الذرة تتحدث عن نفسها – مقال جميل وبسيط للدكتور علي عبده Ali Abdou. (أستاذ مشارك الهندسة النووية)
أنا أصل هذا الكون الفسيح الذي نحيا فيه ، ووحدة بنائه و ما فيه من عناصر ، أنا في الهواء الذي تتنفسه ، و الماء الذي تشربه ، و الطعام الذي تأكله والسيارة التي تركبها والفراش الذي تنام عليه وأغلب المواد التي تستخدمها في حياتك اليومية ، بل أنا لبنة جسدك الأساسية فهل علمت من أنا؟
أنا الذرة والذرة أنا
If, in some cataclysm, all of scientific knowledge were to be destroyed, and only one sentence passed on to the next generations of creatures, what statement would contain the most information in the fewest words? I believe it is the atomic hypothesis (or the atomic fact, or whatever you wish to call it) that all things are made of atoms
Richard Feynman
إذا قدر حدوث كارثة دمرت بسببها كل المعارف العلمية، وجملة واحدة فقط من هذه المعارف قدر لها أن تنتقل إلى الأجيال القادمة من المخلوقات، ما الجملة التي تحتوي على معظم المعلومات في أقل عدد من الكلمات؟ أعتقادي أنها جملة الفرضية الذرية (أو الحقيقة الذرية، أو كيفما يحلو لك أن تسميها) أن كل شيء مكون من الذرات
ريتشارد فاينمان
أنا أصغر بناء في الكون لي صفات مستقلة فإن فتتني إلي مكوناتي فقدت صفاتي وإن فاعلتني وأشركتني مع أقراني من الذرات الأخري أريتك العجائب من صفات وتراكيب شتي لا نهائية تذهب بعقل اللبيب ولا يستطيع لها حصرا ولا عدا
دعني أخبرك من أنا
منذ قديم الأزل والتاريخ الضارب في عمق البشرية، تساءل الإنسان هل إذا قسمنا قطعة من الصخر او أي شيئ آخر إلي قسمين ثم قسمنا كل قسم إلي قسمين وهكذا بإستمرار هل سنصل إلي جزء لا يتجزأ أم سنكمل التقسيم إلي مالا نهاية
فأنقسم الفلاسفة إلي فريقين
أحدهما يري أننا لن نتوقف أبدا
والآخر يري أننا سنصل إلي جزء لا يتجزأ وأطلقوا عليه أتوموس أو الجزء الفرد الذي لا يتجزء وكان من أهم الداعمين لوجهة النظر هذه الفيلسوف اليوناني ديمقراطيس
وكان لكل أمة نصيب من هذه النقاشات ولم تكن الأمة الإسلامية بمعزل عن ذلك حيث كان للمفهوم الذري نصيب من آراء جمهور من المتكلمين العرب وإعتقادهم بوجود الجزء الذي لا يتجزء كأبو القاسم البلخي و الهذيل العلاف والجبائي و أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني والبيروني وأبن سينا وغيرهم الكثير من علماء المسلمين
أستمر هذا التعريف سائدا لأواخر القرن التاسع عشر وأواخر القرن العشرين دون إضافة تذكر حتي لم يخل الأمر من وضع نماذج هنا وهناك لتفسير بعض الظواهر
كان أول من وضع نموذجا للذرة هو العالم الأنجليزي جون دالتون عام ١٨٠٥م ، و كانت نظريته حول الذرة تنص على أن : الذرة غير قابلة للإنقسام . ذرات العنصر الواحد متشابهة و ذرات العناصر المختلفة تختلف عن بعضها . تقوم الذرات بالاتحاد في ما بينها لتكوين المركبات .
لم يكن هذا النموذج كافيا لتفسيرات كثير من الظواهر فقام ج ج طومسون بوضع نموذجا للذرة عام ١٨٩٧شبيها بالبودينج أو البطيخة والتي تمثل حجم الذرة بشحنتها الموجبة وبذورها المنغمسة بوسطها ويمثلها الإلكترونات بشحنتها السالبة
لكن هذا النموذج فشل في تفسير تفاعلات الذرة الكيميائية .
فأتبعة العالم أرنست رذرفورد عام ١٩٠٩ بنموذجه المماثل للمجموعة الشمسية بناء علي تجاربه الرائدة بإستخدام ذرات الذهب وجسيمات ألفا النووية
اكتشف رزرفورد أن الذرة معظمها فراغ وتتركز كتلتها في منتصفها وتحمل شحنة موجبة ويدور حولها في مدارات خارجية إلكترونات سالبة وهو ما يجعل الذرة متعادلة كهربائيا
لتتخيل فراغ الذرة دعنا نقول أن قطر نواة الذرة هو ١ علي واحد وأمامه ١٥ صفرا وقطر الذرة هو ١ علي ١ وأمامه ١٠ أصفار من المتر فإذا كبرنا النواة حتي تصير في حجم برتقالة لكانت مسارات الإلكترونات تلف مبني عملاقا يمتد الي عشرات أو مئات الأمتار
أكتشف رزرفورد أحد مكونات الذرة وسماه بروتون، من الكلمة الإغريقية بروتوس والتي تعنى الأول.
فشل نموذج رزرفورد في تفسير إستقرار الذرة من الناحية الكهرومغناطيسية فوفقا لنظرية ماكسويل أي جسيم مشحون يدور حول آخر مختلف معه في الشحنة يفقد طاقة بإستمرار وينكمش مساره حتي يقع علي الجسيم الآخر المختلف معه في الشحنة فيتلاشيا وهو مالا يحدث للذرات وإلا لفني الكون وما فيه
قدم تلميذه النجيب نيلز بور نموذجا جديدا كان ناجحا في تفسير كثيرا من الظواهر ومنها متسلسلات الضوء المنبعث من ذرة الهيدروجين
كان الفضل لجيل جديد من شباب الباحثين لوضع لبنات علم جديد وهو ميكانيكا الكم لبناء نموذج ذري جديد يكون بديلا عن نموذج بور ويفسر كثيرا من الظواهر التي فشل في تفسيرها من التفاعلات الكيميائة إلي الظواهر النووية إلي فيزياء الجوامد وغيرها الكثير
وكان من هؤلاء النجباء
هايزنبرج وباولي وشرودنجر وديراك وماكس بورن وإرينفست وبلانك وسومرفيلد
أكتشف جيمس شادويك النيوترونات وهي جسيمات متعادلة لها تقريبا نفس كتلة البروتون وتقطن معه نفس نواة الذرة و مما سبق نستنتج أن
الذرة ليست أصغر شيء في هذا العالم ، لأنها تتكون من أجزاء أصغر و هي : البروتون و النيوترون و الألكترون .
الــــذَّرَّة بالغة الصِّغر، فهي لا تتعدى واحدًا على مليون من سُمْك شعرة.
فقطر الذرة غالبا ما يقاس بالانجشتروم وهو واحد علي عشرة آلاف مليون جزء من المتر
يا إلهي، ياله من صغر
إنتظر وستعرف أن الذرة ليست أصغر بناء
تحتوي أصغر عيِّنة يمكن رؤيتها بمجهر عادي على ما يزيد على عشرة بلايين ذرة.
وتتكون جميع العناصر الكيميائية من ذرات وتشمل العناصر الشائعة في الطبيعة من الهيدروجين والأكسجين والنيتروجين والحديد والنحاس والرصاص. ويتكون كل عنصر كيميائي من نوع أساسي واحد من الذرّات أما في صورة منفردة أو في صورة ترابط أكثر من ذرة لتكوين جزيئات
أما المركَّبات الكيميائية، فهي مواد أكثر تعقيدًا من حيث تركيبها الكيميائي؛ إذ تتألف من الجزيئات. فالماء، على سبيل المثال، مركب يتكون كل جزيء منه من ذرتين من الهيدروجين مرتبطتين بذرة واحدة من الأكسجين.
وتتفاوت الذرات كثيرًا في الوزن، ولكنها جميعًا تتساوى تقريبًا في الحجم. فذرّة اليورانيوم، على سبيل المثال، وهي أثقل الذرّات الموجودة في الطبيعة، يبلغ وزنها مائتي ضعف وزن ذرّة الهيدروجين الذي يُعدُّ أخف العناصر المعروفة حتى الآن. ومع ذلك فإن قطر ذرّة اليورانيوم لا يتعدى ثلاثة أمثال قطر ذرّة الهيدروجين تقريبًا
العدد الذري (z):هو عدد البروتونات في نواة الذرة, ويساوي عدد الإلكترونات في مداراتها الخارجية ولذلك الذرة متعادلة كهربائيا,ً ويحدد العدد الذري ترتيب العنصر في الجدول الدوري.
عدد الكتلة: (A):هو مجموع أعداد البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة. وغالبا ما تتساوي عدد بروتونات العنصر الواحد إلا أنها قد تختلف في عدد النيوترونات. ويطلق على الذرات التي لها نفس عدد البروتونات وتختلف في عدد النيوترونات اسم النظائر كنظائر الهيدروجين الديوتريوم والتريتيوم
الوزن الذري (M):هو وزن مكونات الذرة من البروتونات والنيترونات
وحدة الكتل الذرية (AMU) وهي ١ علي ١٢ من وزن ذرة الكربون وتستخدم كمقياس لوزن الجسيمات الذرية
المول (Mole): الوزن الذري مقدرا بالجرامات
أي لو كانت ذرة الهيدروجين بها بروتون واحد فسيكون وزنها الذري قريب للغاية من الواحد ويكون واحد مول من الهيدروجين هو ١ جرام
وكذلك المول من الأكسجين يختلف قليلا عن ١٥ جراما وهكذا
دخلت البشرية العصر الذري من أوسع أبوابة الخلفية بتطوير أمريكا للقنبلة الذرية في أواخر الثلاثينيات وبداية الأربعينيات من القرن المنصرم أثناء الحرب العالمية الثانية في مشروع مانهاتن السري وجمعت له فطاحل العلماء وكان تحت قيادة العالم أوبنهايمر والجنرال ليزلي جروفس
كان أول معرفة للبشرية بالقوة التدميرية الهائلة للذره عندما ألقيت قنابلها علي مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين مما كان له العامل الفيصل في وقف الحرب العالمية بإنتصار الحلفاء علي دول المحور
عندما علمت الدول العظمي بما أقدمت عليه تنادوا لإستخدام الذرة لخدمة البشرية بعيد إجتماع جينيفا الذرة من أجل السلام
فكان تطوير المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء والبحوث وإستخدام الذرة في تسيير السفن وحاملات الطائرات والغواصات والطب النووي والصناعات الغذائية للتعقيم وفي الصناعة والزراعة وكثير من مناحي الحياة
فهل علمت قيمتي وأني جزء منك لا يتجزأ؟
فأنا سر من أسرار الحياة
وفي الأمثال قديما قالوا
يضع سره في أصغر خلقه
رابط المنشور الأصلي وفيه قرابة 35 صورة توضيحية : هنا
.