تُشكل نجوم “القزم الأحمر” أكبر التوزعات النجمية في المجرة، لكنها تختفي في الظلام، وهي نجوم خافتة جداً لا تُرى بالعين المجردة من كوكب الأرض، ويُساعد إشعاعها المحدود في إطالة عمرها الذي يتجاوز عمر الشمس بكثير. يعتقد العلماء أن 20 من أصل 30 نجماً قرب أرضنا هي من نوع القزم الأحمر، وأقربهم للشمس هو Proxima Centauri أو القنطور الأقرب، وهو قزم أحمر. ومصطلح “القزم الأحمر” لا يشير إلى نوع واحد من النجوم، بل هو مصطلح يُستخدَم عادة للأجسام الباردة، بما فيها من الأقزام من نوع K وM، وهما نجمان حقيقيان، وبعض الأحيان قد يمتد هذا المصطلح ليشمل الأقزام البنية التي يُشار إليها غالبا باسم “النجوم الفاشلة”؛ لأنها لا تدعم الاندماج الهيدروجيني الكامل في نواها.
قال الفلكي ميشيل جيلون Michaël Gillon، من جامعة لييج في بلجيكا the University of Liège in Belgium: “لا يوجد تعريف حقيقي للأقزام الحمراء”.
وذلك في تصريح له عبر البريد الإلكتروني لموقع (space.com). كان الفلكي جيلون الذي يدرس الأجسام النجمية في الطرف الأبرد من الطيف جزءاً من الفريق الذي حدد النجم فائق البرودة: TRAPPIST-1، وقال جيلون أيضاً: “إن مصطلح القزم الأحمر يشير عادة إلى النجوم القزمة بنوع طيفي يتراوح بين K5V وM5V”.
التشكّل والخصائص
تتشكل الأقزام الحمراء، مثل بقية النجوم الأخرى، ضمن السحابات الغبارية الغازية، تحت تأثير الجاذبية والضغط، وتبدأ بالدوران، ثم تتكتّل المادة في المنتصف، وعندما تصل إلى درجة الحرارة (الحرجة) تبدأ عملية الاندماج. تشمل الأقزام الحمراء أصغر النجوم، وتكون كتلتها بين 7.5% و50% من كتلة الشمس، وحجمها (المنخفض) يدل على أنها تحرق الهيدروجين عند درجة حرارة منخفضة، لتصل حرارتها إلى 3500 درجة مئوية تقريباً، بينما تبلغ درجة حرارة الشمس 5500 درجة مئوية، وتلك الحرارة المنخفضة تعني أنها نجوم خافتة أكثر من النجوم الشبيهة بالشمس، وتعني أنها تستهلك الهيدروجين بسرعات أقل. وفي حين إحراق النجوم الضخمة الهيدروجين واستهلاكه في نواها فقط -عدا مرحلة نهاية حياتها- فإن الأقزام الحمراء تحرق كل الهدروجين داخل نواتها وخارجها؛ وهذا يطيل عمرها إلى تريليونات السنين مقابل 10 مليارات سنة للنجوم الشبيهة بالشمس.
تصنيف الأقزام الحمراء
يواجه العلماء صعوبة في تمييز النجوم فئة القزم الأحمر عن فئة القزم البني، وهما من حيث البنية الخارجية متشابهان، كالإضاءة الخافتة، والبرودة، لكن الأقزام البنية لا تقوم بعملية الدمج النووي بشكل كامل؛ نظراً لصغر حجمها؛ لذا هي لا تُعد نجوماً البتة. وقال آدم بورغسار Adam Burgasser، عالم الفلك من جامعة كالفورنيا: “عندما نلاحظ قزماً أحمر ونقيس غلافه الجوي فلا نعرف هل هو قزم بني أم نجم، إذ تبدو الأقزام البنية تماماً كالنجوم شديدة البرودة”. ولمعرفة إذا ما كان الجسم السماوي قزماً بنياً أم قزماً أحمر يقوم العلماء بقياس درجة حرارة الغلاف الجوي للجسم، فالأقزام البنية عديمة الانصهار تكون أبرد من 2000 كلفن، أو 1727 درجة مئوية، أما النجوم التي تقوم بدمج الهيدروجين فتكون أدفأ 2700 كلفن، أو 2427 درجة مئوية، وفي المنتصف بينهما يمكن للعنصر أن يُصنَّف قزماً بنيّاً أو قزماً أحمر.
في بعض الأحيان يمكن للمواد الكيميائية في الغلاف الجوي للجسم أن تكشف دلائل عمّا يحدث في نواته، ووفقا لبروغسار: “إن وجود جزيئات مثل: الميثان أو الأمونيا، والتي تكون في درجات الحرارة الباردة فقط، فذلك يشير إلى أن الجسم هو قزم بني، وكذلك وجود الليثيوم في الغلاف الجوي يدل على أن الجسم المرصود ليس بنجم تام وإنما قزم بني”، وتابع بروغسار واصفاً بعض العلماء بأنهم لا يزالون يُطلقون على كل جسم سماوي صغير وخافت لقبَ القزم الأحمر، حتى لو كان في الواقع قزما بنيا.
نهايته
بعد العمر الطويل الذي يصل إلى تريليونات السنين ستتحول الأقزام الحمراء في النهاية إلى أقزام بيضاء ككثير من النجوم؛ وذلك بسبب توقف الاندماج فيها، و(ستشع) بعدها كل حرارتها وتصبح أقزاما سوداء [ربما نكتب عن تلك المصطلحات مستقبلاً]. وهي على النقيض من الشمس التي ستصبح قزما أبيض في غضون بضع مليارات من السنين، فإن الأقزام الحمراء سوف تستغرق تريليونات السنين حتى يحترق وقودها كله، وهذا أطول بكثير من عمر الكون، الذي يقل عن 14 بليون سنة.
قد تكون الأقزام الحمراء قاتمة بعض الشيء، مثل السلحفاة بطيئة، لكنها بالتأكيد ستفوز في سباق البقاء.
المصدر :
https://www.space.com/23772-red-dwarf-stars.html