الحمى الصفراء yellow fever
المرض الذي هزم جيش نابليون!!
هل سمعت مسبقًا بالحمى الصفراء؟ في الحقيقة هذا المرض لم يقضِ على عشرات آلاف الجنود الفرنسيين وحسب، بل أدى إلى قرارات محورية عديدة على مر التاريخ مثل نقل عاصمة الولايات المتحدة من فيلادلفيا التي كانت تعاني من تفشيات عدة لهذا المرض، وكذلك إيقاف شق قناة بنما وغيرها من الأحداث…
الحمى الصفراء هي مرض فيروسي ينتمي لما يسمّى بالحمى النزفية، والتي هي مجموعة أمراض حمية تتميز بتسببها بنزيف من الأغشية المخاطية والمجرى الهضمي (رابط مقالنا عنها في التعليقات)، وقد سمي النوع الذي سنتكلم عنه بالحمى الصفراء بسبب مظهر المريض المصفر نتيجةً لإصابته باليرقان، وسنتناول في هذا المقال نظرة سريعة عن هذا المرض فتابعوا معنا…
أولًا: الانتقال والانتشار:
ينتقل هذا المرض عن طريق لسعة فصائل معينة من البعوض، حيث ينتقل الفيروس بين القرود (والتي يعد المرض مستوطنًا فيها) وبين القرود والإنسان في الغابات والقرى القريبة منها، وبين الناس بعضهم بعضًا داخل المدن مع اختلاف الفصيلة الناقلة للمرض.
هجوم الفيروس:
قبل أن تقرأ هذا الجزء عليك أن تعلم أن 15-25% فقط من المصابين يتحولون لحالات خطرة وأنّ الكثير منهم لا يظهر أعراضًا أصلًا أو يشفى ذاتيًا.
ولكن السيناريو القادم هو تصوير لعمل الفيروس في حالة سيره في طريقه بصورة مثالية وعدم مقدرة الجسم على صده أو تلقي العلاج المناسب، وكذلك قوة سلالة الفيروس.
حيث يبدأ الهجوم بإصابة أحد أنواع الخلايا المناعية في الأدمة، ثم ينتقل ليصيب أحد أنواع الخلايا المناعية أيضا في الكبد خلال الـ24 ساعة الأولى، ويعد الكبد العضو الأهم في هذا المرض (ولهذا يسبب اللون الأصفر ).
ليس ذلك فقط
ينتشر الفيروس أيضًا وبصورة سريعة إلى الجهاز اللمفاوي ونقي العظم والطحال والكلى مؤديًا لفشل كلوي بسبب تضرر الكلية الشديد، وقد يتضرر القلب أيضًا وتلتهب عضلته ويختل انتظام ضرباته.
وقد يسبب المرض وذمة (edema) في الجهاز العصبي المركزي مع نزيف.
ويصحب هذا المرض نزيف من المجرى الهضمي فهو أحد أنواع الحمى النزفية كما قلنا سابقًا وسبب ذلك هو انخفاض عوامل التخثر التي يصنعها الكبد بسبب تضرره.
ثم في النهاية تحصل صدمة بسبب إفراز الجسم لعوامل مناعية ودفاعية عديدة بكميات كبيرة جدًا تقود لصدمة (shock) ثم الموت.
الأعراض:
كما قلنا أعلاه فإن الكثير من المصابين لا يظهرون أي أعراض، ولكن في حالة ظهور الأعراض فستكون كالآتي:
في الكثير من الحالات تكون الأعراض عبارة عن ارتفاع في الحرارة مع غثيان وإقياء وفقدان شهية، وآلام في الظهر والعضلات وصداع.
غالبًا ما تختفي الأعراض بعد 3 إلى 4 أيام ذاتيًا ومن دون علاج، ولكن في بعض الحالات القليلة ينتقل المصاب لحالة سميّة أكثر حدة خلال 24 ساعة من اختفاء الأعراض الأولى وتتمثل بارتفاع الحرارة مجددًا ولدرجات عالية ومشاكل تصيب مختلف أجهزة الجسم (تخيلها معنا لتعرف سوء سمعة المرض ) وأبرزها الكبد والكليتين، وفي هذه الحالة يظهر لدى المريض يرقان وبول غامق اللون وآلام في البطن وإقياء، ويبدأ المريض بالنزف من الفم و/أو الأنف، العين، المعدة؛ حيث يصاب المريض بفشل كبدي و/أو كلوي ووذمة رئوية والتهاب في عضلة القلب.
نصف الحالات التي تدخل في هذا الطور تنتهي بالوفاة خلال 7 إلى 10 أيام وذلك حسب قوة السلالة الفيروسية ومناعة المصاب.
العلاج:
للأسف لا يوجد علاج تام لهذا المرض، ويقتصر الأمر على متابعة حالة المريض بعناية فائقة وإعطائه معالجة داعمة لما يعاني من أعراض، وفي حالة النزف الفعّال يمكن نقل وحدات بلازما مجمّدة وطازجة وحاوية على عوامل التخثر للمحافظة على زمن البروثرومبين بحدود 25 – 30 ثانية.
الوقاية:
اللقاح: جرعة لقاح واحدة كفيلة بتوفير حماية مدى الحياة.
وفي النهاية عافانا الله وإياكم وأبعد عنا الأمراض والأسقام…