التهاب التامور..
ما هو التامور؟!
ربما تظن أنك تعرف كلَ أجزاء جسدك، فهو بسيطٌ من حيث عدد أعضائه، لكنْ هل سمعت بالتامور؟ ماذا لو التهب؟! ما الذي سيحدث؟
التامور هو لغةً الصومعة والوعاء وعرين الأسد والدم، وجميعها كلماتٌ تتصل بمقالنا وهذا من جانب اللغة، وأما في الطب:
التأمور أو التامور (بالهمز أو دونه) هو عبارة عن غشاء مصلي يحيط بالقلب كالصومعة، أو كعرينٍ للقلب.
فهو عبارة عن كيس، يتكون من وريقتين: مصليةٍ وجدرايَةٍ، يفصل بينهما كميةٌ قليلةٌ من السائل المصلي لمنع احتكاكهما وتسهيل حركة العضلة القلبية خلال الانقباض والانبساط.
لماذا يحتاج القلب التامور المحيط به؟
في الحقيقة له وظائفٌ هامةٌ جدًا:
وظيفة ميكانيكية: تتمثل بزيادة كفاءة العضلة القلبية عن طريق الحد من التوسع الشديد لها.
يؤمن التامور حجرة مغلقة يسكنها القلب، يسهّل ضغطها السلبي الامتلاء الأذيني، ويخفض من الضغط في لمعة أجواف القلب.
يشكل التامور عن طريق بنيته الغشائية درعًا يحمي القلب من الاحتكاك الخارجي، ويكون حاجزًا يحميه من الإنتانات والخباثات.
يقوم التامور أيضا بتثبيت القلب في مكانه.
لكن هل يمكن أن تصاب هذه الحجرة بمرض؟
يحتل التهاب التامور رأس الهرم في أمراض التامور وله الكثير من الأنواع، وأهمّها:
1. التهاب التامور الحاد
2. التهاب التامور المزمن (ومنها الالتهاب الانصبابي المزمن والالتهاب العاصر المزمن).
3. التهاب التامور الناكس.
وقد يصيب التهاب التامور اليوريميائي حوالي 10% من مرضى القصور الكلوي المتقدم قبل وضعهم على أجهزة التحال.
كيف يتظاهر التهاب التأمور؟
العرض الرئيسي في التهاب التأمور هو الألم الصدري الواخز والحاد الذي يشبه الألم الخناقي بتوضعه خلف عظم القصّ وانتشاراته إلى الكتفين، لكنه يختلف عنه بتحسنه عند انحناء المريض للأمام، بالإضافة إلى ذلك يشاهد لدى المرضى حالة عامة سيئة وخوف من الموت لظنهم أن الألم ناتجٌ عن احتشاء العضلة القلبية، ومن هنا تجدر الإشارة إلى ضرورة إسعاف المريض للمشفى لنفي الجلطة القلبية، فكثيرًا ما يصعب التمييز بين المرضين من طبيعة الألم وحدَه.
حسب المرض المسبب يمكن أن يتظاهر التهاب التأمور بأعراضٍ أخرى مرافقة كالحمى والسعال وصعوبات في التنفس.
في الالتهاب المزمن تكون الأعراض أقل حدّةً، إلا أنّ زيادة حجم السائل في التأمور عن حدٍّ معيّن يسبب قصورًا في العضلة القلبية (كما تعلم فالتامور كيس يحيط بالقلب، فامتلاؤه زيادة عن اللزوم يضغط على القلب)؛ والذي يتظاهر بدوره بقصر النفس والتعب وظهور الوذمات خاصّةً في الطرفين السفليين.
كيف يشخّص الطبيب التهاب التامور؟
سماع احتكاك التامور.
مخطط كهربائية القلب.
من الفحوص الأخرى المتممة: الصور الشعاعية والإيكو والتصوير المقطعي المحوسب، والرنين المغناطيسي.
يعتبر التهاب التامور مجهول السبب، وقد تكون الأخماج الفيروسية أسبابا شائعة، حيث غالبًا ما يحدث التهاب التامور عقب العداوى التنفسية.
بينما ينتج التهاب التامور الناكس أو المزمن عن الأمراض المناعية كالذئبة الحمامية الجهازية وكذلك تصلب الجلد المناعي والتهاب المفاصل الروماتيدي حيث ينتج الجسم أضدادًا ذاتيةً تهاجم الخلايا والأنسجة بشكل خاطئ.
بالإضافة إلى ذلك يعتبر التهاب التأمور السلّيّ أحد التظاهرات الشائعة عند مرضى السلّ الجهازي.
ومن الأسباب الأخرى المحتملة لالتهاب التامور نذكر:
جراحة القلب والنوبات القلبية.
القصور الكلوي والإصابة بفيروس عوز المناعة المكتسب (الإيدز).
إصابات الحوادث والعلاج الشعاعي.
بعض الأدوية كالفينيتومئين والوارفرين والهيبارين والبروكائين أميد.
كيف يعالج التهاب التامور الحاد؟ ومتى تكون الحالة إسعافيةً؟
في الحقيقة الأمر ليس سهلًا: يجب بدايةً نفي احتشاء العضلة القلبية وتسلخ الشريان الأبهر واحتشاء الرئة (الصمّة الرئوية) لتشابهها من حيث الأعراض وخطورتها المباشرة على حياة المريض.
يتوجب على الطبيب محاولة معرفة السبب الذي أدى إلى التهاب التأمور وعلاج المرض الأساسي، فعلى سبيل المثال يعالج السلّ بالأدوية المضادة للسلّ وعندها يتحسن التهاب التأمور السلّي.
أما علاج التهاب التامور في الحالات المهددة لحياة المريض فيكون جراحيًا بشكل أساسي وذلك لإزالة أعراضه الرئيسة التي تنتج عن انصباب التامور وذلك من خلال عدة مقاربات جراحية تتمثل ب:
1. قطع التامور:
وهو الإجراء الأشيع والأنجع في تدبير الانصبابات التامورية الكبيرة وذلك بفضل معدل النكس المنخفض، حيث يستخدم القطع لتدبير التهاب التامور العاصر والانصبابي والناكس بعد عدة هجمات.
2. بزل التامور :
يعتبر بزل التامور الموجه بالإيكو الإجراء الذهبي لتفجير جوف التامور وأخذ الخزعات منه، ويتم استخدامه عند الذين لديهم انصباب أكثر من 250 مل، وعند مرضى القصور الكلوي في حال عدم التحسن على إجراء التحال، وكذلك في حالة الانصباب العاصر.
3. النافذة التامورية:
نستخدمها في حالات الانصباب السيئة حيث نقوم بفتح نافذة مساحتها 2.9 سم أو أقل بين جوف التأمور وجوف الجنب لتخفيف ضغط السائل التأموري على عضلة القلب.
هل يمكن أن يتطور الأمر؟
نعم، إن لم يعالج:
1-السطام القلبي: يحصل عندما تزداد كمية السائل في جوف التامور بشكل كبير جدًا خلال فترة زمنية قصيرة، ممّا يعيق حركة القلب ويمنعه من الامتلاء بالدم وبالتالي يسبب هبوطًا سريعًا في الضغط ومن الممكن للسطام القلبي غير المعالَج أن يكون قاتلًا.
2-التهاب التامور العاصر المزمن: وهو مرض نادر يتطلب وقتًا كي يحدث مؤديًا لتشكل تبدّلات نسيجية في كيس التامور تعيق في نهاية المطاف حركة القلب مسببةً ما يدعى باعتلال القلب الحاصر.
هل يمكن الوقاية من التهاب التامور بشكل عام؟
لا يمكن الوقاية من التهاب التامور عادةً، لكن يمكن للمصاب بالتهاب التامور أن يتجنب النكس والاختلاطات الشائعة يكون ذلك بالمواظبة على متابعة وعلاج المرض الرئيسي المؤدي لالتهاب التأمور والالتزام بنصائح الطبيب.
دمتم بصحة وعافية.