قد تبدو النجوم في السماء دائمة لا تتغير، لكن في نهاية المطاف ستتحول معظمها إلى أقزام بيضاء، وهي آخر مرحلة يمكن ملاحظتها من التطور بالنسبة لنجم منخفض الكتلة أو متوسط الكتلة، وتنتشر الجثث النجمية الخافتة في المجرة، وهي بقايا النجوم التي احترقت في الماضي.
التسلسل الرئيسي للنجوم بما فيها الشمس يشكل غيوما من الغبار والغاز تجذبها الجاذبية. ويعتمد تطور النجوم خلال حياتها على كتلتها، وبناءً على ذلك لن تصبح النجوم الأكثر ضخامة التي تبلغ كتلة الشمس ثمانية أضعاف أو أكثر أقزاما بيضاء أبدا، إذ ستنفجر انفجارا نجميا عنيفا في نهاية حياتها، تاركة وراءها نجما نيترونيا أو ثقبا أسودا.
أما النجوم الصغيرة فستأخد مسارا أكثر هدوءا قليلا، ستتضخم النجوم ذات الكتلة المنخفضة إلى متوسطة مثل الشمس في نهاية المطاف لتصبح عمالقة حمراء، وبعد ذلك تلقي النجوم طبقتها الخارجية في حلقة تعرف باسم “السدم الكوكبي” أما النواة المتبقية فستكون قزما أبيض، وهي قشرة نجم لا يحدث فيها اندماج هيدروجيني.
لا تصل النجوم الأصغر حجما كالأقزام الحمراء إلى مرحلة العمالقة الحمراء، فهم يحرقون ببساطة بكل الهدورجين الذي لديهم، فينتهي بهم المطاف قزما أبيض قاتما، ومع ذلك فإن الأقزام الحمراء تستغرق تريليونات السنين، وتلك المدة أطول بكثير من عمر الكون؛ لذلك لم يتحول أي قزم أحمر إلى قزم أبيض بعد.
وعندما ينفد الوقود من النجم لا يواجه مرحلة تزويد خارجي من الهيدروجين لذا ينهار إلى الداخل على نفسه.
كتلة الأقزام البيضاء ككتلة الشمس تقريبا، ولكن قطرها نصف قطر الأرض تقريبا وفقا لكوسموس موسوعة علم الفلك في جامعة سوينبرن في أستراليا وهذا يجعلها من بين الأجسام الأكثر كثافة في الفضاء ولا يتفوق عليها إلا النجوم النيوترونية والثقوب السوداء، ووفقا لوكالة ناسا: تبلغ جاذبية قزم أبيض 350 ألف ضعف جاذبية الأرض، وهذا يعني أن وزن 150 رطل (68 كيلوجراما) على الأرض سيزن 50 مليون رطل (22.7 مليون كيلوجرام) على سطح قزم أبيض.
تصل الأقزام البيضاء إلى هذه الكثافة المذهلة لأنها انهارت بإحكام بحيث تتحطم الإلكترونات معا، وتتشكل المادة التي تدعى “المادة المتدهورة” وسوف يستمر الجسم في الانهيار حتى توفر الالكترونات نفسها قوة ضغط خارجية كافية لوقف الانهيار، وكلما زادت الكتلة زاد السحب للداخل؛ لذلك إن القزم الأبيض الأكثر كتلة له نصف قطر أصغر من نظيره الأقل كتلة، وبعد هذه المعلومات يتبين أنه بعد التخلص من الكثير من كتلة النجم خلال المرحلة العملاقة الحمراء لايمكن أن تتجاوز القزم الأبيض 1.4 مرة كتلة الشمس.
عندما يتضخم النجم يصبح عملاقا أحمر، يبتلع أقرب الكواكب إليه، لكن بعضها لا يزال موجودا..
اكشفت المركبة الفضائية “سيبترز” التابعة لوكالة ناسا أن ما لا يقل عن 1 إلى 3% من النجوم القزمة البيضاء تشير إلى وجود مواد ضخرية حولها، وقال (جاي فاريهي) الباحث في “القزم الأبيض” لدى جامعة بيستر في إنجلترا، لموقع (space): في بحثنا عن الكواكب الشبيهة بالأرض وجدنا العديد من الأنظمة التى تعتبر مرشحات لإيوائها، ولكن عندما تبقى أقزاما بيضاء فإن أية كواكب صخرية لن تكون صالحة للسكن، لكن ربما تطورت فيها الحياة خلال حقبة سابقة.
في إحدى الحالات المثيرة لاحظ الباحثون المادة الصخرية وهي تقع في القزم الأبيض، وقال (بوريس غانيسكي) عالم الفلك في جامعة واريك في إنجلترا، لموقع “space”: إنه أمر مثير وغير متوقع أن نرى هذا النوع من التغير المثير على المقاييس الزمنية البشرية.
تتلاشى العديد من الأقزام البيضاء إلى حالة من الغموض، وذلك بعد إشعاع كل طاقتها، وتصبح ما يسمى بأقزام سوداء، وتلك التي تشترك في نظام نجمي متعدد قد تعاني من مصير مختلف إذا كان القزم الأبيض جزءا من نجم ثنائي، فقد يكون قادرا على سحب المواد من رفيقه إلى سطحه، وذلك يمكن أن يؤدي إلى زيادة كتلة القزم الأبيض معطيا بعض النتائج المثيرة للاهتمام.
أحد الاحتمالات هو أن الكتلة المضافة يمكن أن تتسبب في انهياره الى نجم نيوتروني أكتر كثافة، والنتيجة الأكثر انفجارا هي المستعر الأعظم (a1).
حين يسحب القزم الأبيض المواد من نجم مصاحب تزداد درجة الحرارة مما يؤدي إلى ردة فعل تشكل في نهاية المطاف انفجارا مستعرا أعظم.
ترجمة: محمد حاج حمدان.
مراجعة: عبيد الله الصالحاني.
تدقيق: صبا الشهابي.