هل سبق لكم وسمعتم عن التهاب الشغاف؟ هل هو الشغف الذي يخيِّم على قلوبنا حيال أمرٍ ما! وما علاقة الالتهاب بالشغف! أم هو شيءٌ آخر؟ في الحقيقة ما علاقة نظافة الأسنان بذلك؟!
كيف نقي أنفسنا منه؟ وهل له علاج إذا حدث؟
أسئلة عديدة نجيب عليها في مقالنا هذا بإذن الله.
*بدايةً ما معنى شغاف القلب؟
الشغاف هو الطبقةَ الداخلية التي تبطّن القلب والصمامات القلبية. بالإضافة إلى الشغاف يتكون القلب من العضلة القلبية والتأمور؛ والذي يمثل الطبقة المغلِّفة للعضلة القلبية.
يصاب شغاف القلب بالعديد من الأمراض، ولعلّ أهمها التهاب شغاف القلب الخمجي والذي سنتحدث عنه في سطور مقالتنا هذه.
يحصل التهاب الشغاف عندما تنتقل العوامل الممرضة كالجراثيم أو الفطور من أي جزء من الجسم (الفم على سبيل المثال) عبر مجرى الدم لتصل إلى الشغاف فتُسبب خمجًا خطيرًا يمكن أن يدمّر صمامات القلب أو يسبّب اختلاطاتٍ خطيرة إذا لم يُعالج سريعًا.
*ماهي أعراض التهاب الشغاف؟
تتنوع الأعراض من شخص لآخر حيث يمكن أن تحدث فجأة أو تتطور ببطء اعتمادًا على عاملين اثنين:
– نوع العوامل الممرضة المسببة
– وجود مشاكل أخرى بالقلب
وتشمل أهم الأعراض:
– أعراض شبيهة بالإنفلونزا كالحمى والعرواءات.
– تعب، وألم بالمفاصل والعضلات.
– تعرُّق ليلي، وتسرُّع بالنفس، وألم بالصدر
– وذمات في القدم والساقين والبطن (في مراحل متقدمة عند حصول قصور القلب نتيجة هذا الالتهاب).
بالإضافة إلى ما سبق يمكن أن نلاحظ أعراضًا أقل شيوعًا مثل:
– فقدان وزن غير مبرر.
– وجود دم في البول (عيانيًا أو بالمجهر).
– بقع جانوي وهي بقع حمراء تظهر على باطن القدم أو راحة اليد.
– عقد أوسلر وهي عقد حمراء تتظاهر تحت جلد أصابع اليد أو القدم.
– نمشات (بقع نزفية) على الجلد أو الأغشية المخاطية.
ماهي عوامل الخطورة التي تزيد من فرص الإصابة بالتهاب الشغاف؟
– عيوب القلب الخلقية الولادية.
– وجود صمامات صناعية في القلب.
– إصابة سابقة بالتهاب الشغاف.
– بعض الحالات المرضية كالحمى الرثوية (الروماتيزمية) التي تؤذي صمامات القلب.
*هل من الممكن أن تنتقل العدوى بطرقٍ أخرى؟
يمكن للأنشطة عبر الفم مثل قلع الأضراس وتفريش الأسنان عند وجود خمج سِنّيٍّ وإصابة باللثة أن تؤدي لانتشار الجراثيم والعوامل المُمرضة إلى المجرى الدموي ومنها إلى الشغاف.
بالإضافة إلى ذلك قد تحدث الإصابة عبر الأمراض المنقولة بالجنس، أو الداء المعوي الالتهابي أو عبر منطقة مصابة مثل قرحات الجلد، كما يمكن أن تحدث عبر القثاطر أو الإبر المستخدمة للوشم أو تعاطي المخدرات الوريدية.
هل تقتصر خطورة الإصابة على القلب، أم أن هناك اختلاطات أخرى؟
بعد الإصابة يتشكل من البكتريا وبقايا الخلايا المصابة في شغاف القلب كتل تدعى “التنبتات” تهاجر عبر الدم لتصل إلى أعضاء الجسم الأخرى فتسبب كثيرًا من الاختلاطات، أهمّها:
– السكتة الدماغية والاختلاجات نتيجة انسداد الأوعية المسؤولة عن – تروية الدماغ.
– تشكلات قيحية (خراجات) في الأعضاء المهاجرة إليها.
– الصمة الرئوية بسبب انسداد الشريان الرئوي.
– احتشاء الكلية أو الطحال.
*كيف نشخِّص الإصابة؟
عند ظهور أعراض وعلامات المرض نشكُّ بالإصابة، ولكن لتأكيده نحتاج إلى إجرائين مهمِّين هما:
– زرع الدم وتحديد العامل الممرض (الاختبار الأهم).
– تصوير القلب بأمواج الصدى (الإيكو القلبي): يعطي صورة ثنائية الأبعاد للقلب أثناء الحركة كما يساعد في رؤية بنية القلب والتحقق من وجود أي أذية (وبالتحديد قصور في الصمامات أو تنبّتات عليها)، وله نوعين:
أ- إيكو عبر المريء (الأكثر دقة).
ب- إيكو عبر الصدر.
من الإجراءات التي تفيد في تشخيص اختلاطات المرض: تخطيط القلب الكهربائي، وصورة الصدر بالأشعة السينية، والتصوير الطبقي المحوري والتصوير بالرنين المغناطيسي.
*كيف نعالج التهاب الشغاف؟
يعالج المريض في الأسبوع الأول حصرًا في المشفى بجرعات وريدية عالية من المضادات الحيوية المناسبة وذلك بعد أخذ عينة من دم المريض لتحديد العضوية المُسببة للالتهاب لاختيار المضاد الحيوي الأفضل (وهو ما يعرف بإجراء الزرع والتحسس).
يمكن للمريض مغادرة المشفى بعد ذلك وإكمال العلاج بالمنزل مع القيام بزيارات منتظمة للطبيب للتأكد من فعالية العلاج.
إذا ظهر لدى المريض وذمات في الساقين والقدمين بعد بدء العلاج يجب مراجعة الطبيب فورًا لأنها مؤشرات على حدوث قصور القلب.
معظم حالات التهاب الشغاف الخمجي تعالج بالصادَّات الحيوية؛ إلا أن بعض الحالات؛ وتحديدًا عند ظهور الاختلاطات الخطيرة كقصور الصمامات واحتشاء الدماغ والكلية؛ تحتاج إلى علاجٍ جراحيّ يقوم على استئصال التنبتات الجرثومية وتصنيع الصمام المصاب أو استئصاله واستبدال صمامٍ صناعيٍّ به.
*كيف نقي أنفسنا من الإصابة؟!
– مراجعة الطبيب فورًا عند ظهور أي عَرَض أو علامة للمرض.
– انتبه لصحة أسنانك وحافظ على نظافتها.
– تجنب الإجراءات التي قد تؤدي إلى التهاب الجلد مثل الوشم.
– قد يفيد استعمال المضادات الحيوية الوقائية عند الإجراءات السنية مثل قلع الضرس وخاصًة عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية.
وفي الختام نتمنى لكم دوام الصحة والعافية والسلامة!