اكتشاف جديد قد يتيح للعلماء جعل العلاجات المناعية للسَّرطان أكثر دقَّة
في #دراسة جديدة نُشرت في مجلة (ساينس) العلمية، حدَّد باحثون من معهد أبحاث السَّرطان في المملكة المتَّحدة طريقة جديدة لزيادة دقَّة العلاج المناعي للسَّرطان، وهو نوع من العلاج الذي يُعزِّز جهاز المناعة في قتال السَّرطان وتدميره.
ويُحدِّد البحث طريقة جديدة يمكنها أن تساعد جهاز المناعة في تحديد الخلايا السَّرطانية اعتمادًا على تعقيدها والمُستضِدّات (antigens)، ومن ثَمَّ تدميرها.
مع انتشار الخلايا السَّرَطانية، تحدث فيها طفرات لكي تتجنّبَ الجهاز المناعيّ للجسم وتقاومَ الأدوية؛ فيصبح #السرطان مُقاومًا للعلاج.
ولكن في حال اكتشاف العلماء طريقة تُمكِّنهم من معرفة الخلايا السَّرطانية وتحديدها عبر مُستضداتها antigens (يُمكِن تعريف المُستضدات أنها بروتينات على سطح الخلايا المُصابة بالفيروسات أو الخلايا السَّرطانية، وهذه البروتينات تُحرِّض الخلايا المناعية في الجسم على الهجوم عليها باعتبارها غريبة عن الجسم)، سيستطيعون حينئذٍ إيجاد طرق تُعزِّز فعالية جهاز المناعة وتوجيهه للقضاء عليها.
في #المستقبل، وبتوفّر معلومات مُفصَّلة حول المُستضِدّات، سيتمكّن العلماء من زرع خلايا مناعيَّة وتنميتها في المخبر قادرةٍ على تحديد هذه البروتينات (المُستضِدّات)، وبذلك: “سيصبح لدينا سلاحٌ فعّالٌ في محاربة السَّرطان، والَّذي ستكون لديه القدرة على التعرُّف على جميع الخلايا السَّرطانية في الجسم” على حدّ تعبير الباحثين من معهد أبحاث السَّرَطان في المملكة المتحدة.
ويقول الدكتور (نيكولاس مجراناهان) أحدُ الباحثين المُشاركين في الدراسة:
“لقد كنا نستخدم نمطًا من برمجيات التحليل للتنبُّؤ بأنواع الطَّفَرات الموجودة في الورم، ولذلك تساءلنا عمّا إن كنّا قادرين على استخدامه للبحث عن المُستضِدّات المُشترَكة على جميع الخلايا السرطانية، وكان لدينا شكٌّ بأنَّ تنوُّع الطَّفَرات التي نُشاهِدها أثناء تطوُّر الورم سينعكس على المُستضِدّات الموجودة على الخلايا السَّرطانية، ولكن حتى الآن لم يكن لدينا دليلٌ على ذلك”.
يُشكِّل #العلاج المناعيّ مجالًا واسعًا في أبحاث السَّرطان وعلاجاته، وقد حقق تقدُّمًا في السَّنوات الأخيرة.
العديدُ من العلاجات المناعية كانت فعّالة في علاج بعض السَّرطانات بل والشفاء منها؛ كالأورام القتامينية (الميلانوما melanoma) وابيضاض الدم اللمفاويّ المُزمِن بالخلايا البائية (B-cell chronic lymphocytic leukemia)، واللمفوما اللاهودجكينية (non-hodgkin lymphoma)، ويتم حاليًّا تطويرها لعلاج مُختلَف أنواع السَّرَطان كسَرَطان الثَّديّ.
أظهرت الأبحاث مُؤخَّرًا أنَّ (70%) من مرضى الورم النقوي المُتعدِّد (multiple myeloma) استجابوا للعلاج المناعيّ وشُفيوا من مرضهم.
ليس هناك نوع واحد فقط من العلاج المناعيّ، بل هناك مجموعة كبيرة من العلاجات التي تنتمي لهذه الفئة:
على سبيل المثال يُوجد شكل شائع من العلاج المناعيّ، وهو مُثبِّطات نقط التفتيش المناعية (immune checkpoint inhibitors)، هذه الأدوية تقوم بتثبيط قدرة الجهاز المناعي على ضبط نفسه أثناء الاستجابة المناعية، وهذا يجعل الجهاز المناعيّ أكثر عدوانيَّة تجاه السَّرَطان، في حين لن تكون فيه الاستجابة المناعية الطبيعية بنفس الفعالية.
أوَّل دواء من فئة مُثبِّطات نقط التفتيش المناعية (immune checkpoint inhibitors) -والّذي وافقت عليه مُنظَّمة الأغذية والأدوية (FDA)- هو (إيبيليموماب ipilimumab)، ويُعرف أيضًا بـ (Yervoy)، وهو يُستخدَم في علاج الميلانوما المتقدمة (melanoma).
ويعمل الباحثون على تطوير الأجسام المُضادَّة العلاجية في المخبر، والَّتي يُمكِن أن تُدمِّر الخلايا السَّرَطانية عند حقنها في الجسم.
كما توجد أيضًا لقاحات السَّرطان، والَّتي يتمّ تطويرها اعتمادًا على الخلايا الورمية من سرطان المريض نفسه لتعزيز جهاز #المناعة.
ــــــــــ
المُستضِدّات: قطعة من اللُّغز.
في نهاية المطاف، اكتشف العلماء أنَّ الطَّريقة الَّتي من خلالها تتوضّع المُستضِدّات على السَّرَطانات يُمكِن أن تُحدِّد الطَّريقة الأكثر فاعلية في العلاج المناعيّ، خلافًا لعلاج السَّرَطان اعتمادًا على أدوية ذاتِ طيفٍ أوسع. وتوصّلوا إلى هذه النتيجة عبر سلسلة من التجارب والاكتشافات.
أولًا، استخدم الباحثون بيانات من أطلس المُورِّثات السَّرَطاني لفحص أكثر من (200) مريضٍ لديهم أحدُ نوعَين من سَرَطانات الرئة؛ سَرَطان الرّئة الغدِّيَّة (adenocarcinoma) أو سَرَطان الرّئة رصفيّ الخلايا (squamous cell carcinoma)، واكتشف العلماء أنَّ المرضى الّذين لديهم سرطان الخلايا الغدِّيَّة كان لديهم مُستضِدّات أكثر على أورامهم؛ مما يجعل مُهِمَّة الجهاز المناعيّ في الهجوم أسهل، كما أنَّ هؤلاء المرضى أبلَوا بشكل أفضلَ من أولئك الّذين لديهم سَرَطان من النوع رصفيّ الخلايا (squamous cell carcinoma)، ومن الّذين لم تُظهِر أورامُهم مُستضِدّات بشكل واضح.
وهذا أثبت فعالية طريقة استخدام المُستضِدّات بالتنبُّؤ، والتي تسمح للخلايا المناعية بالتعرُّف على المُستضِدّات المُتشابِهة على الخلايا السَّرَطانية.
ومع ذلك، أظهر اكتشافٌ آخرُ أنَّ الأورام مع الكثير من المُستضِدّات تُشكِّل جزيئًا يُثبِّط المناعة يعرف بـ (PD-L1)، والَّذي يُوقِف هجوم الخلايا المناعية.
وهذه كانت طريقة الخلايا السَّرطانية في الدِّفاع عن نفسها ضِدَّ جهاز المناعة.
ــــــــــ
وأخيرًا، ساهمت تجرِبة أُخرى في حل اللُّغز.
قام الباحثون بفحص بيانات من دراسة استخدمت علاجًا مناعيًا اسمه (Keytruda)، وهو مُثبِّط نقطة تفتيش (checkpoint inhibitor) -مما يعني أنَّه يُوقف التَّثبيط الَّذي تمارسه جزيئة التَّثبيط الوَرَمي (PD-L1) على الخلايا المناعيَّة-، وقارَنوا نتائج الدِّراسة (كيف أبلى المرضى بعد تناول Keytruda) مع برنامج توقُّع المُستضِدّات الَّذي يُظهِر لهم كيف تُنتِج الأورامُ مُستضِدّات.
تبيَّن أنَّ (13) مريضًا لديهم أورام مع العديد من المُستضِدّات المُشترَكة، والأغلبية العظمى منهم (12 مريضًا) تَحَسَّنوا بشكل أفضلَ من المرضى الَّذين لديهم أورامٌ مع مُستضِدّات مُختلِفة.
باختصار، أظهرت النتائج أنَّ هناك أهدافًا مُحدَّدة للعلاج #المناعي اعتمادًا على المُستضِدّات الوَرَمية المصنوعة.
يحتاج العلاج إلى شحذ بحيث يُمكِن استخدامُه بشكل رئيسيّ عندما تتشارك الخلايا السَّرَطانية العديدَ من المُستضِدّات.
وفي بيان صحفي، قال الأستاذ (تشارلي سوانتون) من معهد (فرانسيس كريك)، والَّذي يُعتبَر خبيرًا في الوراثة السَّرطانية: “منذ بدأ التعقيد الجينيّ الحقيقيّ للورم المُتزايد بالظهور قبل بضع سنوات، ونحن نَحكُّ رءوسَنا في مُحاوَلةٍ للتوصُّل إلى طريقة حوله.
العلاجات الفعّالة حقًّا للأمراض المُتقدِّمة التي تستغلُّ الأمرَ الأساسيَّ في الفوضى، وإنه أمر مُثير للغاية، على الرَّغم من أنَّها الأيَّام الأولى، فإنّه يُوفِّر الأملَ بأننا قد نكون قادرين على تحويل دفَّة الأمور ضِدَّ السَّرَطان في مراحله المُتقدِّمة – وهو الشيء الَّذي نُريدُه بشدَّة لمرضانا”.
#طب #صحة
#الباحثون_المسلمون
#MRA2056