السبب الرئيسي الثالث للوفيات في أمريكا .. الأخطاء الطبية!
دلّت اﻷبحاث على أنَّ اﻷخطاء الطبيَّة هي السَّببُ الرَّئيسيُّ الثَّالث للوَفَيات في الولايات المتَّحدة الأمريكية.
وفقاً لتقرير جديد مثير للقلق، فإن احتمالية أن تموت بسبب خطأ من طبيبك تفوق تلك التي قد تؤدي إليها أمراض الجهاز التنفسي المزمنة، و سواء كانت ناتجة عن مضاعفات جراحية أو جرعة خاطئة من الدواء فإن الأخطاء الطبيَّة هي السَّبب الرئيسي الثالث للوَفَيات في الولايات المتَّحدة.
وجد الباحثون بعد تحليل نتائج ثمان سنين من إحصائيات الوفاة الرَّسمية أنَّ أكثر من ربع مليون شخص يموتون كل عام في الولايات المتحدة نتيجةً للأخطاء الطبيَّة، وهذا يمثل (٩,٧%) مِن مُجمل وَفَيات الدولة بأكملها!
لكن هذا لا يعني أن من يمارس هذه المهنة يتعمد إيذائك أو إيذاء مرضاهم، إذ إن اﻷخطاء الواردة في التقرير تتراوح أسبابها ما بين التواصل الرديء و الحوادث الغير متعمدة، ووفقًا لدراسة أُجريت حديثاً فإن ما يفوق اﻷخطاء الطبيَّة بعدد الوَفَيات في الوقت الراهن هما السَّرطان و أمراض القلب.
صرَّح المسئول عن هذه الدراسة أ.مارتن ماكاري (Martin Makary) أستاذ الجراحة في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins) للطب لصحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) أنَّ الموضوع يتلخص في أنَّ المرضى يموتون بسبب الرِّعاية التي يحصلون عليها و ليس جرَّاء أمراضهم اللواتي أتوا ليتعافوا منها.
أكثر ما يُثير القلق في النفوس – حتى بعد سماعنا للقصص المرعبة عن شخص ما اِستيقَظ أثناء عمليَّة جراحيَّة أو تم تشخيص حالته المَرضيَّة بشكل خاطئ – هو أنَّ معظمنا يفترض أن الرِّعاية الطبيَّة في العموم تكون في غاية اﻷمن واﻷمان.
ويرى ماكاري (Makary) وفريقه أنَّ هذا الأمر ناتج عن أُسلوب مراكز مكافحة اﻷمراض و اِتقائها (CDC) في جمع اﻹحصائيات الصِحيَّة كل عام، و على الرغم من إمكانيَّة الكتابة بالتفصيل عن اﻷخطاء الطبيَّة في شهادة الوفاة فإن إحصائيات الوَفَيات السَّنوية لا تأخذ بعين الاعتبار إلَّا السَّبب الظاهري للوفاة، متجاهلين اﻷخطاء الطبيَّة المُحتملة التي قد تكون أودت بحياة هذا الشخص.
على سبيل المثال، إذا قام جرَّاح بشق كبد امرأة بشكل خاطئ، وأدى ذلك لحدوث نزيف في الكبد ووفاة هذا المرأة، فسوف يُسجل سبب الوفاة على أنه خلل في جهاز القلب الوعائي و ليس خطأً جراحياً.
يقول ماكاري (Makary) أن نسب الوَفَيات تُعزى بشكل أساسيّ للرِّعاية الطبيَّة المنحرفة التي لا تقبع تحت غطاء أي منهج من مناهج جمع الإحصائيات الوطنية.
و يحثُّ ماكاري (Makary) وفريقه مراكز مكافحة اﻷمراض واِتقائها (CDC) في رسالة مرفقة مع بحثه العلمي و التي نُشرت في صحيفة (BMJ) – صحيفة طبية أسبوعية – على ضرورة تغيير منهجهم في جمع هذه البيانات و تحديث قائمتها الرَّسمية لتضم اﻷخطاء الطبيَّة كثالث أكبر قاتل في البلاد، وهو مركز تحتله حالياً أمراض الجهاز التنفسي المزمنة التي تودي بحياة (١٥٠.٠٠٠) شخص سنويًا.
وقد قام الفريق باستطلاع نسب الوفيات الناتجة عن الأخطاء الطبية في أربع دراسات مختلفة ما بين عامي ٢٠٠٠م و ٢٠٠٨م ، وبحساب أعداد الحالات المسجلة للوافدين للمستشفيات، وجدوا أنَّ أكثر من ربع مليون حالة وفاة في عام ٢٠١٣م كانت ناتجة عن أخطاء المنظومة الطبية.
فيما يلي بعض اﻷسباب اﻷخرى للوفاة في عام ٢٠١٣ :
١- أمراض القلب (٦١٤.٣٤٨) حالة وفاة.
٢- السَّرطان (٥٩١.٦٩٩) حالة وفاة.
٣- اﻷخطاء الطبيَّة (251.454) حالة وفاة.
٤- أمراض الجهاز التنفسي السفلي المزمنة (تصيب الرئتان) (١٤٧.١٠١) حالة وفاة.
٥- الحوادث (١٣٦.٠٥٣) حالة وفاة.
٦- السكتة الدماغية (١٣٣.١٠٤)حالة وفاة.
٧- الزهايمر (٩٣.٥٤١)حالة وفاة.
٨- مرض السُّكَّري (٧٦.٤٨٨) حالة وفاة.
٩- التهاب الرئة / اﻹنفلونزا (٥٥.٢٢٧) حالة وفاة .
١٠- أمراض الكِلى (٤٨.١٤٦) حالة وفاة.
اﻷخطاء الطبيَّة غير مسجلة في القائمة الرَّسمية لمركز (CDC) و هذه كارثة كبرى ﻷنَّ غيابها عن القائمة معناه أنَّه لا يتم تمويل أي بحث علمي لحل هذه المشكلة.
يقول ماكاري (Makary) أنَّ مرض السَّرطان و أمراض القلب هما السَّببان الرَّئيسيان للوفاة على قائمة مركز (CDC) لذلك يحصلان على قدر كبير من التمويل المادي واﻷولويَّة في الصحة العامة في البلاد، و في المقابل اﻷخطاء الطبيَّة غير مُسجلة على هذه القائمة من اﻷساس فلا تأخذ القدر الكافي من التمويل أو الاهتمام الَّذي تستحقه.
يصعب الجزم في إيجاد حلول لهذه المشكلة في الوقت الحالي، حيث أننا لا نملك بعد سوى دراسة صغيرة!
ويعترف الباحثون أن أهم خطوة و أكبر تحدي هي توفير وسيلة لتشجيع اﻷطباء للمناقشة واﻹبلاغ عن اﻷخطاء الطبيَّة بشفافية وبدون وصمة العار التي تصاحبها، وفي حقيقة اﻷمر، لا أحد بيننا يحب أن يعترف بأنه قد أخطأ ، خصوصًا إذا كان هذا الاعتراف سيؤدي إلى محاكمتنا قضائيًا.
يضيف اﻷستاذ (ماكاري) لصحيفة واشنطن بوست “نعلم جميعًا مدى اِنتشار اﻷخطاء الطبيَّة وشيوعها، و لكنَّها لا تُناقش بالقدر الكافي على اﻹطلاق!
“إنَّ قياس و معرفة مدى المشكلة هي الخطوة اﻷولى بلا منازع لإيجاد الحل“.
لنأمل أن دراسات كهذه والتي تعترف بوجود الأخطاء الطبية هي خُطوة جيدة للبدء.
المصدر :