كان صباح يوم السبت 05/05/2018 صباحًا ضبابيًا عندما أطلقت وكالة ناسا الفضائية بنجاح مسبارها المريخي “إنسايت” وذلك من قاعدة “فاندنبرغ” للقوات الجوية الأمريكية الواقعة في الساحل الغربي لولاية كاليفورنيا، وقد علّق (جيم بريدنشتاين – Jim Bridenstine) رئيس ناسا الجديد عن نجاح هذا الإقلاع بقوله: ( إنّ هذا يوم عظيم، حيث سنعود إلى المريخ، إنّ هذه المهمة الاستثنائية تمتاز بقائمة من المهام التي ستُنجز لأول مرة).
ستستغرق رحلة المسبار “إنسايت” أكثر من 6 أشهر قاطعًا حوالي 485 مليون كيلومتر للوصول إلى المريخ، وذلك في مهمة تحمل في جعبتها تجارب تُجرى لأول مرة على الكوكب الأحمر.
تتلخص المهمة الرئيسية لهذا المسبار في الحفر داخل المريخ لعمق 16 قدم (5 أمتار) وهو عمق لم يسبق الوصول إليه، وذلك لقياس درجة حرارة المريخ، كما سيقوم بأخذ قياسات لأول مرة للزلازل هناك، مُستخدمًا مقياس للزلازل حساس جدًا سيوضع على سطح المريخ مباشرة، و قد قال (فيليب لوغنون – Philippe Lognonne) العالم البارز في معهد فيزياء الأرض وهو الذي يقود فريق العلماء المشرف على جهاز قياس الزلازل في المسبار: (سيكون المسبار إنسايت بالنسبة لعلماء الزلازل بمثابة صفحة تاريخية جديدة).
تُعتبر دراسة كوكب المريخ هامّة كونه مثاليًا لمعرفة كيف تشكلت الكواكب الصخرية قبل 4.5 مليار سنة، وأنّه على عكس الأرض فإنّ المريخ لم يتغير منذ نشأته بفعل العوامل التكنونية أو أي عوامل تغيير أخرى أثرت على قشرته،
يعلم العلماء بأنّ لدى المريخ لُب من الحديد وأيضًا لديه قشرة ولكن ما عدا ذلك فإن الجزء الداخلي غير معروف أبدًا للعلماء.
لقد حمل الصاروخ “أطلس 5” المسبار “إنسايت” وإلى جانبه زوج من الأقمار الاصطناعية الصغيرة من فئة (CubeSats) بحجم حقيبة السفر، حيث ستذهب إلى المريخ مع المسبار (إنسايت) محاولةً أن تقوم بدور حلقة اتصال بين المسبار وبين الأرض، إنّ الاسم المستعار لهذين القمرين هما (WALL-E) و (EVE) وهما مستوحيين من فيلم الكرتون الذي أُطلق في عام 2008، سيؤدي نجاح هذين القمرين في مهمتهما إلى المضي قدمًا في العديد من التطبيقات الأخرى لاستكشاف ودراسة نظامنا الشمسي.
يحتوي المسبار ثلاثي الأرجل “إنسايت” والبالغ كلفته حوالي 800 مليون دولار على عدّة أجهزة علمية تُرسل لأول مرة للمريخ منها مقياس للزلازل، وأيضًا حفار ذاتي العمل يحفر عميقًا تحت سطح المريخ، ونظام راديوي يقوم لقياس الدوران الكوكبي للمريخ والذي سيساعد في تحديد حجم وتركيب نواة المريخ، ومن المخطط أن يستمر في عمله لمدة سنة مريخيّة واحدة أو ما يعادل سنتين على كوكب الأرض.
لم تُرسل وكالة ناسا أي مركبة لسطح المريخ منذ هبوط المسبار (كيوريوسيتي) في عام 2012، حيث تُعتبر الولايات المتحدة البلد الوحيد الذي استطاع بنجاح إرسال وتشغيل مركبة على سطح المريخ،
إنّ هذا الأمر معقد جدًا، حيث أنّه لعقود خلت فإنّ نسبة 40% فقط من المهام التي أُرسلت من دول العالم نجحت بالوصول لمدار حول المريخ أو الهبوط على سطحه.