الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:
(اجتهاد في قضية أقصر مدة حمل و الحكمة من ذكرها)
انا من المشككين في أغلب الطرح الذي يقدمه دعاة الإعجاز العلمي بسبب المبالغة الكبيرة في الأمر لدرجة ان بعضهم اصبح يرى الاحصنة في الغيوم. لكن هذا لا يعنى إنني أرفض فكرة وجود “إعجاز علمي في القرآن الكريم” أي وجود معلومات بطريقة إعجازية في القرآن, بل هذا ما يتوقعه العقل من كلام خالق الكون الذي أحاط علما بكل شي!
لهذا أنظر إلي هذا الباب من نظرة المتشكك و مع ذلك فهناك من الأمثلة ما استوقفتني حقا وأبهرني و لا يزال يبهرني!! لشدة وضوحها و غياب أي تأويل آخر لوجودها إلا أن هذا الكتاب من عند الله جل وعلى!!
أحد هذه الأمثلة هو مدة حمل الجنين, فمنذ قديم الزمان والإنسان يعلم أن النساء يلدن في 9 أشهر!
و هذا كان المعتقد حتى في عهد الصحابة رضوان الله عليهم والقرآن بين أيديهم يتلى !! فها هو عثمان رضي الله عنه يأمر برجم امرأة اشتكى زوجها أنها أنجبت في 6 أشهر فظنوا أنها زانية!! لولا فطنة علي بن أبي طالب واستنباطه أن مدة الحمل في القرآن هي 6 أشهر!! من الآيات الآتية:
(….وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ …..)الاحقاف 15.
( وفصاله في عامين ) [ لقمان : 14 ]
( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) [ البقرة : 233
30 شهرا ناقص 24 شهر (حولين كاملين) تعطيك 6 اشهر! فالحمل يمكن أن يكون 6 أشهر. فاندهش عثمان رضي الله عنه! و نجت امرأة من الرجم باستنباط رائع والأروع أن القرآن نفسه كان مصدر هذه المعلومة و ليس شهادة مجرب ما!!
أين الإعجاز في هذا؟
هناك إعجاز علمي في هذا إذا طرحت السؤال, لماذا قال 6 أشهر و لم يقل أقل من ذلك, 5 أو 4 أشهر مثلا ؟
الإجابة هي لأن في 4 أو 5 أشهر الجنين يكون غير كامل النمو حتى بالاستعانة بالطب الحديث سيموت (لعدم إكتمال نمو أعضائه)!
6 أشهر هي أقصر مدة يمكن إن يكون فيها الحمل ناجحا!
حالات الولادة في 6 أشهر نادرة جدا وهي تفتح باب الشك لمن ليس له علم بعلم الأجنة أو إحصائيات الولادة فيقول ربما الولادة قد تكون ممكنة في 5 أشهر عادي لكن الأمر نادر فقط!! فما سبب ذكر القرآن 6 أشهر بضبط و التي توافق أقل مدة حمل ممكنة علميا؟
هنا سأعطي اجتهادات خاصة فقط (والله أعلم):
من يقرأ الأية الكريمة سيجد أن سياقها ورد في الكلام حول حمل الأم للولد كرها ووضعه كرها! فذكر الله أقل مدة تحمل ولدها, أي أقل مدة عذاب وتعب لها من الحمل, فحتى نحن عندما نحتج نحب أن نقدم أدنى الشروط. فتقول لخصمك “حتى و لو سلمت لك بما تقول فموقفي لا يزال صحيحا!” فذكر الله أقل مدة حمل من هذا الباب ليتكون الحجة في أقوى صورها, فالحمل يبقى كره وعذاب و تعب للأم حتى في 6 أشهر فقط!
هناك أيضاً إعجاز تشريعي (والله أعلم فهذا إجتهاد محض مني فقط أيضا) يمكن أن يُسْتّنْبٌط من حكاية عثمان وعلي رضي الله عليهما! فإمكانية وضع الطفل في 6 أشهر (أو في أقل من 9 أشهر العادية) قد تستخدم في رمي المحصنات بالزنا وتعتبر دليلا قاطعا لمن لا علم له بممكنات مدة الحمل (كمعظم البشر منذ القدم حتى تطور العلم) على الزنا!
فذكر الـ 6 أشهر يعتبر تحصينا للنساء من هذه التهمة و رحمة بهن!! فإذا كان الوضع في 6 أشهر ممكنا, فالوضع في 7 او 8 اشهر أجدر بالتصديق!! وهكذا أغلق باب عظيم للشك في شرف النساء ورميهن وربما قتلهن باطلا وهذا من رحمة الله و من خفايا القرآن التي تستنبط فقط بالتفكر فيه ومن معجزاته التشريعية!! فلا يعقل أن بشرا تفطن إلي هذا الباب و عالجه بذكر معلومة لا يعلمها أحد وقتها (ولو كان مفتريا فيمنع من ذكرها كما ذكرت فوق باب الشك بان 5 او 4 اشهر ايضا ممكنة لندرة الامر فيسكت على الامر كلية)!!!
هذا والله أعلم.. فذكر 6 أشهر الغير معروفة أبدا حتى في وقتنا (الا عند المسلمين بعد أن استنبطها علماؤهم من القرآن) دون ذكر ال 9 أشهر العادية و المعروفة عند العامة و الخاصة منذ قديم الزمان أمر غريب جدا و معضلة لمن لا يؤمن بالقرآن الكريم و ألوهية مصدره!!
ملاحظة:
لوكان هناك ملاحدة في القديم قبل اكتشاف ادنى مدة للحمل سيكون قولهم القرآن فيه أخطاء علمية فنحن نعلم أن الحمل مدته 9 أشهر.
المصادر :
المصادر:
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura46-aya15.html
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2597069/
بقلم: (Amine Tali Mamar)
مراجعة وتصميم: Ghaith Waleed