التحنيك، سنة نبوية ووقاية طبية.
التحنيك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي صحيح البخاري (3619) عن أسماءَ رضي الله عنها: (أنها ولدت عبد الله بن الزبير، فأتت به النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعته في حجره فحنكه بتمرة ، ثم دعا له وبرَّك عليه)، وروى البخاري أيضا (5045) عن أبي موسى رضي الله عنه قال: (ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيمَ، فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة).
والتحنيك مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودَلكُ حَنَكِه به، والحنك هو باطن أعْلى الفم من الداخل.
فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وتتابعت الأمة على تطبيق تلك السنة عبر مئات السنين.
ومؤخرًا نشرت دراسة تُظهر عن غير قصد، فائدة هامة للتحنيك، قد تغير حياة الطفل من أولها لآخرها.
فبين عامي 2008 و2010 في مستشفى Waikato Women’s Hospital بدولة نيوزلندا، أُجريت دراسة على الأطفال حديثي الولادة؛ الذين أتموا مدة حملٍ كاملة والخُدَّج أيضًا، المعرضين لخطر انخفاض سكر الدم؛ وذلك الاضطراب شائع بنسبة 15% في المواليد الأصحاء، والذي قد يسبب تلفًا في خلايا المخ -إن لم يُعالج سريعًا- ويرجع لبعض العوامل، مثل كون الأم من مرضى السكري، أو أن يكون الطفل ناقص النمو أو وزنه ليس طبيعيًا سواءً بالزيادة أو النقصان، بنسب معينة، مما يؤدي إلى ضرورة وضع الطفل على محاليل وريدية سكرية بوحدة الرعاية المركزة والذي بدوره يؤثر على رضاعة الطفل الطبيعية والضرورية في أيامه الأولى ويعرضه لمخاطر أخرى.
قامت الدراسة على هؤلاء الأطفال لقياس مدى فاعلية إعطاء سكر الدكستروز على هيئة “مادة هلامية” بتركيز 40% فمويًا في تقليل نسبة حدوث انخفاض سكر الدم عند حديثي الولادة خلال أول 48 ساعة مقارنةً بدواءٍ وهمي، أظهرت النتائج تقليلًا مضاعفًا لاحتمالية انخفاض سكر الدم وأشار الباحثون أن تلك الطريقة هي الأفضل حاليًا مقارنةً بالطريق الوريدي من حيث النتائج وسهولة التنفيذ وقلة التكلفة والآثار الجانبية، موصيين بتكرار التجربة على عينات أكبر من الأطفال لتأكيد الفاعلية.
نشر البحث عام 2014 في مجلة Journal of Clinical Neonatology
جديرُ بالذكر أن متوسط تركيز سكر الجلوكوز -فقط- والذي هو سكر أحادي (وهو السكر الأساسي في الجسم البشري) في البلح عمومًا هو 30% تقريبًا بجانب السكريات الأخرى مثل الفركتوز والسكروز والتي تزيد في التمر عن غيرها، مع مراعاة تفاوت النسبة بين مناطق الزراعة المختلفة، فسبحان الله
والمسلم الحق يؤمن أن كل ما جاء به الدين مبني على حكمة سواء أظهرها الله لعباده رحمةً واستئناسًا أو أخفاها اختبارًا، ولا يتوقف إيمانه على ما ثبُت من حكم ظاهرة ولا يتكلف في إنزال الفرضيات والنظريات منزل قوانين الإعجاز العلمي ولكن من المؤكد أيضَا أنه كلما أذن الله للعلم البشري بالكشف عن آية من آياته فإن ذلك يزيد المؤمنين إيمانًا وأُنسًا وخشية {{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}} [التوبة: 124]
وأخيرًا، فما أظهرته الدراسة عن غير قصد هو أحد فوائد التحنيك الذي علمنا إياه مُعلمنا رسول الله، ولا يعني أن نحصره بذلك، والحمد لله رب العالمين.
إعداد: إسراء لطفي.
مراجعة: أبو فهد الرشيدي.
تدقيق لغوي: زياد رزق.