ربَّما لن تُؤاخَذَ؛ لاعتقادك، أنّ النّقط اللاّمعة الملونة هي محض صورة التقطها شخص ما في أحد الاعياد، إلاّ أنّ ما ننظر إليه حقاً مذهل أكثر بكثير مما نعتقد .
هذه الصورة نشرت من قبل باحثي ناسا، و تعدُّ في الواقع أعمق صورة تم التقاطها بوساطة #الأشعة السينية، أشعة [X]، من مَرصد تشاندرا الفضائيّ للأشعة السينية، بعد فترة رصد دامت أحد عشر أسبوعا و نصف ، في مدة تقل بقليل عن ثلاثة أشهر – سبعة آلاف ثانية، بحسب ناسا – قام علماء تشاندرا بتوجيه المرصد نحو منطقة من سماء ليلة تُدعى «ميدان تشاندرا العميق الجنوبي»، و التي تتموضع في كوكبة (FORNAX).
إنّ هذا المشهد الفريد يدلنا على أنّ التلألؤ الملون ليس بالنجوم التي يراها #الإنسان، وإنّما أغلبية هذه الأضواء «حوالي 70%» هي في الواقع ثقوب سوداء عملاقة ، أو بالأحرى إنّها الانبعاثات الساطعة للأشعة السينية المسحوبة خارج نطاق منطقة الثقوب السوداء؛ لأنَّ الثقوب السوداء نفسها لا ينبعث منها أي ضوء.
تقول #ناسا بأنَّ الصورة قد ضمت أكثر تجمع للثقوب السوداء العملاقة على الإطلاق؛ بفضل مراقبة منطقة معينة من السماء لمدة طويلة، [ جلسات مراقبة متواصلة على مدار 17 عاماً ] ضمت الصورة ما يقارب[ 5000] عنصر مجتمعة في الوسط ، بينما لم يتجاوز ما تم التقاطه مسبقاً [2000 ]عنصر في صورة واحدة للمنطقة نفسها.
و لتقريب الصورة أكثر لأذهاننا حول المشهد المأخوذ في ميدان «تشاندرا العميق الجنوبي» ، فإن الصورة المأخوذة ستكون بحجم البدر المكتمل حينما نشاهده من #الأرض.
نستنتج من ذلك ، أنه وبالرغم من كون البلايين من المجرات النشطة في السماء بعيدة جداً عن الأرض- إضافة إلى العديد من الثقوب السوداء العملاقة في وسطها – إلا أن قدرتنا على اكتشافها تعني أننا قد التقطنا الأضواء التي تُظهِر وجودها[ الثقوب السوداء ] منذ دهور.
يقول «بين لو » أحد باحثي جامعة نانجينغ يونفيرس في الصين :
« من الصعب اكتشاف #الثقوبالسوداء الموجودة في الكون المبكر ؛ و ذلك لكونها بعيدة جداً عن الأرض ، و بالتالي فإننا نستطيع اكتشاف هذه الثقوب فقط إذا أصدرت أضواء عبر سحبها للأشياء. فنظراً للعمل مدة طويلة في ” تشاندرا ” ، و بما أننا قد وجدنا ودرسنا عددا كبيرا من الثقوب السوداء المتمددة ، فإن بعضها قد ظهر خلال مدة قصيرة بعد الانفجار الكوني العظيم ».
أمّا بالنسبة لألوان الأضواء التي نراها في الصورة ; فيمثل اللون الأحمر الأشعة السينية الأقل طاقة، بينما يمثل اللون الأخضر الحزمة المتوسطة، و الأشعة الأعلى طاقة هي الأضواء ذات اللون الأزرق.
قام #الباحثون للحصول على الصورة السابقة بـ « تكديس » العديد من الصور المأخوذة سابقاً، إضافة إلى بيانات محفوظة من تلسكوب « هابل » .
يقول « جون وينز» في بيان لموقع: (Astronomy) « في الوقت الذي يُظهر فيه مشهد واحد كمية محددة من الأضواء ، فإن المشاهد المتراكمة تعطينا صوراً أكبر و أكثر سطوعا؛ فنظراً لتحرك أحداث كهذه في جداول زمنية بطيئة [ بالنسبة لوجهة نظر الإنسان ] ، فإن تكديس مشاهدها يساعد في الحصول على بيانات أكثر وضوحا».
تُقَدَّر كتلة الثقوب السوداء العملاقة بنحو يتراوح من[ 100,000] إلى [10]بلايين مرة أكبر من كتلة الشمس ، و يُرجّح الباحثون توسعها بسبب الانفجارات الحاصلة في الكون المبكر بدلاً من تراكمها ببطء.
تبين البيانات الأخيرة بأن الكتل الشمسية التي سببت ظهور الثقوب السوداء العملاقة – التي تدعى( seeds) – ،قد تحوي كتلا أكبر مما توقعه العلماء ، بدءاً من [10,000] إلى [100,000] مرة أكبر من كتلة الشمس ، بدلاً من أشياء أصغر تُقَـدَّر بـ[100] مرة أكبر من كتلة #الشمس.
ما مدى البعد الذي تستطيع تشاندرا الوصول إليه ؟ لقد قام الباحثون في هذه الدراسة بدراسة [2000]مجرة على بعد يصل إلى[12.5] بليون سنة ضوئية عن الأرض تقريباً . تعطينا بذلك مشهداً للكون خلال فترة قريبة نسبياً للانفجار العظيم و الذي يُقَـدَّر حدوثه منذ [14 ]بليون سنة تقريباً.
يقول « فابيو فيتو » أحد أعضاء الفريق من جامعة ولاية بنسلفانيا :
« إننا نتعلم المزيد عن الكتل النجمية و الثقوب السوداء العملاقة في الكون المبكر عبر اكتشافنا للمجرات البعيدة بوساطة الأشعة السينية ، مازلنا نبحث في الأزمان التي كانت فيها الثقوب السوداء في مرحلة مهمة من التطور، بشكل مشابه لمرحلة الرُّضع و المراهقين».