منكوشات تطورية : الرد على تجربة ريتشارد لينسكي في بكتريا E. Coli وتحويل تدليس التطوريين إلى دليل ضدهم !!
رغم أن التطوري الملحد ريتشارد دوكينز يذكر في كتبه ومقالاته ومقابلاته (التطور الكبير Macro) و (التطور الصغير Micro) ويعرف ويعي تماما الفرق بينهما : إلا أنه في أكثر كتبه تدليسا على العامة وغير المختصين (وهو كتاب أعظم استعراض على وجه الأرض – الأدلة على التطور) أو كتاب (خداع اليد التطوري) كما نسميه :
The Greatest Show On Earth – The Evidence For Evolution
لم يذكر ولو مرة واحدة أي منهما !!! لا الكبير ولا الصغير وإنما : دمجهما في كلمة (التطور) وفقط !! وليخدع بذلك قرائه في أن الأدلة التي يسوقها في كتابه هي ادلة على (التطور) !!! في حين أن كل الأدلة التي ساقها في كتابه على أنها أدلة تجريبية ومعملية وموثقة : كانت عن ما يسمونه (التطور الصغير Micro) فقط !!
ولمَن لا يفهم الخدعة : الأمر يشبه أن يكون لديك رجل ميت (اسمه ريتشارد هامر) ورجل حي (اسمه ريتشارد سميث) مثلا : ثم أنت تجادل بعض الناس أن الرجل الميت (ريتشارد هامر) يمكنه الحركة والانتقال من هذا المكان إلى المكان الآخر !! فلما يطالبك الناس بالدليل : تحضر لهم بعض الأوراق التي تثبت انتقال (ريتشارد – وتشطب على اسم الأب) : والتي تؤكد انتقاله بالفعل من هذا المكان إلى المكان الآخر !!
هنا أنت لم تحدد (أي ريتشارد) في الاثنين الذي تحرك !! ولمَن لا يعرف الشخصين : فإنه سيصدقك !! وهذا بالفعل هو (أكبر استعراض على وجه الأرض) !! أن تنسب إلى كيان (ميت) الحياة والحركة وهو ميئوس منه !!
هذا بالضبط هو الفرق بين (التطور الكبير Macro) الذي لم يره ولن يره أحد لأنه مستحيل (ميت) ولا يوجد دليل واحد عليه لا حفري ولا جيني ولا آلية واحدة ثبت قدرتها على القيام به – أي تطور نوع إلى نوع آخر أو ظهور عضو جديد تماما عن الكائن الحي أو جين أو حتى بروتين جديد تماما عنه لم يكن فيه من قبل – !!
وبين ما أسماه التطوريون بـ (التطور الصغير Micro) زورا وبهتانا ليوحوا للناس بأنه له علاقة بالتطور الكبير وأنه سيؤدي إليه حتما بعد عشرات ومئات الآلاف وملايين السنين !!
وبالطبع كل الناس (المؤمن والملحد والمصدق لخرافة التطور والمُنكر لها) كل أولئك لا ينكرون وجود ما أسماه التطوريون بالتطور الصغير !! فالطفرات والتكيف والتهجين كلها ظواهر تقع ويشاهدها كل الناس ولكن : ليس لها أي علاقة بالتطور الكبير ولا تستطيع أبدا تفسير الإتيان بصفة واحدة أو عضو واحد أو جين واحد أو بروتين واحد من خارج الحوض الجيني Genetic Pole للكائن الحي !!!
لا الطفرات تضيف محتوى جيني جديد تماما !! ولا التهجين يأتي بجديد من خارج تواليف جينات الأب والأم !! ولا التكيف يأتي بجديد من خارج الجينات الموجودة بالفعل !!
نكتفي بهذه المقدمة الواجبة لكل مَن يفتقد هذه الخبرة في كشف الاعيب التطوريين : ولندخل في صلب الموضوع : ونرى مثالا عمليا لكل ما سبق : ولنرى معه كيف يتحول كذبهم وخداعهم إلى دليل ضدهم
=====================
يحكي ريتشارد دوكينز في كتابه (خداع اليد التطوري – أعظم استعراض على وجه الأرض) من صـ 116 إلى 133 تجربة طويلة جدا للتطوريين أقيمت في جامعة ولاية ميتشجان بامريكا على يد الدكتور ريتشارد لينسكي Richard Lenski والخاصة بالبكتيريا المعوية المعروفة باسم إي كولاي E. Coli
وبالطبع معظم تجارب التطوريين ستجدونها على البكتريا لسببين :
1- أن عمر الجيل الواحد فيها قصير (حيث يصل تكاثرها لكل 4 ساعات تقريبا) وعلى هذا تظهر نتائجها الوراثية من جيل إلى جيل بأسرع من أي كائن آخر (فالإنسان مثلا عمر الجيل المتوسط له من 20 إلى 30 سنة)
2- أن البكتريا خلقها الله تعالى لوظائف هامة جدا على كوكب الأرض برا وبحرا وجوا – وعلى رأسها تحليل الكائنات الحية لإعادة مواد أجسامها إلى الطبيعة – وكذلك هي موجودة بكثرة داخل أجسام الخلايا الحية نفسها وخصوصا في عمليات الهضم – ومن هنا : فالبكتريا هي من أقوى الأمثلة الحية على القدرة الفائقة للتكيف مع مختلف البيئات والتغييرات من الحرارة الهائلة كما في بعض الحمم إلى الصقيع الرهيب – وبما يشمله تكيف مع تغييرات المواد التي تتغذى عليها مما حولها إذا لزم الأمر – ولكل ذلك : فالتطوريون يفضلونها لأنها تعطيهم أمثلة كثيرة جدا على (الرجل الحي) الذي سيخدعون به العوام والبسطاء وغير المختصين على أنه (الرجل الميت) !!
وكما سنرى الآن – فالبكتريا بقت وستبقى دوما بكتيريا مع كل التكيفات التي تمر بها !!
والآن نعود إلى تجربة ريتشارد لينسكي
التجربة بدأت عام 1988 حيث قام مع فريقه بوضع سلالة معينة من الباكتيريا المعوية في 12 أنبوبة معمل مختلفة بحيث توضع كميات محسوبة من الغذاء في كل أنبوبة ثم يتم نقل نسبة معينة من الباكتيريا الناجية من كل أنبوبة إلى أنبوبة أخرى جديدة تمامًا .
وكان الغرض من هذه التجربة هو رصد كيف تتغير أحجام وعادات الغذاء وغيرها في الباكتيريا مع الوقت في الـ12 أنبوبة ، وطبعًا هذه التغيرات في كل مجموعة تقع بمعزل عن المجموعات الأخرى تمامًا لأنه غير مسموح بخلطها أو المزج بينها إطلاقًا . والتجربة استمرت لأكثر من 20 سنة وربما هي إلى الآن مستمرة
كل ال 12 مجموعة من الباكتيريا زادت في الحجم عن طريق الانتخاب الطبيعي للصفات الأفضل في البكتيريا، وهذا المفهوم للانتخاب الطبيعي متفق عليه ولا إشكال فيه – وذلك لأنه تغيير داخل الحمض النووي نفسه ولم يختلف تموضع الجينات في شيء – فقط تغير صفات وبقاء الأصلح – مثل جينات البشر نجد تموضعها على الحمض النووي واحد في كل البشر ولكن الذي يختلف محتوى تفاصيل كل جين : فهذا طويل وهذا قصير وهذا أبيض وهذا أسود لكن أماكن الصفات كما هي بعكس ما يفترضه التطور
حتى الطفرات التي وقعت للبكتيريا كانت طفرات عادية جدا من التي تقع في أي كائن أو أي بكتيريا : لم ينشأ عنها أي جين جديد بالمرة
وهنا كانت النقطة التي فسرها الدكتور ريتشارد لينسكي ومن بعده ريتشارد دوكينز على أنها (دليل حاسم على التطور) !! فما هي ؟؟
هي ظهور صفة هضم السيترات citrate في إحدى المجموعات الـ 12 كما لو كانت جلوكوز glucose !! وتم ذلك برصد ظهور جين citT gene المسؤول عن تكون البروتين الذي يلتقط السيترات ويدخلها داخل البكتيريا
وبغض النظر عن التهويل الإعلامي والتطوري الذي حفظناه وعرفناه :
فهذا الحدث – على فرض صحته كما أعلنوه للناس وهو غير صحيح بهذه الصورة كما سنرى بعد قليل – : فهو لم يتجاوز تغييرات داخل الحمض النووي نفسه في موضع جين إدخال السيترات (لاحظوا : إدخال وليس هضم) !! يعني في النهاية هو كما يسمونه (تطور صغير Micro) وليس له علاقة بإثبات وقوع (التطور الكبير Macro) من قريب أو بعيد !!!!
وهل تغيرت البكتريا إلى شيء آخر غير بكتيريا ؟!!
هل اكتسبت عضوا جديدا أو صفة جديدة ليست فيها من قبل ؟!!!
إن تغيير مادة الغذاء لا يخرج بالبكتيريا عن نوعها !! وإنما هو أحد مظاهر التكيف المعجزة التي وضعها الله تعالى في الكائنات الحية !! والتي تجعل الإنسان يتكيف مثلا إذا عاش فوق قمم الجبال أو في المناطق الباردة بعد فترة من الزمن تلقائيا !!
ولكن السؤال الأهم هو : ماذا لو كان ما أعلن عنه التطوريون أصلا خطأ بل : وتدليس للأسف ؟!!
فأولا : تغيير هضم البكتيريا لا يمثله موضع جين واحد !! فالتجربة تعلقت بظهور جين (إدخال السيترات للبكتيريا بدلا من الجلوكوز) : ولم يتعلق بعملية الهضم نفسها والتي تحتاج – وفق نظرتهم التطورية – إلى طفرتين معا وليس طفرة واحدة !!
لقد رأينا من قبل في الفيديو الذي ترجمناه على صفحتنا لفحص جينات الذراع القصير للكرومسوم 11 عند البشر : كيف أن صفة واحدة كالشم مثلا : مُمثلة في أكثر من موضع ويتخللها مواضع لصفات أخرى !!
إذن : الموضوع ليس بهذه السهولة ولا السطحية ولكنه (تكامل مدروس) !!
ثانيا – وهي المفاجأة – : أن الجين المسؤول عن إدخال السيترات citT gene أصلا كان موجودا في البكتيريا !! ولكنه لا يظهر في تواجد الأكسجين لأنه يثبط عملية نسخه أو تفعيله في الـ RNA !! فإذا غاب الأكسجين (كما وقع في تجربة لينسكي) : فإن هذا الجين (وبواسطة تكنيك غاية في الدقة والإعجاز والإحكام والتدبير الإلهي) : يقوم بتكرار نفسه للتموضع في المنطقة النشطة للنسخ : فيتم نسخه وتفعيله من الـ RNA
وهذا الكلام ليس من بنات أفكارنا !! ولكن تم نشره على موقع نيتشر نفسه الشهير Nature في بحث بعنوان :
Genomic analysis of a key innovation in an experimental Escherichia coli population
الرابط :
https://www.nature.com/nature/journal/v489/n7417/full/nature11514.html
وهي دراسة حديثة تجريبية قامت بعمل تحليل دقيق للحمض النووي DNA لهذه البكتريات الهاضمة للسيترات للكشف عن الطفرات المفيدة ومعلوماتها “الجديدة ”
حيث وجدت أن الجين المُشفر للبروتين المسؤول عن إلتقاط السيترات citT – والذي ينشط في غياب الأكسجين فقط : تمت إعادة وتكرار نسخه Duplication في الحمض النووي ووضع النسخ المكررة بمكان بين جينيين يعملان وينشطان في حضور الأكسجين !!
ليس هذا فقط .. بل تم إدخاله بدقة بمنطقة محددة تسمى منها oxygen-tolerant promoter أي برأس الجين الذي سينشُط بوجود الأكسجين وحيث سيبدأ النسخ !! إذ تلتصق به الأنزيمات الناسخة لـ RNA المرسال بمنطقة محددة وبدقة مُرمزة وهي المعروفة باسم Promoter والتي تبدأ النسخ ثم الترجمة
وهذا هو التكنيك القمة في المراقبة والغائية والوعي الخارجي والداخلي – والذي يستحيل أن يكون من الذرات نفسها !! – والذي تم به تفعيل جين هضم السيترات citT بفضل إلتصاقه الذكي والمقصود بالجينات الأخرى الجاهزة للنسخ مع وجود الأكسجين بالوسط الذي زرعت به هذه البكتيريات !!!!
ولكن .. ماذا قالت مجلة نيتشر التطورية ؟ وماذا قال لينسكي ودوكينز ؟
إن العناد التطوري كما هو لم يتغير !! وانظروا كيف أن كل ما خرجوا به على الناس هو مجرد تغيير للتعبير الجيني بتكرار ما هو موجود أصلا !! والسؤال :
لو افترضنا جدلا جدلا جدلا أن هذا كان طفرة (غير مقصودة) : فهي تتناول فقط مهمة إدخال السيترات – وليس هضمها كذلك والذي يحتاج إلى تغيير آخر – طفرة عشوائية أخرى في لغة التطوريين – !!!
الأعجب والأعجب أن كل هذه النتائج التي هللوا لها وأعلنوا عنها كدليل حاسم تجريبي موثوق – وما هي إلا تغييرات داخلية وتكرار لموجود أصلا ولا شيء جديد – : وقعت في الجيل الـ 30 ألف !!! يعني لو قسناها بعمر الإنسان جدلا : لكانت بعد مليون عام !!!!
والسؤال :
هل كل تطور الإنسان المعقد – إن صح وقوع تطور أصلا وهو باطل – هل كل تطور الإنسان كان عبارة عن تغيرات تافهة مثل هذه عبارة عن تغييرات داخلية في حمض نووي موجود بالفعل ؟!! فإذا كان مثل هذه التغيرات التافهة أخذ مليون عام بهذا المقياس : فهل تعلمون – أو حتى تتخيلون – ماذا سيكون عمر تطور الإنسان فقط من سلفه المجهول المزعوم عند التطوريين ؟؟!!
نترك لخيالكم العنان 🙂
ثم بعد كل ذلك : هل تتوقعون أن تنتهي مثل هذه الألاعيب أبدا للتطوريين ؟!! هل تتوقعون أن ينتهي تدليسهم على الناس وقص الحقائق وخداع العامة والبسطاء وغير المختصين ؟؟!!
عن نفسنا : نتوقع ألا ينتهي .. والسبب معروف للأسف
نلقاكم في المنشور القادم مع مفجآت عن البكتريا وقدراتها المدهشة على التكيف والتي سبقت حتى مهاجمة البشر لها بالمضادات الحيوية !!!