لربما سمعت أنه لا يوجد شيء يستطيع التغلب على جاذبية الثقب الأسود ولا الإفلات منها، حتى الضوء الذي لا شيء -نعرفه- يفوق سرعته.
يُعد هذا مُسَلَّماً به وصحيحاً تماماً في المنطقة المجاورة للثقب الأسود؛ و لكن إذا ابتعدنا قليلا -لنقل إلى الأقراص التي تدور حول بعض الثقوب السوداء، والمتكوّنة من جزيئات المادّة العادية- فهناك يمكن للضوء أن يهرب.
في الواقع، هذا هو السبب وراء التألق الرائع للثقوب السوداء النشطة التي تشعّ في مجال الأشعة السينية.
هناك دراسة جديدة مقبولة للنشر في مجلة The Astrophysical Journal ظهرت حديثا وتقدم دليلاََ على أنه في الواقع ليس كل الضوء المشعّ من القرص المحيط بالثقب الأسود قد هرب بسهولة، بل جزء من هذا الضوء يستسلم لجاذبية الثقب الأسودِ القوية ويُسحب إلى داخل هذا الوحش. بعد أن يُسحب الضوءُ تحت تأثير الجاذبية القويّة للثقب الأسود يغيّر مجراه ويعود مرة أخرى للقرص ثم يهرب.
يقول رايلي كونورز، المؤلف الرئيس للدراسة الجديدة وباحث ما بعد الدكتوراه في كالتيك:
“لاحظنا أن الضوء القادم من مناطق قريبة جدا للثقب الأسود حاولَ الهرب منه والسقوط فيه، ولكن على الرغم من ذلك (أي محاولته الهرب) كان يُسحب جزء منه للداخل تحت تأثير الجاذبية القوية للثقب ويرتدّ مرة أخرى على القرص”.
وبالعودة إلى أرشيف المهمة RXTE ( Rossi X-ray Timing Explorer) التابعة لناسا وجمعها معا بالكلّيّة، فإننا توثّقنا من أن نتائج هذه الدراسة ممكنة في الواقع؛ فقد قام الباحثون بمتابعة الزوج XTE J1550-564 على وجه الخصوص، وهو متكوّن من ثقب أسود يدور حوله نجم يشبة الشمس.
عند رصد هذا الزوج وجدنا ما يلي:
“يُغَذّي” النجم مفترسه أثناء دورانه حوله، إذ يَسحب الثقبُ الموادَّ -بقوّة جاذبيتة الهائلة- إلى منطقة تُسمَّى قرص التنامي (القرص المسطح حول الثقب الأسود). ومن خلال النظر عن كثب للأشعة السينية القادمة من هذه الأقراص، وبينما ينجذب الضوء نحو الثقب الأسود متّبعا مسارا حلزونيا، وجد فريق البحث آثارًا تدلّ على أن الضوء قد مال عن مساره العاديّ نحو القرص ثم انعكس عنه.
يغيّر الثقب أيضًا مسار الضوء ويسحبه للداخل، إلا أن بعض الأشعة تحاول الهروب أثناء اتجاه الضوء إلى الثقب الأسود. لُوحظت موجات أشعة سينية قادمة من القرص حول الثقب الأسود.
يقول المؤلف المشارك خافيير جارسيا، أستاذ مساعد في الفيزياء في كالتيك:
“في الواقع، إن القرص يضيء نفسه بنفسه. كان الباحثون المختصون بالدراسات النظرية قد توقعوا وحددوا نسبة الضوء الذي سينحني مرة أخرى على القرص، والآن وللمرة الأولى، أكدنا هذه التوقعات”.
و قال العلماء، إن هذة النتائج الجديدة تقدم تأكيدا لنظرية أينشتاين النسبية العامة بصورة غير مباشرة؛ كما أنها ستساعد مستقبلا في قياس سرعة دوران الثقوب السوداء، بالرغم من أن هذا الأمر لا يزال غير مفهوم جيدا حتى الآن.
يقول كونورز، المؤلف الرئيس لهذة الدراسة:
“نظرًا لوجود احتمال لدوران الثقوب السوداء بسرعات كبيرة ، فهي لا تثني الضوء فحسب، ولكن تحرفه أيضاً”.
الدراسة الجديدة بعنوان “Evidence for Returning Disk Radiation in the Black Hole X-ray Binary XTEJ1550-564.”
للمزيد من المعلومات :
Riley M. T. Connors et al. Evidence for Returning Disk Radiation in the Black Hole X-Ray Binary XTE J1550–564, The Astrophysical Journal (2020). DOI: 10.3847/1538-4357/ab7afc
المصادر :
https://phys.org/news/2020-04-black-hole.html
https://iopscience.iop.org/article/10.3847/1538-4357/ab7afc