التخلص من الملوثات الكيميائية بفضل الفطريات !!
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان واستخلفه في الأرض ليعمورها و هيأ له بيئة سليمة تشمل كل الأماكن التي تحيط بنا، لكن ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، فهذه البيئة أصبحت مهدَّدة بالدمار في عصرنا هذا أكثر أي وقت مضى، فمع التطور الصناعي وسوء استخدام الموارد وظهور الأسلحة الكيماوية والنووية، أصبح التلوث البيئي يشكّل خطرا على صحة الإنسان وحياته ويهدد استمراره على كوكب الأرض.
ومن أخطر أنواع الملوثات نجد:
التلوث الكيمائي (chemical contamination): ويقصد به التلوث بالمواد الكيميائية المُصنعة، كمواد التنظيف وزيوت السيارات أو كمخلفات جانبية لعملية الصناعة فتترك آثارا خطيرة جدًّا على مختلف عناصر البيئة.
تلوث إشعاعي (Radioactive contamination) : وهو تسرب مواد مشعة إلى أحد مكونات البيئة كالماء والهواء والتربة، ويُعتبر الأخطر، حيث أنه لا يُرى ولا يُشم ولا يُحس وينتقل بسهولة ويسر إلى الكائنات الحية في كل مكان دون مقاومتها.
لكن مع التقدم التكنولوجي والأبحاث البيولوجية، اكتشف الباحثون تقنيات جديدة تقلل من حِدّة التلوث، لعل أبرزها تقنية ” المعالجة الحيوية ” (Bioredemdiation)
فما هي المعالجة الحيوية ؟ و كيف يتم استخدامها لمعالجة النويدات المشعة ؟ و ما دور الفطريات في المعالجة البيولوجية ؟ و هل هي طريقة مثلى للحد من التلوث ؟
المعالجة الحيوية ودورها في التخلص من الملوثات الإشعاعية:
يُقصد بالمعالجة الحيوية(Bioremediation) استخدام الكائنات الدقيقة ( microorganisms) وإفرازاتها الأيضية ( metabolic secretions ) للقضاء على الملوثات في البيئة الداخلية والخارجية.
وهي توفر إستراتيجية جيدة لتنظيف بعض أنواع التلوث والتعامل مع المشاكل البيئية المستعصية، مثل تسرب النفط الخام والتخلص من مياه الصرف الصحي والمذيبات المكلورة والمبيدات الحشرية، والمواد الكيميائية الزراعية والبنزين وتلوثات كريوسوت في الهواء، والمياه، والغذاء، والتربة، والمياه الجوفية.
https://www.omicsonline.org/2157-7…/2157-7463_S1.007_011.pdf
———————————————————————————————-
وتشكّل النويدات المشعة (radionuclides ) في البيئة مصدر قلق رئيسي على صحة الإنسان وعلى بيئته، وكل منا يذكر حادثتي تشيرنوبيل في عام 1986، وفوكوشيما في عام 2011 حيث ألحقتا أضرارًا كثيرة بالبيئة. بالإضافة إلى ذلك أدى الاستخدام الواسع للمواد المشعة في مواقع البحث والتطوير والطب الحيوي والصناعة إلى تراكم كبير للنفايات المشعة.
واعتُبرت المعالجة الحيوية (Bioremediation ) حلّا لمعالجة المواد المدمِّرة، للبيئة حيث أن الكائنات الحيّة الدقيقة تحمل خصائص وراثية وبيوكيميائية وفسيولوجية داخلية تجعلها عوامل مثالية لمعالجة الملوثات في التربة والمياه الجوفية. وقد بُذلت محاولات عديدة لتطوير الميكروبات و هندستها وراثيا لمعالجة الملوثات البيئية بما في ذلك النويدات المشعة.
وتشمل النويدات المشعة الشائعة : الراديوم (226Ra) والرادون (222Rn) والتكنيتيوم (99Tc) والثوريوم (232Th) واليورانيوم (238U)، و تستغرق وقتا طويلا للاضمحلال.
استراتيجيات المعالجة الحيوية للمواد المشعة ترتبط بقدرات الأيض النشيطة (the active metabolizing capabilities) لدى الكائنات الدقيقة، ويمكن أن تتخلص من هذه المواد عبر الاختزال الأنزيمي المباشر وغير المباشر للنويدات المشعة عبر عمليات الأكسدة والاختزال، وتغيير الحمضية وكذلك نشاط الالكترونات والامتصاص الحيوي، والتحلل البيولوجي للمركبات العضوية والتحفيز الحيوي.
—————
الاختزال الأنزيمي المباشر للنويدات المشعة
Direct enzymatic reduction of radionuclides
الأشكال المؤكسدة ( The oxidized forms) للنويدات المشعة شديدة الذوبان في الوسط المائي، مما يجعلها متنقلة في المياه الجوفية، في حين أن الأصناف المختزلة ( the reduced species) غير قابلة للذوبان إلى حد كبير وغالبا ما تترسب.
وقد أعلن بعض الباحثين عن الاختزال الأنزيمي لليورانيوم 6 (U(VI على سطح بكتيريا شيوانيلا بوتريفاسيانز( Shewanella putrefaciens)، وهذا بفضل نوع س من السيتوكروم (A c-type cytochrome) بكتلة 9.6 كيلودالتون (Kda ) يوجد بين الغشاء الداخلي والخارجي للبكتيريا والذي يعتبر ضروريا لاختزال اليورانيوم.
نفس الأمر بالنسبة للتكنيتيوم 7 (Tc(VII الذي يصعب إزالته عبر الطرق التقليدية الكيميائية، يمكن للكائنات الدقيقة أن تختزل هذا العنصر إلى التكنيتيوم 4 (TC(IV، وقد لوحظ لأول مرة الاختزال المباشر لهذا العنصر باستعمال بكتيريا “جوباكتر سولفوردوسنس” (Geobacter metallireducens) و”شيوانيلا بوتريفاسيانز” (Shewanella putrefaciens).
وأشارت دراسات أخرى إلى أن “الإشريكية القولونية ” (Escherichia coli ) قادرة على اختزال التكنيتيوم 7 (Tc(VII عبر المسلك اللاهوائي ومن ثم ترسب التكنيتيوم المختزل داخل الخلية.
——————-
الاختزال الأزيمي الغير مباشر للنويدات المشعة
Indirect enzymatic reduction of radionuclides
الاختزال الأنزيمي الطبيعي للنويدات المشعة يمكن أن يحدث عن طريق الاختزال الغير مباشر للملوثات القابلة للذوبان في البيئات الرسوبية والباطنية بفضل كائنات دقيقة تختزل المعادن أو الكيبريتات ( metal-reducing or sulfate-reducing microorganisms)
العديد من الكائنات الدقيقة مثل ” ميكروباكتريوم فلافيسنس”( Microbacterium flavescens) التي تنمو في أوساط تتواجد بها النويدات المشعة، أنتجت مركبات غير محددة مثل الأحماض العضوية ومستقلبات خارجية ( extracellular metabolites) قادرة على إذابة ونقل النويدات المشعة في التربة.
——————-
الامتصاص الحيوي و التجمع الحيوي
Biosorption and bioaccumulation
الامتصاص الحيوي هو عزل المعادن ذات الشحنة الموجبة في الأغشية الخلوية المشحونة سلبا والسكريات المفرزة على الأسطح الخارجية للخلية مكونة بذلك وحلًا وكبسولة حيث يتم تراكم هذه المعادن.
وقد تم الإعلان عن العديد من الكائنات الدقيقة من ضمنها الطحلب البحري البني “سيتروباكتر فرونديي” ( Citrobacter freundii ) و “فيرميكوتس” ( Firmicutes ) تعمل ككائنات ممتصة حيوية (biosorbent) للمواد المشعة.
—————–
التحفيز الحيوي
Biostimulation
التحفيز الحيوي باستخدام مجموعة من الكائنات الدقيقة هو طريقة أخرى لتطوير المعالجة الحيوية للنويدات المشعة، وقد وضعت هذه المعالجة من أجل التقليل من التوافر البيولوجي ( bioavailability ) ومنع انتشار اليورانيوم في المياه الجوفية عن طريق تعزيز نشاطات الكائنات الدقيقة، على سبيل المثال “ديسولفوفبريو” ( Desulfovibrio
) و”جيوباكتر” ( Geobacter sp ) و”شيوانيلا” ( Shewanella sp ).
—————–
التمعدن الحيوي للنويدات المشعة
Biomineralization of radionuclides
الكائنات الحية الدقيقة يمكن أن تتفاعل مع أيونات المعادن وبالتالي شل حركتها، وبعض هذه الكائنات تولد أغشية حيوية ( biofilms ) لربط كميات كبيرة من الأيونات المعدنية، وبذلك يمكن أن تعمل كمنصة لترسب المعادن الغير قابلة للذوبان.
البكتيريا “سيتروباكتر” ( Citrobacter sp ) أُفيدَ بأنها قادرة على إنتاج رواسب الفوسفات المعدنية إنزيميا.
——————
الكائنات الحية الدقيقة المعدلة وراثيا
Genetically modified microorganisms
استخدمت الهندسة الوراثية (Genetic engineering )وتكنولوجيا الحمض النووي المؤتلف ( recombinant DNA technology) لتوليد ميزات نوعية للكائنات الدقيقة بغية تخلص فعال من المعادن عن طريق الامتصاص.
بكتيريا “دينوكوكوس راديودورانز” ( Deinococcus radiodurans) والمعروفة بأنها أكثر البكتيريا مقاومةً للإشعاع (Radioresistant)، تمت دراستها لإزالة السموم في التكنيتيوم 7 (Tc(VII، الكروم 6(Cr(VI، واليورانيوم 6 (U(VI من التربة.
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3917470/
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/17883340/