استُخدمت مجموعة من المواد الكيميائية المختلفة كأسلحة طوال فترة الصراع في الحرب العالميّة الأولى، وكان الفرنسيون أوّل من استفاد من ذلك عندما حاولوا استخدام الغاز المسيل للدموع ضد الجيش الألماني في أغسطس 1914.
لم تكن هذه الغازات -المسيلة للدموع- مصمَّمة للقتل بل مِن أجل شَلّ قدرات العدو وجعله غير قادر على الدفاع عن مواقعه، فهي تسبِّب البكاء بسبب تهيج في العينين كما أنها تهيج الفم والحنجرة والرئتين، مما يؤدي إلى صعوبات في التنفس. التعرض لتركيزات أكبر يمكن أن يؤدي إلى العمى المؤقَّت، ولكن أعراض هذا الغاز تختفي عادة في غضون 30 دقيقة مِن مغادرة المناطق التي استخدم بها..
في الواقع، كان استخدام الغاز المسيل للدموع على ساحة المعركة غير فعال جدّا، ومع ذلك فإنه فتح الباب أمام استخدام غازات ألأكثر ضررا.
-أول هذه الغازات كان غاز الكلور، استُخدم لأول مرة على نطاق واسع مِن قبل القوات الألمانية في ابرس في أبريل 1915.
الكلور هو غاز ثنائي الذّرة، وتتجاوز كثافته 2.5مرّة كثافة الهواء. يتفاعل مع الماء في الرئتين لتكوين حمض الهيدروكلوريك، والتي يمكن أن تؤدي بسرعة إلى الموت. بتركيزات أقلّ، يمكن أن يسبِّبَ السّعالَ والقيء والتهيج في العينين.
-كان في أول استخداماته قاتلًا ضد الجنود غير المجهزين بالأقنعة الواقية من الغازات
ومع ذلك، فإن فعاليّةَ الكلور القصيرةُ الأجل ومظهرَه المميز باللون الأصفر الباهت أو الأخضر، ورائحتَه القويّة جعلت من السّهل اكتشافَه. وواقع الأمر أن غاز الكلور يذوب بالماء مما جعل طرق الوقاية منه أكثر بساطة عن طريق وضع قطعه قماش مبللة بالماء على الأنف والفم.
كان الفوسجين هو الغاز الذي استخدم عقب ذلك، ومرة أخرى استُخدم لأول مرة في ابرس من قِبل الألمان في ديسمبر 1915. الفوسجين هو غاز عديم اللون، مع رائحة تشبه القش العفن، غاز الفوسجين هو غاز شديد السمّية نتيجة قدرته على التفاعل مع بروتينات الرئة، ويؤدي إلى الاختناق.
-كان الفوسجين أكثر فعالية وفتكًا من الكلور بكثير، على الرغم من عيب واحد هو أن الأعراض يمكن أن تصل في بعض الأحيان إلى 48 ساعة حتى تظهر. آثاره المباشرة السّعال وتهيج في العينين والجهاز التنفسي. وفي وقت لاحق، فإنه يمكن أن يسبّب تراكمَ السوائل في الرئتين، مما يؤدي إلى الموت.
جنبا إلى جنب مع الكلور والغازات السامة، الأكثر شهرة استخداما في الصراع هو غاز الخردل. كبريت الخردل هو في الواقع مجموعه تحتوي على عدة مركبات مختلفة، في أشكالها نقية، فهي السوائل عديمة اللون، ولكن في الحرب تستخدم أشكال اقل نقاوة ذات لون اصفر وبنّي ورائحة شبيهة بالثوم أو الفجل. يسبب الحروق الكيميائية عندما يتلامس مع الجلد، مما يؤدي إلى ظهور بثور كبيرة بسائل أصفر.
بدايةً، عند التعرض لهذا الغاز لا تظهر الأعراض، ولكن مع مرور الوقت تبدأ البشَرة في الاحتراق ويكون الوقت أصبح متأخرا لاتّخاذ أي إجراءٍ وقائي.
ومع ذلك، فإن هذه المواد الكيميائية لا تزال لديها استخداماتها. على سبيل المثال، الفوسجين هو كاشف صناعي هام، ويُستخدم في تركيب المستحضَرات الصيدلانية وغيرها من المركبات العضوية الهامّة.
تم حَظْر السّلاح الكيميائي في وقت لاحق من بروتوكول جنيف لعام 1925، الذي وقعت عليه معظم الدول المشاركة في الحرب العالمية الأولى .