إن لفظة البحث مأخوذة من الفعل بحث بمعنى سأل, تقصّى, فتّش, تتبّع.
فالباحث يبحث ويتقصى الحقائق الجزئية والكلية، ويفتش عن كل ما يتصل بموضوعه باهتمام بالغ.
والبحث والتقصي لا يكون بعشوائية أو بدون هدف؛ إنما يكون وفق نظام متكامل، وخطوات مدروسة، ونظرات متأنيّة متعمقة، من أجل الوصول إلى توضيح الغامض، والتعرف على العلاقات بين الأسباب والمسببات، وتفسير الظواهر.
ويمكننا بعد ذلك أن نعرف البحث العلمي بأنه: التتبع والتفتيش والتقصي المبنى على أسس علمية لموضوع ما, بغية الوصول إلى كل ما يتصل به من حقائق، وكشف ما فيه من أسرار، وتوضيح ما فيه من غموض، وتعديل ما فيه من تناقض، وإكمال ما فيه من نقص.
ويعرّفه بعض الكتاب على أنه: محاولة لاكتشاف المعرفة، والتنقيب عنها، وتنميتها، وفحصها، وتحقيقها، بتقصّ دقيق، ونقد عميق، ثم عرضها عرضًا متكاملًا بذكاء وإدراك للمساهمة في الحضارة الإنسانية.
وهناك تعريف مختصر، يقول أن البحث: سعي منظم في ميدان معين، يهدف إلى اكتشاف الحقائق والمبادئ.
لكي يكون البحث العلمي على المستوى المطلوب؛ لا بد أن تتوفر فيه بعض السمات الأساسية، وهي كالآتي:
– الابتكار:
وهذا يعني تناول موضوع غير مطروق بهدف الإضافة العلمية. أو تناول موضوع درس من قبل، وتقديمه بطريقة جديدة، وبأسلوب مبتكر، وبإضافات وآراء وتجارب لم تكن في التناول السابق.
– وحدة الموضوع:
وتتحقق بتماسك أجزائه، وخلوه من التناقض، ثم الرؤية الواضحة والتتبع المنهجي الصارم.
– الموضوعية:
ولا تتحقق إلا بخلو البحث من المبالغات, وأساليب المد والذم وتحقير آراء الغير والتعصب, وهذا يتطلب قيام الباحث على النقد البنّاء والنزاهة والأمانة في التعرف على الحقائق والتعامل معها, وفهم العلاقات الكائنة بين أجزائها.
– الاعتماد في الغالب على المصادر الأصلية، وبخاصة المخطوطات التي لم تنشر والمخطوطات المحققة.
– توثيق المادة العلمية، والتعريف بالمصادر والمراجع، والتعريف بكل ما يتصل بالمصدر أو المرجع.
– العمق مع وضوح الأفكار وسلاسة الأسلوب وبيان الغاية.
هناك مراحل عديدة لابد أن يسير عليها البحث ليكون بحثًا علميًا مكتمل الأركان، وهى كالآتي:
– تحديد الموضوع:
تحديد موضوع البحث ليس من الأمور السهلة، إذ يحتاج من الباحث بداية إلى قراءات واسعة، وجديّة في التتبع، وتأنّ في التفكير، وقدرة على التعرف. وعلى الباحث كذلك أن يواصل القراءة ويتعرف على كل جديد في مجال تخصصه، كما على الباحث أن يحدد أبعاد الموضوع قيد الدراسة، والتأكد من وفرة المصادر والوثائق، وعليه أن يتأكد أن الموضوع الذي سيدرسه سيضيف جديدًا إلى عالم المعرفة، أو على الأقل سيعالج بطريقة مبتكرة.
– وضع الخطة:
بعد اتضاح الرؤية أمامه، وتحديد الموضوع تحديدًا دقيقًا؛ على الباحث أن يقوم بوضع خطة متكاملة، تمثل تصوره الشامل لكل نقاط البحث.
– تحديد المصادر والمراجع:
لابد للباحث أن يحدد المصادر والمراجع، لأنها تمد الباحث بالمواد الخام لبحثه، وبدونها يفقد البحث قيمته العلمية, وكلما تعددت المصادر والمراجع وتنوعت في تناولها للموضوعات التي تتصل بالبحث؛ كلما كان ذلك أجدى لقيام البحث على أسس صحيحة.
– جمع المادة العلمية:
الباحث الناجح هو الذي يجمع المادة العلمية من مصادر أصلية متعددة، ثم يعرضها بأسوب علمي. فالباحث إذا أتم جمع المادة العلمية واستطاع تنظيمها فله أن يعمل على فهمها فهمًا عميقًا، وأن يتعرف على عناصرها ويتمثل الصلات بينها.
– الفهرسة:
وتقوم على إنشاء فهارس عامة لبعض ما ورد في البحث، أو المخطوط المحقق. وفهارس للمصادر والمراجع، ثم فهرس الكتاب.
هذه أهم مراحل البحث العلمي الموثق، الذي لابد أن يتبعها الباحث حتى يكون بحثه مكتمل الأركان.