التحويل من “أُناس” إلى مجرد “أشياء”!
قد استُخدمت الصور المثيرة جنسيًا في الإعلانات والتجارة منذ زمنٍ بعيد، كـ: إعلانات الكحوليات، والسجائر، والموضة والموسيقى، بل وحتى في صور السيارات!!! فهم يسعون لاستخدام هذه الصور كوسيلة لترويج منتجاتهم، وحديثًا جرى استخدامها على الميديا، والإنترنت؛ فهل كان ذلك عزًا لها كإنسانة بالفعل؟ وهل كان مفيدًا للرجال والنساء؟
الصادم: ظهر في بعض الدراسات أنّ استخدام الصورة المثيرة للفتيات على الميديا له عواقب مضرة على الصحة، ليس فقط على صحة النساء العقلية والجسدية وإنما على صحة الرجال أيضًا ومدى إشباعهم الجنسي.
تابعوا معنا:
يستطيع البشر التفاعل والتواصل مع بعضهم على نحو أفضل عندما يحاولون تفهّم بعضهم الآخر، وقد خلصت الدراسة إلى أنّ مواقف التحيز الجنسي مع عملية استجناس الأشخاص (أي: إظهارهم كأدوات جنسية، كما في استخدامهم في الصور العارية) يُفسد عمليات الإدراك المجتمعي (Social-Cognition processes) العفوية؛ وهي العمليات الواعية التي تسمح للإنسان بالقيام بالاستنتاجات حول الحياة الداخلية للأشخاص الآخرين وفهمها؛ مما يسهّل التواصل بين الأفراد.
كان الهدف الأساسي وراء هذا البحث: الكشف عن تأثير مواقف المتحيزين جنسيًا على الارتباط بفهم الآخرين الموجودين في الصور الجنسية كأشخاص.
وفي إحدى الدراسات السابقة، لم يسعَ المشاركون في فهم حالات بعض الناس المثيرة للاشمئزاز، مثل: مدمني المخدرات، والمتشردين، ولأنهم لم يفهموا حالتهم الداخلية ولم يسعَوا لتعقلها.. فعندما طُلب منهم أن يصفوا يومًا كاملًا لهؤلاء الأشخاص.. استخدم المشاركون أفعالًا تدل على الحالة العقلية بدرجة أقل مقارنة بوصفهم لأشخاص آخرين؛ مما يعبر عن ابتعادهم عن التفكير فيهم باعتبارهم أفرادًا.
فهذا يدل على أنّ الأشخاص لا تسعى إلى فهم وتعقل (dementalizing) الأشخاص المثيرين للاشمئزاز؛ فهم ينظرون إليهم على أنهم أقل مشاركة ومنافسة في المجتمع، وأقل استقلالية، وأقل دفئًا وألفة!
إضافة لذلك، فإنه عندما عُرِضت صور لهؤلاء الأشخاص.. لم تُحفز لدى المشاركين منطقة القشرة الجبهية الأمامية الأنسية (mPFC) (medial prefrontal cortex) في المخ، التي لها علاقة بالألفة والإدراك المجتمعي والتعرف على كيان الشخص.
إنّ عملية الاستجناس (sexualization) (النظر للأشخاص كأدوات جنسية) تؤثر بوضوح على المسار النموذجي لعملية الإدراك المجتمعي، فعلى سبيل المثال في دراسة أخرى: كانت رؤية إعلانات صور مثيرة للفتيات:
– تسهل وتسرع استجابة الرجال للكلمات المتحيزة جنسيًا عمن في الصورة (فتاة مثيرة… إلخ).
– تبطئ من الاستجابة للكلمات غير الجنسية كإنسان له حياته (أم، أخت).
– تزيد الحصول على المعلومات بشكل نمطي مقولب بخصوص النساء المُجرى معهن مقابلة، (فعلى سبيل المثال: يتذكر المشاركون عنهن المظهر والسلوك الجسدي بدرجة أكبر، وبدرجة أقل الأداء والشخصية والسيرة الذاتية) مع زيادة السلوك المتعلق بالجنس في اللقاءات التالية معها (كالجلوس أقرب منهن مقارنة مع مجموعة المقارنة).
قد اقترح هذا أن معاملة الأشخاص على أنهم أشياء جنسية يقلل التفاهم العقلي والنفسي بينهم وبين الآخرين.
ولكن
تختلف الاستجابة لـ(صور الفتيات العارية) على حسب المستقبل نفسه، فبعض الأشخاص لا يقل لديهم التواصل العقلي معهن، وبعضهم الآخر يتأثر التواصل بدرجة واضحة.
أي: إنّ بعض الرجال عندهم (قابلية أكبر) من غيرهم على رؤية النساء المثيرات على أنّهن أشياء ولسن أشخاصًا.
الخلاصة:
بيّنت الدراسة أنّ النساء اللواتي يظهرن بصورة مثيرة يميل المشاهد المتحيز جنسيًا -نسبة من المجتمع- للنظر إليهن على أنهن أشياء، ولسن أشخاصًا.
فاستخدام المرأة كمادة للإثارة.. حوّلها لأداة جنسية وأزال عنها صورة الإنسانة التي لها حياتها عند نسبة كبيرة من المجتمع؛ هذا ماتوصلت له الدراسات.
سؤالنا نحن الباحثون: أين أصحاب “جسدي ثورة”، وأنّ “المرأة تُمتهن بالاحتشام”؟
لم يصدّقوا الله ورسوله؛ أفلا يصدقون أيضًا الدراسات العلمية (والتي هي أدنى من ذلك)؟!
أعدّه: نور الدين علي.
راجعه علميًا: طارق المهندس.
قوّمه لغويًا: طارق القضماني
صمّمه: محمد الصالحة.
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/20350187/