديد زمن الوفاة؟ تابع معنا التفصيل لتعلم ذلك.
– يشير تفريغ المعدة إلى عملية الهضم بعد تناول الوجبة، وعادة تستغرق عملية الهضم وقتًا يُقدَّرُ من 30 دقيقة إلى 6 ساعات معتمدًا على حجم ومكونات الوجبة، والتوتر قد يبطئ عملية التفريغ.
– يجبُ أن يكون فحص محتويات المعدة جزءًا من أي عملية فحصٍ للجسد بعد الوفاة ،حيث نستطيع بصورة غير مباشرة حساب الوقت الذي مر منذ الوفاة. كيف ذلك؟
وذلك بالاعتماد على حالة الطعام في المعدة (درجة هضم الطعام في المعدة والذي يعد مؤشرًا على الوقت الذي قضاه الطعام داخل المعدة قبل الوفاة) وهل أفرغت المعدة طعامها أم لا. وبمعرفة الوقت الذي تناول فيه الضحية آخر وجبة له قبل الوفاة سيُمكننا ذلك من تقدير الوقت التقريبي الذي توقفت فيه المعدة عن الهضم عند الوفاة.
● وختامً؛ نستنتج مما ذكرناهُ آنفًا أن هناك طرقًا عدة لتحديد زمن الوفاة منها:
– ظهور التخشب الموتي من عدمه.
– مدى تطور التخشب الموتي.
– مدى تطور برودة الموت.
– درجة تطور الزرقة الرمية.
– ثبات نمط الزرقة الرمية من عدمه.
– تفريغ المعدة أو درجة هضم الطعام بها.
___________________________________________________________________
وبهذا، ستستطيعون من اليوم فصاعدًا فهم ما يذكره المحققون والأطباء الشرعيون في التلفاز أكثر ? ؛ بل وتفهمون طبيعة الجسم البشري، وحالته بعد نزع الروح منه.