ذهب كهنة الإلحاد إلى اختراع طريقة جديدة تقوم على خداع الناس و إيهامهم أنه يمكن تفسير كل الظواهر المحيطة بالانسان من خلال العلم، و بالتالي فلن يكون هناك داعي لوجود اله. و ادعوا أن المادة هي التي خلقت كل شئ. تبلورت هذه الفكرة بدايةً عند (أوجست كانت) رائد الفلسفة الوضعية و حتى قبيل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي بسببها ظهر ما يسمى بالإلحاد الجديد، و اشتهر كهنته أمثال ريتشارد دوكينز و ستيفين هوكينج و سام هاريس و لورانس كراوس و دانييل دينيت الذين انطلقوا في تسميم العقول ليس فقط في إنكار وجود الله و لكن تمادوا إلى أبعد من ذلك و هو الهجوم على الأديان و خاصة الدين الإسلامي.
و الإلحاد الجديد مصطلح صاغه الصحفي جاري وولف عام 2006 لوصف المواقف التي روج لها بعض الملحدين الجدد في القرن الحادي والعشرين.
دعا كهنة الإلحاد الجديد الملحدين إلى إظهار إلحادهم و أن يكونوا أكثر شراسة في مهاجمة المتدينين و اعتبروا أن الدين مرضاً يصيب الأغبياء. و ذهبوا إلى إعتبار أن الإلحاد هو الأصل و أن الأديان هي مجرد خرافات و هي أصل الشرور. يقول ريتشارد دوكينز عن أحداث سبتمبر أنه علمته التوقف عن تقديم الإحترام الزائف للأديان.
العمل على نشر الإلحاد
و أخذ كهنة الإلحاد الجديد يطوفون العالم للتبشير بهذا الدين الجديد. و ظهر هذا جلياً في كتاباتهم مثل كتاب (نهاية الإيمان) و كتاب (رسالة إلى أمه نصرانية) لسام هاريس. كما كتبت أنا هريس زوجة سام هاريس سلسلة موجهة للأطفال بعنوان أنا أتساءل و التي تشرح فيها الإلحاد للأطفال. و كتاب (ابطال السحر: الدين كظاهرة طبيعية) للفيلسوف الملحد دانييل دينيت. و كتاب (الله ليس عظيم) لكريستوفر هيتشز، و الكتاب الأشهر للملحد ريتشارد دوكينز (وهم الاله) رغم أن هذا الكتاب الآخير لم يسلم من الانتقاد من داخل أعمدة البيت الإلحادي نفسه مثل ديفيد سلون و مايكل روس اللذين انتقدا فكر و كتاب ريتشارد دوكينز ، و على حد تعبير مايكل روس الذي يقول”أن هذا الكتاب يجعله يشعر بالحرج كونه ملحداً”. و أيضاً كتاب (وهم العلم) لروبرت شلدرك، و كتاب (وهم الشيطان) للملحد اللاأدري ديفيد برلنسكي، و كتاب الفيلسوف الملحد توماس ناجل (العقل و الكون).
و لم يكتفي الملحدون الجدد بالكتابات فقط بل طوروا من سبل الدعاية إلى الإلحاد فعلى سبيل المثال، تم الترويج للإلحاد عن طريق الكتابة على الملابس و اللوحات الإعلانية و الأغاني التي تحمل مظاهر الإلحاد.
و أسس الملاحدة مؤسسات و منظمات مثل التحالف الدولي للملاحدة. و أنشأ دوكينز مؤسسة تحمل إسمه تدعو الى الالحاد. و انطلقوا في مواقع الإنترنت و وسائل التواصل ينشرون أفكارهم.
و بالرغم من ذلك نجد أن هؤلاء الملاحدة لم يتخلصوا نهائياً من الدين فبقى أثر من الدين في أفعالهم حتى أنهم عندما أرادوا بناء تجمع لهم قالوا عنه (كنيسة الملاحدة) و اختاروا يوم ميلاد داروين كيوم للإحتفال، مما يشابه احتفال النصارى بميلاد السيد المسيح.
تنافض في الأفكار و المواقف
بالاضافة إلى أن أفكارهم تتناقض مع العقل و المنطق، فهي أيضاً لا تطبق المنهج العلمي الذي تحاكموا اليه، و الذي يعتمدون عليه في تفسيراتهم للحياة و الكون، و إنما هي مجرد فلسفات و تخيلات ليس عليها أي دليل. فمثلاً ينكرون وجود مصمم لهذا الكون لأنه من وجهة نظرهم لا يمكن اثبات وجوده علمياً، ثم يدعون أن كائنات فضائية هي التي بذرت بذرة الحياة على كوكب الأرض، في تناقض صريح للعلم و العقل و المنطق.
و كما أنهم لا يقدموا بديلاً منطقياً لفكرة الاله و الدين و لا لسبب الحياة، فهم أيضاً لا يقدمون تفسيرات مقبولة للأخلاق و الغرائز الفطرية و الوعي.
و زعموا أن من أهداف العالمانية هو اقامة العدل بين البشر، و هذ يتنافى مع مبادئ التطور أن البقاء للأصلح و الأقوى، كما أنه منافي لفكرة الصراع. بالاضافة أن مفهوم العدل يناقض فكرة الإلحاد، فاذا كان العدل قيمة مطلقة فهو اذا ينقض مبدأ نسبية الأشياء في الفكر الإلحادي و أنه لا يوجد قيمة مطلقة. و اذا كان العدل قيمة نسبية فلا يمكن لوم الجانب الآخر، فكلٍ يؤمن بما يعتقده.
وفي تناقض عجيب لكهنة العالمانية تجدهم يدعون أنهم مخلصي الناس من تطرف و ارهاب الأديان، بينما هم الذين يمارسون التطرف و الإرهاب الفكري على من يناقض فكرهم و يصفونه بالتخلف. و أكبر شاهد على ذلك ما يفعله اللوبي الدارويني في إجبار العلماء على القول بنظرية التطور، و ما يمارسه من طرد و تشويه لصورة العلماء الرافضين لنظرية التطور و القائلين بفكرة التصميم الذكي.
صناديد الإلحاد الجديد
في عام 2007 التقى أربعة أفراد ، و هم من سوف يُطلق بدأ الأمر في منتصف العقد الأول من هذا القرن، حيث ظهرت حركة جديدة تلوح في الأفق من خلال نشر عدد من الكتب حول نفس الموضوع. المؤلفون الأربعة الرئيسيون هم ريتشارد دوكينزRichard Dawkins وكريستوفر هيتشنز Christopher Hitchensو دانييل دينيت Daniel Dennett وسام هاريس. وسميت هذه الحركة من قبل الكثيرين «الإلحاد الجديد.»
في ذلك الوقت كان سام هاريس -والذي كان بالفعل أول ناشر بينهم مع كتابه «نهاية الإيمان-» بلا شك الشريك الأصغر. فقد كان للآخرين سمعة عالمية في مجالاتهم: دوكينز في البيولوجيا التطورية، وهيتشنز في الصحافة والخطابة، ودينيت في الفلسفة والعلوم المعرفية (الإدراكية). أما هاريس فكل ما كان في حوزته كتابه وشهادة البكالوريوس في الفلسفة.
التقى الأربعة الذين عرفوا بعد ذلك باسم «الفرسان الأربعة» في عام 2007 في شقة هيتشنز بواشنطن لمناقشة الحجج الداعية إلى «الإلحاد» أو وبشكل أدق الحجج المضادة للإيمان العقائدي.
سام هاريس
ولد هاريس لأم يهودية وأب مسيحي إلا أنه تربى على الأفكار العلمانية.
سام هاريس هو مؤلف كتب (نهاية الإيمان ، رسالة إلى أمة مسيحية ، المشهد الأخلاقي ، الإرادة الحرة ، الكذب ، الاستيقاظ ، والإسلام ومستقبل التسامح (مع مجيد نواز)). و تغطي كتاباته ومحاضراته العامة مجموعة واسعة من الموضوعات – علم الأعصاب ، والفلسفة الأخلاقية ، والدين ، وممارسة التأمل ، والعنف الإنساني ، والعقلانية .
حصل سام على شهادة في الفلسفة من جامعة ستانفورد وشهادة الدكتوراه. في علم الأعصاب من جامعة كاليفورنيا ، مارس أيضًا التأمل لأكثر من 30 عامًا ، و لذلك نجد أنه بالرغم من انتقاده للأديان السماوية فهو يميل إلى الأفكار الروحية اللادينية كالبوذية فقد درس مع العديد من مدرسي التأمل التبتيين والهند والبورميين والغربيين في كل من الولايات المتحدة وخارجها.
المبدأ الأساسي الذي يشرح أفكار هاريس هو: “آن الأوان أن نشكك بفكرة الدين بشكل حر”
في كتابه بعنوان “نهاية الإيمان”، يصف العقيدة الدينية بأنها معيبة لأنها تعتمد على الإيمان بدلا من اعتماد الحقائق والخبرة.
كان هاريس قد تعاطى نوعاً من الامفيتامينات في مستهل حياته و التي أثرت في طريقة تفكيره و تشبعه بالفلسفات التأملية. و بعد ذلك أصبح منهحه هو التشكك في الأديان و في وجود الخالق. و قد قامت هذه التشككات في معظمها على معضلة الشر، و التصور الخاطئ للمسيجية و اليهودية عن الإله. حيث كان من وجهة نظره كيف يكون هذا الإله الذي يدعيه النصارى أنه إه كامل الرحمة و العفو ثم يكون هناك شرور في العالم و لماذا يصاب الأطفال بالسرطان مثلاً!. و كيف يأمر هذا الإله في التوارة اليهود بتدمير أعدائهم. و كذلك الحال عنده بالنسبة للمسلمين كيف يقدمون على التفجيرات مقابل الوعد بالجنة في الحياة الآخرة. و رغم ذلك فإنه لا يمانع من قتل الأصدقاء والأعداء طالما يحملون أفكاراً مخالفة في كتابه the end of faith. وهو القائل أيضاً في نفس الكتاب بقتل المسلمين بقنبلة نووية تستأصل شافتهم إلى الابد.
كان من المنطقي أن يرفض هذه الصورة عن الإله في المسيحية و اليهودية المحرفتان، و لكنه من غير المنطقي أن يسحب هذا التصور على الإسلام، فإن دل على شئ فإنه يدل على أنه لم يفهم الإسلام و لم يتعرف إلى حقيقته و لم ينظر إلى الصورة الكاملة لتشريعات و عقائد الإسلام. و رغم أنه يدعو إلى إستخدام العقل إلا أنه في كل تصوراته يعتمد على الفلسفة و عن الدوافع النفسية و لا يستند في آرائه على العلم الذي يركن إليه.
ريتشارد دوكينز
هو عالمُ سلوك حيوان ، وعالم أحياء تطوري ، وكاتب. دوكينز زميلٌ فخريٌّ للكلية الجديدة في أوكسفورد، وأستاذ الفهم العام للعلوم منذ 1995 حتى عام 2008. يحمل دوكينز زمالة الجمعية الملكية، وهو زميل الجمعية الملكية للأدب.
ظهرت شهرة دوكينز بدايةً بعد كتابه الجين الأناني ، والذي أشاع وجهة نظر ارتكاز التطور على الجينات، وصاغ فيه مصطلح ميم.
عُرف دوكينز بكونه ملحداً ومنتقداً للخلقية والتصميم الذكيّ. في كتابه صانع الساعات الأعمى (عام1986)
يدّعي دوكينز في كتابه وهم الإله (عام 2006) أن فكرة الخالق الخارق لا وجود لها وأن الإيمان الديني وهم. كما أن دوكينز يعارض تدريس الخلقية في المدارس.
اعتنق دوكينز المسيحية خلال مراهقته، وظل حتى منتصف عمره، عندما استنتج أن نظرية التطور تمثّل تفسيراً أفضل لتعقيد الحياة، وتوقف عندها عن الاعتقاد بوجود إله
دوكينز لا يرى مانعاً من إقامة علاقات شاذة مع الحيوانات و لا يرى أن زنا المحارم خطأ بل يعتبره صحيحاً
دوكينز يدافع عن الخيانة الزوجية، و يرفض تسميتها بالخيانة. فيقول (لماذا لا تحب المرأة رجلين في نفس الوقت ، بطرق مختلفة؟ ولماذا يجب على الزوجين – أو زوجاتهم – أن يستهجنها؟ إذا كنا داروينيان ، فقد يكون من الأسهل جعل القضية في الاتجاه الآخر ، لرجل مخلص وبعمق أكثر من امرأة واحدة. لكنني لا أريد متابعة التفاصيل هنا) .
كما أنه لا يرى مشكلة في اغتصاب الأطفال، بالرغم من إنه كان يرى قبل ذلك أن الضرب و التحرش من الأشياء السيئة التي كان قد تعرض لها مع زملاء له في المدرسة على يد معلمه.
و عندما سئل ريتشارد دوكينز عن الغاية من وجود الانسان، لم يجد اجابة مقنعة، فكان رده أن هذا السؤال سؤال سخيف.
طلب من دوكينز ذكر مثال على حدوث طفرة جينية أو عملية تطورية يمكن اعتبار أنها أضافت معلومات إلى المادة الوراثية ؟ فلم يجد اجابة و طلب ايقاف التسجيل ثم عاد ليتحدث عن كل شيء في خرافة التطور ما عدا الإجابة عن السؤال.
و بالرغم من إدعائه الاعتماد على العلم إلا أنه لم يستطيع البرهنة على أي من نظرياته الخرافية مثل الجين الأناني أو نظرية الميم أو الكائنات الفضائية التي يتحدث عنها.
و يجيب عن سؤال عن كيفية نشأة الحياة على الأرض، يقول أنه لا يدري و لكن ربما كانت هناك كائنات فضائية قد بذرت الحياة على سطح الأرض.
و يتناقض مع نفسه في شأن الإرادة الحرة، فيقول أن عنده انطباع بأنه توجد إرادة حرة بالرغم من أن كل شئ حولنا يسير قوانين فيزيائية. و في تناقض غريب جداً، في الوقت الذي يردد فيه أنه لا توجد إرادة حرة يطالب المؤمنين بتغيير اعتقادهم الى الإلحاد
دانيال دانيت
ولد دينيت يوم 28 مارس 1942 في بوسطن، ماساتشوستس، توفي والده عندما كان دانيت في الخامسة من العمر، و لعل هذا الأمر ترك أثراً سلبياً عند دانيت.
كريستوفر هيتشنز
كان هيتشنز مضاد للألوهية، وقال إن الشخص «من الممكن ان يكون ملحدًا ويتمنى الإيمان بان وجود الله أمر صحيح،» ولكن «اللادينية، هو مصطلح احاول جعله متداول، هو شخص مرتاح لعدم وجود دليل على هذا الأمر.»
كان والده يعمل في البحرية البريطانية أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم تم الإستغناء عنه عندما كان هناك محاولة لتقليل أعداد القوات بعد انتهاء الحرب، الأمر الذي جعل هيتشنز ينظر إالى والده أنه كان غير ناجح.
كما كان هيتشنز مدخناً و مدمناً للخمر منذ سنوات مراهقته، ان هذه العادات قد أسهمت في مرضه، توفي هيتشنز بسبب التهاب رئوي مكتسب في المستشفى بتاريخ 15 ديسمبر 2011
من المواقف المؤثرة في حياة هيتشنز هي خيانة أمه لأبيه مع قسيس يدعى تيموثي براين، و بعد ذلك أقدمت أم هيتشنز على الانتحار في أثينا في اتفاق مع عشيقها تيموثي براين في نوفمبر عام 1973.