الإعتراضات علي حجة الضبط الدقيق والرد عليها
الإعتراض الأول : نحن لا نعرف الظروف التي يمكن أن تنشأ تحتها حياة ولا نعرف ما هو تعريف الحياة؟ لذلك من الخطأ أن تقول إن الكون مضبوط لوجود حياة، الكون مضبوط فقط لوجود الحياة التي تعرفها الحياة المعتمدة علي الكربون والأكسچين لكن هذا لا يعني أنه أي نوع من أنواع الحياة الأخري التي لا تعرفها يمكن أن تنشأ تحت ظروف أخري بثوابت وقوانين مختلفة.
الرد : لا علاقة لتعريف الحياة بحجة الضبط الدقيق ومعظم حجج الضبط الدقيق هي ليست عن إمكانية إنتاج الحياة الكربونية الأوكسيچينية فقط بل هي حجج عن إمكانية تكون أي نوع من أنواع الحياة، لنكن متفقين علي هذه الحقيقة أي حياة مهما كان نوعها وليكن حياة من النيكل أو حياة من الحديد أو حياة من غاز الميثان أو حياة من حمض النيتريك يجب أن تكون مكونة من “ذرات” يوجد ثوابت وقوانين لو تغيرت لن تتكون أي ذرات وعليه لن يتكون ولا أي نوع من أنواع الحياة الأخري التي يمكن أن تفترضها لن يكون هناك مادة أساساً تصنع منها أي حياة، كمثال ثابت البنية الدقيق الذي يحسب شدة التفاعلات الكهرومغناطيسية أي تغير فيه الذرات لن تتكون.
If that number were much different, atoms wouldn’t form.
This fundamental constant of nature remains the same even near a black hole
الإعتراض الثاني : لو الإله هو التفسير للضبط الدقيق لم هذا الإله مضطر أن يضبط الثوابت الفيزيائية والكونية؟ هل هو مجبور علي ذلك؟ يعني الإله الكل يقول إنه كلي القدرة والعظمة لم لا يخلق كون بأي ثوابت وأي قوانين مهما كانت ثم يخلق حياة فيه بمعجزة مثلاً وإنتهينا.
الرد : هذا الإعتراض ليس له علاقة بحجة الضبط الدقيق نفسها بل يسأل عن نوايا الإله وقدراته، لأن حجة الضبط الدقيق هي كالتالي بدراسة الكون وجدنا أن ثوابته وقوانينه مضبوطة بدقة لتسمح بظهور الحياة هذه الثوابت مسموح لها أن تتغير تغير طفيف فقط أي تغير أكبر من الطفيف بقليل لن تنتج حياة هذه حقيقة، إستخدمها الآن كي تقارن بين الفلسفة الطبيعية Naturalism (التي تقول لا يوجد سوي العالم الطبيعي) والإيمان Theism بنظرية الإحتمالات، حسب نظرية الإحتمالات ستجد أن إحتمالية ظهور هذا الكون الذي يسمح بظهور حياة حسب الفلسفة الطبيعية ضئيلة جداً جداً لكن لو إفترضت وجود عقل أو مصمم (خالق) هو من ضبط هذه الثوابت ستجد أن الإحتمالية تصبح أكبر بكثير، وعليه وجود خالق يفسر الضبط الدقيق أفضل من الفلسفة الطبيعية، فهذا الإعتراض لا يمس الحجة في شيء هو يسأل عن قدرات هذا الخالق أو نواياه فقط لا ينفي الحجة نفسها، والرد علي السؤال عن نوايا وقدره الإله هو أن الإله يريدك أن تعرف وجوده من خلال الكون، لو خلق لك الإله كون لا يسير وفق قوانين وثوابت مضبوطة وخلقك فيه بمعجزة، ستنظر من حولك ستجد كون فوضوي لا يتبع قوانين محددة، ربما تنظر مثلاً فيه تجد أشعة X-rays القاتلة تضربك من كل مكان، أو تجد الأشياء تتصرف بطريقة غريبة لا تفهمها مثلاً ترمي شيء من يدك فتجده صعد للسماء، سر كل العلوم التي وضعها البشر أن الكون قابل للفهم وهو قابل للفهم لأنه يتبع قوانين وثوابت مضبوطة لو ليست موجودة ومضبوطة لن يكون هناك شيء تفهمه هذا سيدمر كل العلوم، الآن قل لي هل لو وجدت كون كهذا ستؤمن أن خلفه خالق؟ أم ستقول أنه لا يوجد خالق والأمور عشوائية وجئنا هنا بالصدفة؟ فالإله خلق الكون بثوابت وقوانين مضبوطة ثم خلق حياة حتي تدرك وجوده من خلقه المحكم، لو خلق أي كون بأي ثوابت وأي قوانين غير مضبوطة وخلقك فيه بمعجزة لن تؤمن بوجوده.
الإعتراض الثالث : الأكوان المتعددة قد تفسر معضلة الضبط الدقيق، تخيل عدد لانهائي من الأكوان وبالصدفة كونك أصبح محظوظ وأصبح فيه ثوابت سمحت بظهور الحياة.
الرد : الأكوان المتعددة تخالف شفرة أوكام، تفترض عدد لانهائي من الأكوان لتفسر كون واحد، الأكوان المتعددة غير قابلة للرصد أو التخطئة، الأكوان المتعددة حتي لو موجوده لن تحل معضلة الضبط الدقيق هي تنقل المعضلة فقط من مستوي الكون الواحد لمستوي الأكوان المتعددة بدلاً من أن تحتاج ضبط دقيق لثوابت وقوانين كون واحد أصبحت تحتاج ضبط دقيق للثوابت والقوانين التي تحكم الآلية التي تتخلق بهأ الأكوان المتعددة وتحكم تصرف هذه الأكوان، وهذا ما ذكره عالم الفيزياء بول ديفيز في هذه الورقة، صفحة 11 تحت عنوان الأكوان المتعددة تنقل المشكلة فقط لمستوي أعلي.
Multiverses merely shift the problem up one level.
الورقة من arXiv للقراءة.
https://arxiv.org/abs/astro-ph/0403047
رابط الورقة الأصلي.
https://www.worldscientific.com/doi/abs/10.1142/S021773230401357X
– الإعتراض الرابع : لا يوجد أحد من العلماء يقول أن ما توصلنا له من قوانين وثوابت هي الأشياء الأساسية في الطبيعة بمعني قد يكون هناك قانون أساسي (نظرية كل شيء) يفسر لم الثوابت الفيزيائية والكونية تأخذ القيم التي تسمح بظهور الحياة، فقط إنتظر حتي يكتشف العلم هذا القانون الأساسي وسنعرف فيما بعد لم الثوابت والقوانين تأخذ هذه القيم.
الرد : أولاً هذا مجرد إفتراض لا دليل عليه بمعني نحن لا نعرف ما هو هذا القانون الأساسي لنحكم ما إذا كان سيفسر الضبط الدقيق أو لا ربما هذا القانون الأساسي يكون فيه ثوابت تحتاج ضبط دقيق أكبر من الضبط الدقيق الموجود في الثوابت التي نعرفها، ثانياً بفرض إكتشفنا هذا القانون الأساسي هذا لن يحل معضلة الضبط الدقيق مجرد سينقل المعضلة من مستوي الثوابت الفيزيائية والكونية التي تعرفها (كتلة الإلكترون، كتلة الكوارك، …) لمستوي القانون الأساسي الذي تتفرع منه هذه الثوابت والقوانين، سيرجع السؤال مرة أخري من أين جاء القانون الأساسي ولم هذا القانون الأساسي بالذات الذي تفرعت منه ثوابت وقوانين سمحت بتكون حياة؟ هذا القانون الأساسي يمكن أن يأخذ ملايين الأشكال الأخري لم الشكل الذي تفرعت عنه ثوابت مضبوطة سمحت بتكون الحياة؟ هذا ما ذكره الفيلسوف Robin Collins هنا صفحتي 274 – 275.
https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/9781444308334.ch4
للتحميل بصيغة PDF
https://onlinelibrary.wiley.com/doi/pdf/10.1002/9781444308334.ch4
– الإعتراض الخامس : ماذا عن الزلازل والبراكين والتشوهات الخلقية و الڤيروسات والبكتريا والأوبئة؟
الرد : لا ينفي هذا ضبط الثوابت الكونية والفيزيائية لوجود الحياة، وهو إعتراض مبني علي العاطفة وليس مبني على العقل، ما علاقة وجود الشر بالحجة؟ الشر لا ينفي أن الثوابت مضبوطة لتنشأ حياة، ولا أحد يقول إن الدنيا ستكون جنة بل هي للإبتلاء والإختبار، وجود المشاكل والشر فيها شيء طبيعي وإلا لن تكون دنيا، ثم أنت لو نظرت لن تجد هذه الأشياء شر مطلق لا يوجد شر مطلق كمثال من العصر الحالي ڨيروس كورونا الجديد COVID-19 أنت تعتبره شر، لكنه ليس شر مطلق بفضل ڨيروس كورونا، قل تلوث الهواء الذي يسبب مقتل ملايين البشر كل عام، وإلتحم ثقب الأوزون، البركان يخرج لك كنوز الأرض لتستكشفها، الزلزال يخرج ضغط الأرض الداخلي الذي إن لم يخرج قد تنفجر الأرض بالكامل.
كذلك عالم الفلك Luke Barnes له ورقة منشورة في جامعة ميشيغان فيها الرد علي كل الإعتراضات علي حجة الضبط الدقيق وأنا إقتبست منها للرد علي الإعتراض الثاني، رابط الورقة
https://quod.lib.umich.edu/e/ergo/12405314.0006.042?view=text;rgn=main#N12
في الأخير حجة الضبط الدقيق تعتبر دليل علمي غير مباشر علي وجود الخالق.