التطور ورجل القش!
حين تحكم الدوغما العلم؛ يصير كل بحث صغير كرأس دبوس دليلًا دامغًا على صحة التطور، وتصير كل دراسة ولو كانت لا تقدم حتى شبه دليل على التطور؛ قشة أخرى تضاف إلى كومة القش، لتصير “أطنانا” من الأدلة! لكنها فعليًا وزنها كوزن القش.
كثيرًا ما ينفخ التطوريون نتائج دراساتهم، ويعطونها أسماءً براقة وعناوين لامعة، هذا الأمر كثر عندهم لافتقار نظريتهم الأدلة الملموسة الواضحة. وهو ما يدفعهم لتعويض هذا النقص بوسائل أخرى، مثل تبهير النتائج وإعطائها أبعادًا لا تحتملها، أو إعادة تعريف المصطلحات وبناء رجل قش جديد كلما ذهبت الرياح برجل القش القديم.
في دراسة نشرت حديثًا؛ نقل علماء من جامعة يوتاه نوعًا (species) من القمل يسمى بقمل الريش Columbicola columba يعيش على أحد أنواع الحمام؛ إلى نوع آخر مختلف من الحمام ذي ألوان مختلفة يسمى “حمام الصخور Colombia livia… “. بعد أربعة أعوام أو 60 جيل من القمل؛ تغير لون الحشرات ليصير مقاربًا لون الحمام الذي وضع عليه، واختلف لون القمل من الفاتح إلى القاتم، هذا الاختلاف في اللون يحاكي فعليًا اختلاف اللون بين أنواع القمل العديدة المنتمية لنفس الـ Genus والموجودة على أكثر من 300 نوع طيور حول العالم.
احتفل هؤلاء الدراونة بنتائج الدراسة احتفالًا كبيرًا، وأعطوا تغير اللون اسمًا فخمًا – Adaptive radiation أو التكيف السريع – إلى هنا الأمر عادي جدًا، تكيف أدى إلى تغير في اللون.
لكن ما حدث بعدها أن أحد المشاركين في هذه الدراسة صرح قائلاً:
“People have been trying to bridge micro- and macro- evolution for a long time,” said Dale Clayton, professor in biology at the U and co-author of the paper. “This study actually does it. That’s a big deal.”
“الناس كانت تحاول دائمًا الربط بين التطور الأصغر والتطور الأكبر منذ زمن طويل – يقول دايل كلايتون وهو بروفيسور البيولوجيا في جامعة يوتاه وأحد مؤلفي الورقة العلمية- هذه الدراسة في الحقيقة تثبت ذلك”. هذا خطأ كبير! لأنه يا سادة يبني رجل قش جديد. الخطب جلل والأمر فظيع! فقد أعاد طرح تعريف التطور الأصغر على أنه تغير يحدث في زمن قصير، والتطور الأكبر يحدث في زمن طويل! ثم تجد “سارة بوش” المؤلفة الأولى للدراسة تقول:
“The changes in color that we saw are as light as the lightest species and as dark as the darkest species in the entire genus—and this genus has been evolving for millions of years,” said Sarah Bush, associate professor in biology at the U and lead author of the paper. “The changes and selection that happens day to day are the same patterns that we see over millions of years.”
“التغيرات في اللون التي شاهدناها حدثت من درجة أفتح نوع إلى درجة أقتم نوع في الـ Genus وهو يتطور منذ ملايين السنين، التغيرات والانتخاب الطبيعي الذي حصل من يوم إلى يوم يمثل نفس النمط الذي نشاهده عبر ملايين السنين”. لكن ما المفترض أن نشاهده حقًا عبر ملايين السنين؟! المفترض أن نشاهد ظهور أنواع جديدة كليًا حسب النظرية التطورية!! نشاهد ظهور أنواع مختلفة عن بعضها البعض كاختلاف الذباب عن القشريات مثل ما حدث في الانفجار الكامبري مثلًا!! فالتطور الأكبر هو تغير جذري وظهور أنواع مختلفة ذات مخططات جسدية مختلفة من أسلاف مشتركة متباينة عن بعضها بنيويًا ووظيفيًا وجينيًا، وليس تغيرًا طفيفًا في اللون من فاتح إلى قاتم! التغير المشاهد في هذه الدراسة لم ينتج أي أنواع جديدة أو أية معلومة جينية جديدة حتى “جين أو بروتين” هو تكيف بكل ما للمفهوم من معنى، ولو كان اختلاف الأنواع المنتمية لنفس الجنس من الكائنات كله هو مجرد اختلاف في اللون لما كانت هذه أنواعًا مختلفة أصلًا، مع الخلاف القائم حتى يومنا هذا في تعريف النوع أساسًا، فهو مفهوم مطاطي يطوعونه حسب الطلب.
تغيير مفهوم التطور الأكبر من تغيرات جذرية وجديدة ينتج عنها أنواع جديدة وشعب جديدة، إلى مجرد تغيرات تحدث في ملايين السنين حتى ولو كانت تغيرات طفيفة جدًا لا تضيف أي جديد! بل هو مجرد حيلة أخرى بائسة من التطوريين في صراعهم الدائم لإيجاد أدلة لنظريتهم التي أنهكتها الأدلة المعاكسة، وذهبت الرياح بأكوام قشها مرة بعد مرة. محاولة بائسة أخرى لإفراغ مفهوم التطور الأكبر من محتواه، ودليل آخر على إفلاس هذه النظرية علميًا وعدم قدرتها على إعطاء أية أدلة تثبت مزاعمها وفقًا للمنهج العلمي.