– الأثير بين الفيزياء الكلاسيكية والفيزياء الحديثة!
ساد قديمًا الاعتقاد بأنّ “الأثير” هو المادة التي تملأ أرجاء الكون، فقَدْ بَلوَر الهنود فكرة العناصر الأساسية الأربعة قبل 3500 سنة تقريبا أي قبل الميلاد بما يقارب 1500
وقال أرسطو طاليس (322-384 قبل الميلاد) بالأثير و جعله عنصرا خامسًا للكون، إذ اعتَبر أن الأثير هو المكوّن الأساسي للعالم العلوي وأنّ العناصر الأساسية الأربعة من هواء وماء ونار وتراب هي مكونات العالم السفلي ( الأرض ).
وفي أواخر القرن 17 اعتقد بعض علماء الفيزياء أن الضوء ينتقل على شكل موجات ولكن لم يستطع أي منهم تفسير كيفية انتقال هذه الموجات دون وجود وسط ناقل، فافترضوا وجود “أثير” حامل للضوء.
افترض العلماء أن هذا الأثير لا يمكن أن يُرى أو أن يُحسّ أو أن يُوزَن، وافترضوا تواجده في الفراغات وفي الفضاء الخارجي وخلال كل مادّة، كما اعتقدوا أنه ثابت وأنّ الكرة الأرضية والأجسام الأخرى في الفضاء تتحرك خلاله، من هنا سادت في الأوساط العلمية فكرة أن الأثير هو المرجع المُطلق للحركة، لهذا السبب حاول الفيزيائيون في ذلك العصر حساب سرعة الأرض بالنسبة للأثير، كما أُجريت تجارب عديدة لإثبات وجود الأثير مثل تجربة مايكلسن – مورلي…
تم إعداد الجهاز الذي سيتم إجراء التجربة من خلاله حتّى يقوم بفصل شعاع ضوئي وتوجيهه في اتجاهين متعامدين يكون أحدهما موازيًا لِمِحور دوران الأرض حول الشمس، والآخر متعامدا مع هذا الاتجاه، أحد الشعاعين سيكتسب سرعة زائدة بفضل حركة الأرض، أما الثاني فسرعته لن تتغير لأنه متعامد مع إتجاه حركتها.
بعد دمج الشعاعين وإسقاطهما على سطح مقابل، أيّ تغيّر في سرعة أحدِهِما سوف تتم ملاحظته، ولكن النتائج أظهرت دومًا تغيّرًا منعدما تقريبًا…
أراد ألبرت مايكلسون من خلال هذه التجربة أن يثبت وجود الأثير مِن خلال مقارنة سرعة الضوء المتحرك بنفس اتجاه حركة الأرض بِسرعة الضوء المتحرّك باتجاه متعامد لاتجاه حركتها، بل وتجاوز تلك الأهداف إلى محاولة تحديد سرعة الأرض في مدارها حول الشمس. كل هذا باعتبار أن الأثير يشكّل المرجع المطلق للحركة.
تمّ تكرار هذه التجربة مِن قِبل علماء آخرين وباستخدام أجهزة أدقّ مثل تجارب إلينجورث ويوس، وكانت النتائج دوما ذاتها التي حصل عليها مايكلسون…
مثّلت هذه النتائج إحدى المعضلات الأساسية للفيزياء الكلاسيكية، و زاد تلك المعضلة تعقيدًا أن الأثير له خواصّ تبدو متناقضة، فتارة تكون كثافة الأثير قليلة جدا وتكون عالية جدا تارة أخرى.
تصور الفيزيائيون أن الموجات الكهرومغناطيسية ناتجةٌ عن تفاعل الأجسام المشحونة خلال حركتها بالأثير، وفكّر آينشتاين في حل مشكلة الأثير، فراجع الأفكار الأساسية في الفيزياء الكلاسيكية، و في عام 1905 نشر نظريته الخاصة في النسبية التي تُظهر كيف يسلك الضوء مساره دون الحاجة إلى وجود الأثير …
المصادر:
المصدر [1] .
المصدر [2] .
كتاب الكون و العدم – الدكتور محمد باسل الطائي
#فيزياء
#الباحثون_المسلمون