#الحكمة_والإتقان_في_جهاز_ا
تحدثنا في الحلقة الماضية عن وسائل الدفاع المعجزة في جهازنا التنفسي، واليوم نتابع..
خرج صاحبنا من مركز التسوق واستقل سيارته ومضى، كان الجو حاراً بعض الشيء فترك مجالاً للهواء أن يدخل من النافذة…في هذه الأثناء يتعرض الوجه لتيارات من الهواء المحمل بالغبار والجراثيم والتي تمر بجانب الأذن أيضاً، إلا أن شمع الأذن (الصُملاخ Earwax) يعمل كَفخٍ يُوقِعُ بالغبار والجراثيم ويمنعها من الوصول إلى الداخل فتؤذي طبلة الاذن، كما أن هذا الشمع يحتوي على مواد وإنزيمات مثل (Lysozyme) تمنع نمو الفطريات والبكتيريا .
عندما وصل صاحبنا أحسَّ بحكة في أذنه فأخرج مفتاحه الذي كان في جيبه لِيحُكَّها، تصرفه خاطِئ طبعاً، وفي المرة القادمة استخدم أعواد تنظيف الأذن بحذر حتى لاتؤذي طبلة أذنك (Eardrum) smile emoticon
في المنزل بدأ بفرز الأغراض التي اشتراها وكان بحاجة لفتح بعض الأكياس، ورغم أن استخدام المقص أكثر أماناً؛ إلا أن أغلب الناس عندما تكون في المطبخ تستخدم السكين.
أخذ السكين وبدأ بفتح الكيس، من بعيد نادته زوجته التفت نحوها…آااه !! صاح من ألمه، لقد جرح إصبعه !
في هذه الأثناء كانت السكين قد اخترقت طبقتي البشرة (Epidermis) والأدمة (Dermis)، وبدأ الدم بالسيلان بطيئاً من الأوعية الدموية في هذه الطبقة.
ومن تقدير الخالق عز وجلّ أن الأوعية الدموية في الطبقات العليا للجلد أوعية شعرية دقيقة، وإلا كانت أدنى إصابة أو جرح سبباً في الوفاة، ولأن الشيء بالشيء يذكر؛ فإن الوعاء الدموي الذي تراه بلون أزرق في يدك هو الوريد (Vein) وعند إصابته فإن الدم فيه لا يكون تحت ضغطٍ عال، فيكون النزف الوريدي على شكل دفق ثابت بطيء وليس على شكل دفقات نبضية سريعة مثل الشريان (Artery)، ولهذا فإن النزف الوريدي أقل خطورة من النزف الشرياني، ويتوقف تلقائيًا بعد 6 أو 8 دقائق (يستثنى من هذه القاعدة بالطبع النزف الناجم عن جرح قطعي في وريد كبير الحجم).
وقد يتساءل شخص : ما هي الحكمة من كون الشريان عميق والوريد سطحي؟ ورغم أنه ليس مجال بحثنا إلا أن الحكمة من ذلك فإن النزف الشرياني مميت ويصعب السيطرة عليه على عكس النزف الوريدي، كما ذكرنا آنفاً، كما أن الاطباء اليوم يلجؤون إلى التغذية الوريدية والعلاج الوريدي في حالات الغيبوبة و الإنتانات الحادة والحالات الحرجة الأخرى، لقرب الأوردة من السطح ولأنها تعود بالدم مباشرة للقلب فيوزع مافيه من غذاء ودواء عبر الشرايين، ما يُنقِذُ حياة الملايين من البشر.
الآن سنعود بكم في الذاكرة قليلاً إلى حلقة الجلد…
تذكرون أن صاحبنا كان في السوق، وأنه لامس الغبار والجراثيم بشتى أنواعها، وتذكرون أن الجلد منع دخولها، لكن الآن الجلد مقطوع والممر سالك إلى الداخل وهناك الآلاف من الجراثيم التي تتحين الفرصة كي تتسلل إلى الداخل….تُرى ماذا سيحدث؟
تابعوا معنا ذلك في الحلقة القادمة بإذن الله…