احمد محي الدين بيري “بيري الريس” عالم البحر والحرب :الجزء1-
هو أحد العباقرة العثمانيين في القرن السادس عشر، كان بحاراً وراسم خرائط.
يعرف بيري ريس بأنه: أدميرال بحار، وراسم خرائط عثماني، عاش في القرن السادس عشر ميلادي. له خريطة مشهورة أُكملت عام ١٥١٣، واكتشفت عام ١٩٢٩ في قصر طوبى کابى ”الباب العالي“ في اسطنبول، وهي أقدم خريطة تركية معروفة يظهر فيها العالم الجديد ”أمريكا“، كما أنها إحدى أولى الخرائط على المستوى العالمي التي تظهر بها أمريكا.
يظهر في نصف الخريطة السواحل الغربية لكل من أوربا وشمال أفريقيا، كما يظهر الساحل الشرقي للبرازيل، و يظهر أيضًا المحيط الأطلسي وجزره، بما فيها الكناري وجزر الآزور بدقة عالية.
هذا المقال سيناقش إنجازات الأدميرال ريس من خلال الخريطتين اللتين رسمهما، كما كتابه ”كتاب البحرية“.
المقدمة:
اشتهرت البحرية العثمانية بمجدها العسكري حتى القرن الثامن عشر لأسباب عدة، منها أن الجغرافية المائية كانت مدروسة بدقة من المنطقة الكائنة غربي البحر الأبيض المتوسط وحتى المحيط الهندي، بما فيه منطقة مضيق هرمز. ترتبط الإنجازات العثمانية بتوسيعهم دراسة علم الجغرافيا ليشمل علم الإبحار. من جهة أخرى فإن بعض المؤرخين يتحدثون عن قصص مثيرة قام بها البحارة العثمانيون خلف المحيط بدءًا من نهاية القرن الخامس عشر، إضافة إلى ذلك فبعض العلماء يسلط الضوء حديثاً على إسهامات العثمانيين في تطوير علم رسم الخرائط والإبحار, لاسيما تلك الخرائط الخاصة بالمنطقة المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط وتلك التي رسمها بيري ريس.
ومن المذهل أن الخرائط وعلوم الإبحار العثمانية في القرن السادس عشر؛ قد وثقت بشكل جيد من قبل الخبراء. وقد دوَّنوا أن بيري ريس قد قدم خريطته الشهيرة تلك إلى السلطان سليم الأول عام ١٥١٧. وبذلك يكون السلطان قد استلم تفاصيل دقيقة حول خريطة أمريكا كما شروحات عنها، وذلك قبل العديد من حكَّام أوربا. كما اشتملت ملاحظات دقيقة حول جنوب أفريقيا والالتفاف حولها.
بعد سنة من ذلك أضيف ريس إلى ذلك العمل الرائد بغية قطع شوطٍ طويل في تصحيح الانطباع العام، وإعطاء جودة في شروحات الدولة العثمانية حول العالم الجديد، واستكشاف تلك المناطق على غرابتها وتنوعها وثرواتها.
إن الاسم الكامل للأدميرال هو: الحاج محي الدين بري بن الحاج محمد. أما لقبه ريس فقد أخذه من مهنته كأدميرال ”بحار“. ولد في الفترة بين ١٤٦٥-١٤٧٠ في جاليبولي على شاطئ بحر ايجه وتوفي عام ١٥٥٤-١٥٥٥ .
في نهاية القرن الخامس عشر عين بيري موظفًا للبحرية وذلك قبل أن يصبح أدميرالًا مشهورًا، إضافة لكونه جغرافيًا وراسم خرائط.
كان موظف بحرية تحت قيادة عمه البحار كمال ريس وذلك لفترة محدودة . شارك فيها في عدة معارك بحرية وانتقل بعدها ليحارب مع القائد المشهور خير الدين باربروسا. وشاركه معاركه ضد البحرية الإسبانية والبندقية وبحرية جنوى. تضمنت معركة ليبنتو الأولى في العام ١٤٩٩ ”معركة زونشيو“، ومعركة ليبنتو الثانية عام ١٥٠٠ ”معركة مودن“. وفي نهاية المطاف قاد الأدميرال بيري أسطولًا ليحارب البحرية البرتغالية في كل من البحر الأحمر والمحيط الهندي.
في الفترة الممتدة بين هذه الأحداث العسكرية، وبعد وفاة عمه كمال ريس عام ١٥١١، عاد إلى جاليبولي ليضع أولى خرائط العالم عام ١٥١٣، ثم ألّف نسختين من كتابه ”كتاب البحرية“ الأولى عام ١٥٢١، والثانية عام ١٥٢٥، بعدها ذكر أنه عازم على رسم خريطته العالمية الثانية عام ١٥٢٨-١٥٢٩. ودخل في فترة صمت اعتبارًا من هذا العام حتى منتصف القرن السادس عشر، حيث نصب قائدًا للأسطول العثماني في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
في عام ١٥١٦ كان الأدميرال بيري بمثابة قائد أسطول في البحرية العثمانية، وقد أخذ دورًا في الحملة ضد مصر في الفترة ١٥١٦-15١٧، وفي العام ١٥١٧ كان جاهزاً لعرض خريطة العالم التي رسمها على السلطان سليم الأول.
وأنهى كتابه ”كتاب البحرية“ عام ١٥٢١، وبعدها بعام حاصر جزيرة رودوس ضد فرسان سانت جون، وانتهت مع حلول ٢٢ كانون الأول عام ١٥٢٢، حيث غادر الفرسان جزيرة رودوس.
في عام ١٥٢٤ قاد السفينة التي أقلت الصدر الأعظم ”مقبول إبراهيم باشا“ إلى مصر، وبعد انتهاء مشاورة الصدر الأعظم أجرى تعديلات على كتاب البحرية وكان جاهزًا لتقديمه إلى السلطان في العام ١٥٢٥، وبعد ثلاثة أعوام لاحقة قدم خريطته الثانية إلى السلطان.
في عام ١٥٤٧ كان بيري قد بلغ مرتبة الأدميرال، وكان قائدًا على الأسطول العثماني لولاية مصر والممتد في البحر الأحمر والمحيط الهندي وذلك من مقره الكائن في السويس. في ٢٦ شباط ١٥٤٨ استعاد الأدميرال عدن من القوات البرتغالية التي سيطرت عليها. وفي عام ١٥٥٢ حرر كلًا من مُسقَط وجزيرة قيش اللتين كانتا محتلتين من القوات البرتغالية منذ عام ١٥٠٧. ثم اتجه إلى الشرق قليلًا فحارب في الخليج العربي وسيطر على جزيرة هرمز في مضيق هرمز، وعندما حاول البرتغاليون السيطرة على موانئ الخليج العربي؛ سيطر بيري على كل من قطر والبحرين وحرم البرتغاليين من إنشاء قواعد لهم في منطقة الخليج العربي.
يذكر بأن العديد من السفن والغواصات التركية قد سميت تيمنًا باسمه.
إنتظروا تفاصيل أخرى مشوقة في باقي الأجزاء