تحدّثنا في المقال السابق (هنا) عن نوعٍ من أنواع قصور الدرق وهو التهاب درق هاشيموتو، سنتناول في هذا المقال أحد أشكال فرط نشاط الغدة الدرقية (الداء المعاكس له)، وهو داء غريفز Graves’ Disease
#داء غريفز:
هو مرضٌ مناعيٌّ تسببه الغلوبولينات المناعية IgG (وهي أجسامٌ مضادةٌ)، فما الذي تسبّبه هذه الأجسام المضادة؟!
كما ذكرنا في المقال السابق تستقبل الغدة الدرقية أوامر الإفراز من خلال الهرمون المنبّه للدرق TSH (وهو هرمونٌ يُفرَز من الغدة النخامية الموجودة في الدماغ).
#لكن في داء غريفز، يحدث خللٌ في عمل جهاز المناعة يُسبب تحرر أجسامٍ مضادةٍ شاذّةٍ مشابهةٍ لهرمون TSH المنبّه، فترتبط هذه الأجسام المضادة بمستقبلات TSH وتقوم بعمل الشّادّ فتفعلها تفعيلًا دائمًا، مما يؤدي لتحفيز الخلايا الدرقية لإنتاج وتحرير هرمونات الدرق باستمرارٍ (أي يصل للغدة الدرقية أوامر مزيفةٍ باستمرارٍ).
#السبب الرئيسي لإنتاج مثل هذه الأضداد الشاذّة غير معروفٍ.
لكن -وكما في التهاب هاشيماتو- تسبب عدّة عوامل المرضَ؛
إحدى هذه العوامل:
-الوراثة؛ فمثلًا إذا أُصيب أحد التوأمَين، فيمكن أن يُصاب الآخر باحتمالٍ قدره 20%، كذلك النساء أكثر عرضةً للإصابة من الرجال.
-التدخين؛ المدخنون المصابون بداء غريفز، أكثر عرضة للإصابة بمشاكل عينيةٍ من المرضى غير المدخنين.
#بما أنّ هرمونات الدرق تنظّم عمليات الاستقلاب في الجسم، واستهلاك الطاقة من الطعام الذي نتناوله (الاستقلاب مرتبطٌ مباشرةً بكمية الهرمونات المنتشرة في الدم)، فإذا أفرزت الغدة الدرقية هرموناتها بإفراطٍ كما في داء غريفز ستسبب تسريع عمليات الاستقلاب في الجسم للسرعةٍ القصوى، ممّا يسبّب ظهور أعراض فرط نشاط الدرق، وهي:
-زيادةٌ في معدل ضربات القلب.
-فرط تعرّقٍ وعدم تحمل الحرارة.
-ارتعاشٌ.
-زيادة الشهيّة مع خسارة الوزن.
-إسهالٌ.
-عصبيّةٌ.
-اضطراباتٌ في الطمث والوظائف الجنسية.
#في بعض حالات داء غريفز، يبقى المرض بحالة سكونٍ (أي عدم ظهور الأعراض) لأشهرٍ أو لسنواتٍ،
وبدون علاجٍ مما قد يسبب مضاعفاتٍ خطيرةً، ومن الممكن أن يسبب الموت.
لكن غالبًا في حال تلقي المعالجة الطبية لن تحصل مضاعفاتٌ طويلة الأمد.
#من المضاعفات المميّزة لداء غريفز هو جحوظ العينَين، حيث يحدث تهيّجٌ وتوّرمٌ بعضلات العين وأنسجتها، وفي حال زيادة الجّحوظ فإنّ جفن العين لن يستطيع حماية مقلة العين جيدًا، مما قد يُسبب تمزّقًا وألمًا.
#في حالاتٍ نادرةٍ من جحوظ العينَين، قد يسبّب توّرمُ عضلات العين ضغطًا كبيرًا على العصب العيني والذي يمكن أن يؤدي إلى العمى الجزئيّ.
وكذلك ضعف عضلات العين المُسبَّب بالتهابٍ لفترةٍ طويلةٍ قد يفقدها القدرة على التحكم بالحركة، مما يسبّب رؤيةً مضاعفةً.
نسبةٌ صغيرةٌ فقط من مرضى غريفز يظهر لديهم جحوظ العينين؛ حتى هؤلاء الذين يظهر لديهم جحوظ العينين، فإن شدة مرضهم لا يُحدّد مدى خطر اضطراب العين أو مدى جحوظ العين لديهم.
#نادرًا ما يعاني المرضى من تورّم الجلد وما تحته من نسجٍ، فيصبح سميكًا ومحمرًّا عند السّاق، لكنّه عادةً غير مؤلمٍ وغير خطيرٍ.
هذه الحالة -كما جحوظ العين- ليس من الضروري أن تظهر مع بداية المرض وغير مرتبطةٍ بشدة المرض.
#العلاج (لحالات فرط الدرق بشكلٍ عامٍ):
إعطاء أدويةٍ وظيفتها إما تثبيط أحد مراحل اصطناع هرمونات الدرق،
أو تعديل استجابة النسج لهرمونات الدرق،
أو من خلال تدمير الغدة بالإشعاع
أو الجراحة.