تواجه الحكومات حول العالم اليوم متطلباتٍ جديدةً وتوقعاتٍ متزايدةً من مواطنيها، وفي نفس الوقت تعيش المجتمعات ضمن منظومةٍ متسارعة النموّ من التكنولوجيا والأدوات التي يمكن للحكومات استغلالها لتلبية تلك المتطلبات والتوقعات، إلا أن هذه الأدوات لن تنجح في سياق العمل الحكومي البيروقراطي والتقليدي، وتحتاج حكومات اليوم للتركيز على الابتكار والإبداع للوصول لحلولٍ وآلياتٍ حديثةٍ وملائمةٍ لتحديات وفرص القرن 21.
بدايةً يعرف (دليل أوسلو) (1) في إصداره الثالث (الابتكار) على أنه:
(تقديم منتجٍ/خدمةٍ، أو عمليةٍ جديدةٍ أو محسنةٍ بدرجةٍ كبيرةٍ، أو طريقةٍ تسويقيةٍ جديدةٍ، أو طريقةٍ تنظيميةٍ جديدةٍ في ممارسات الأعمال أو العلاقات الخارجية).
يعتمد الدليل على التوجيهات والمعايير المحددة من قبل (دليل فراسكاتي) (2).
1- ابتكار المنتج: طرح منتجٍ/خدمةٍ جديدةٍ أو محسنةٍ بدرجةٍ كبيرةٍ إلى السوق، فيما يتعلق بخصائصه أو استخداماته، وهذا يشمل تحسيناتٍ كبيرةً في المواصفات الفنية، والمكونات، والبرامج، والمواد، والخصائص الفنية الأخرى.
يمكن لابتكارات المنتج استخدام معارف أو تقنياتٍ جديدةٍ، أو يمكن أن تقوم على استخداماتٍ جديدةٍ أو مجموعةٍ من المعارف أو التكنولوجيات القائمة.
2 – ابتكار العملية: تنفيذ عملية إنتاجٍ أو طريقة توزيعٍ أو نشاط دعمٍ للبضائع أو الخدمات جديّ أو محسنٍ بصورةٍ ملحوظةٍ، وهذا يشمل تغييراتٍ كبيرةً في التقنيات والمعدات و/أو البرامج، يمكن أن يكون القصد من الابتكارات العملية خفض تكاليف وحدة الإنتاج أو التسليم لزيادة جودة أو إنتاج أو تقديم منتجاتٍ جديدةٍ أو محسّنةٍ بشكلٍ كبيرٍ.
3 – الابتكار التسويقي: هو تنفيذٌ لطريقة تسويقٍ جديدةٍ تتضمن إجراء تغييراتٍ جوهريةٍ على تصميم المنتج أو عبوته أو وضع المنتج أو الترويج له أو أسعاره، وتهدف ابتكارات التسويق لمعالجة احتياجات العملاء بشكلٍ أفضل، وفتح أسواقٍ جديدةٍ، وذلك بهدف زيادة مبيعات الشركة.
4 – الابتكار التنظيمي: هو تنفيذ طريقةٍ تنظيميةٍ جديدةٍ في الممارسات التجارية للشركة أو التنظيم في العمل أو العلاقات الخارجية، يمكن أن يكون القصد من الابتكارات التنظيمية رفع مستوى الأداء للشركة من خلال خفض التكاليف الإدارية أو تكاليف المعاملات، وتحسين رضا بيئة العمل وبالتالي إنتاجية العمل.
الهدف الأساسي للابتكار الحكومي هو العثور على طرقٍ جديدةٍ للتأثير على حياة السكان، ومنهجياتٍ جديدةٍ تفعّل من دورهم كشركاء في رسم معالم المستقبل، وهي تشتمل على تجاوز الهياكل والنماذج التقليدية للتفكير، وتبني تقنياتٍ وأفكار جديدةً.
يرتكز الابتكار في الإطار الحكومي على تطوير واختبار وتنفيذ الأفكار المبتكرة التي تحقق منفعةً عامةً، قد يكون ذلك على شكل منتجٍ جديدٍ، أو خدمةٍ جديدةٍ، أو تحديث عملياتٍ قائمةٍ، أو اقتراح سياسةٍ، أو حتى من خلال التفكير بتحدٍ معينٍ بطريقةٍ مختلفةٍ، أو التوقف عن ممارسةٍ معينةٍ لم يثبت نجاحها (مثال: إعادة النظر في بعض الوظائف التي أصبحت قديمةً أو لم تعد ضروريةً في الوقت الراهن)، وبذلك تقوم عملية الابتكار الفعّالة في القطاع الحكومي على تبني نهج مبدأ التطوير المستمر والذي ينظر إلى الخدمات الحكومية من وجهة نظر المستفيدين منها أي المتعاملين.
يقوم الابتكار في الإطار الحكومي على مبدأ الشراكة بين الحكومة والمواطنين لإيجاد الحلول المناسبة وتوفير خدماتٍ أفضل، يكمن نجاح الابتكار في دمج هذه الأفكار الجديدة مع نظمٍ وعملياتٍ أخرى قائمةًٍ ورصد النتائج على المدى البعيد للوقوف على الحلول الناجعة، كما يرتبط الابتكار بالأفراد والموارد والأنظمة، وهو نشاطٌ يمكن إدارته وتشجيعه على كافة المستويات الحكومية.
(1) دليل أوسلو: مبادئ توجيهية لجمع وتفسير بيانات الابتكار – إعداد واصدار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
(2) دليل فراسكاتي : وثيقة تحدد منهجية جمع الإحصاءات من أجل البحث والتطوير – إعداد واصدار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
(3) إطار العمل الحكومي – مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي