ذكرنا في المقال السابق من سلسلتنا #عجائبالجسمالبشري أن الجهاز العصبي الذاتي يقوم بعمله عن طريق نوعين من الأعصاب:
1- الأعصاب الودية أو ما يعرف بالجهاز العصبي الودّي (sympathetic nerve fibers).
2- الأعصاب نظيرة الودية أو ما يعرف بالجهاز العصبيّ نظير الودّي (parasympathetic nerve fibers).
وإنّ كلاً من الجهازين له تأثيرٌ على أعضاء الجسم معاكسٌ لتأثير الجهاز الآخر حيث تُغذَّى كثيرٌ من أعضاء الجسم بعصبٍ ودّي وآخر نظير ودّي يعملان معًا في تناغمٍ، ونمثّل تأثير الجهاز العصبيّ الودي بتأثير دواسة الوقود التي تزيد معدل احتراق الوقود وتزيد السرعة والنشاط، وتأثير الجهاز العصبي نظير الودي بتأثير المكبح الذي يقلل السرعة ويقلل النشاط.
عادةً ما يكون الجسم تحت تأثير حالة توازنٍ بين الجهازين حيث ينظمان معًا وظائف الجسم المختلفة مثل اتساع حدقة العين وحركة الأمعاء والتبول ومعدل نبضات القلب ومعدل التنفس … الخ ما عدا بعض الحالات التي يسود فيها تأثير أحد الجهازين على الجهاز الآخر:
فمثلاً في حالات الخطر يسود تأثير الجهاز العصبي الودّي (كما ذكرنا في المقال السابق : هنا)، وفي حالات النوم والاسترخاء يسود تأثير الجهاز العصبي نظير الودّي، وفي بعض الحالات لا يكون تأثير الجهازين العصبيين معاكسًا لبعضهما البعض بل يكونان مكملين لبعضهما كما في حالة النشاط الجنسي وكذلك عند إفراز اللعاب.
وذكرنا تأثيرات الجهاز العصبي الودي وكيفية عمله، نأتي الآن إلى تأثيرات الجهاز العصبيّ نظير الودي على أجهزة الجسم وطريقة عمله، تابعوا معنا :
الجهاز العصبي نظير الودي هو جزءٌ من الجهاز العصبي اللاإراديّ ينشأ من الدماغ والمنطقة العجزية من النّخاع الشوكيّ وعلى عكس الجهاز العصبيّ الودي فإن الجهاز العصبيّ نظير الودي ينظم الوظائف التي تتطلب تنظيمًا مركزيًا خلال فترات الراحة والنوم وهضم الطعام.
حفاظًا على الطاقة، لتقليل معدل استهلاك هذه الوظائف للطاقة (عكس الأمور التي وردت في مقالنا عن الجهاز الودي، راجع الرابط أعلاه واستمتع وتعلم عن جسمك أو لعموم الفكرة تابع معنا لنهاية المقال )، كما يقوم هذا الجهاز بخفض معدل الأيض بحيث نستهلك كميةً أقل من الطاقة المخزنة، بل ويقوم أيضًا بتخزين الطاقة لحين احتياجها في فترات النشاط (يزيد من معدل تصنيع الجليكوجين والذي يستخدم لاحقًا كمصدرٍ للطاقة وخصيصًا عند استثارة الجهاز الودي).
يقوم هذا الجهاز أيضًا بخفض ضغط الدم ومعدل النبض والتنفس إلى الوضع الطبيعيّ، لذلك يشار إليه بنظام الراحة والاسترخاء على عكس الجهاز العصبي الودي الذي يشار إليه بنظام المحاربة أو الفرار.
القلب: ذكرنا سابقًا أن الجهاز الوديّ يؤدي لزيادةٍ في عدد ضربات القلب، لكن هذا الجهاز يخفض من ضربات القلب لأنه جهاز الاسترخاء، ويقوم كلا الجهازين معًا بتنظيم ضربات القلب خلال اليوم.
الجهاز الهضميّ: يقوم الجهاز نظير الودي بزيادة نشاط الجهاز الهضميّ (الحصول على الطاقة ) وكذلك يقوم كلا الجهازين بتنظيم عمله.
المثانة: يساعد على إدرار البول، بعكس الجهاز الودي الذي يمنع هذا في حال الخوف أو القتال (بعكس ما هو شائع).
في حال ارتفاع ضغط الدم: هَيّأ الله لنا في شرايين جسمنا (في القوس الأبهري) حساساتٍ خاصةً لضغط الدم، فعندما يرتفع ضغط الدم ترسل هذه الحساسات إشارةً للدماغ فيقوم الدماغ بإثارة الجهاز نظير الودي والذي بدوره يخفض من ضربات القلب ليخفض ضغط الدم.
كما أنه يتدخل بعمل غددٍ مختلفةٍ في الجسم فيقوم بتنظيم عملها.
كل تلك الأمور وأنت لا تدري، إنما بخلق عليمٍ خبيرٍ.
ربما كان ذلك كافيًا لفهم طبيعة عمل هذا الجهاز. حفظ الله لكم صحتكم وعافيتكم.
.