السرطان؛ الجزء الثالث: ردة فعل الجسم والمواد المسرطنة
تكلمنا في الجزئين الماضيين عن تعريف السرطان، وكيفية حدوثه وخصائص الخلية السرطانية؛ الرابط:
وسنتكلم في هذا الجزء إن شاء الله عن رد فعل الجسم تجاه السرطان، فهل يدافع الجسم عن نفسه؟ وما تأثير السرطان على الجسم؟ بل وما تأثير الأورام عمومًا على الجسم حتى الحميدة منها؟ وكذلك سنتكلم عن المواد المسرطنة.
نبدأ بسم الله مع مسببات السرطان:
ــــــــــــــــــــــــــ
• تنقسم أهم مسببات السرطان إلى إشعاعية وكيميائية ومكروبية:
1- الإشعاعية: وتشمل جميع أنواع الإشعاع مثل الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية والنوكليدات المشعة والانشطارات النووية وغيرها.
وطرق حدوث السرطان بالإشعاع عديدة؛ منها: الأشعة المؤينة مثلا تسبب السرطان؛ بسبب قدرتها على تسبيب طفرات وتكسير في الحمض النووي.
أما الأشعة فوق البنفسجية تسبب مثنويات بيرمدينية (لأنها اتحاد بين برميدينتين وهي أحد مكونات الحمض النووي) مما يؤدي لعرقلة وظائف الحمض النووي، ويمكن إصلاح شريط الحمض النووي المعطوب بوجود أنزيم يفك الارتباط بين البيريمينين، ويحتاج هذا الإنزيم إلى الضوء، أو بوساطة أنزيم أخر ينزع القطعة من شريط الحمض النووي المعطوب، ثم يقوم الدنا بوليميراز بإكمال الشريط بالتسلسل الصحيح؛ فمن كانت عنده هذه العملية معطلة يتعرض لخطر التعرض للسرطان.
ـــــــــــــــــــ
2- المواد الكيميائية: وتنقسم إلى: مواد مسرطنة مباشرة، ومواد مسرطنة غير مباشرة
أ- المواد مباشرة: ولها القدرة على السرطنة من غير إجراء عمليات استقلابية عليها داخل الجسم، ومثلها بعض الأدوية الكيمياوية المستخدمة في علاج بعض السرطانات أصلًا.
ب- المواد غير المباشرة: تحتاج هذه المواد إلى إخضاعها لتفاعلات استقلابية داخل الجسم لتتحول لمواد مسرطنة مثل الهيدروكربونات متعددة الحلقات القادمة من الفحم الأحفوري والسجائر. وكذلك الأمينات العطرية مثل مركبات الآزو .
وبسبب احتياج هذه المواد لأنزيمات لتحويلها فإن تأثيرها يختلف من شخص لأخر وفقًا لبعض العوامل الوراثية.
ـــــــــــــــــــ
3- المسببات المكروبية: منها فيروس الكبد الفيروسي “ب” و”ج” و”إبشتاين-بار” و فيروس الهربس المرتبط بساركوما كابوزي و فيروس الورم الحليمي البشري؛ ومن الجراثيم، توجد الملوية بوابية وهي أول جرثومة مصنفة أنها مسرطنة.
وأخيرًا وقبل أن ننتقل لردة فعل الجسم اتجاه السرطان يجدر ذكر أن العوامل الوراثية تقوم بدور آخر في احتمالية وراثية جين مطفر يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
ــــــــــــــــــــــــــ
• رد فعل الجسم اتجاه السرطان وآثار السرطان عليه:
أولًا: هل يدافع الجسم عن نفسه؟
في الواقع هناك جدل حول هذا الموضوع وذلك ولكن يعتقد بأن الجسم يملك آلية دفاعية موجهة اتجاه السرطان تتضمن الخلايا التائية السامة (cytotoxic T cells)، والخلايا القاتلة الطبيعية (natural killer cells)، والبلاعم (macrophage).
ومع هذا يعتقد أن الخلية السرطانية يمكنها التهرب من الجهاز المناعي بالطرق التي ذكرناها في المقال السابق
ـــــــــــــــــــ
ثانيًا: ما تاُثير الأورام عمومًا والتي من ضمنها السرطان على الجسم؟
يعد موقع الورم من الأمور المحورية في هذا الموضوع، مثلًا:
-قد تسبب أورام الجهاز الهضمي انسداد المجرى الهضمي بصورة تامة أو جزئية مما يقود لضعف امتصاص الطعام مما يقلل القدرة على مقاومة الأمراض.
– تؤدي أورام الرئة لانغلاق وانكماش الرئة وضعف مقاومتها للأمراض وكذلك قلة دخول الأوكسجين للجسم.
– قد تسبب أورام العظم ارتفاع نسبة الكالسيوم في الدم بصورة كبيرة لدرجة عدم قدرة الجسم على تعديلها.
– كما تسبب أورام نقي العظم نقصًا في الكريات الحمراء؛ وبالتالي عوزَ أوكسجين أو عوزَ عدد الخلايا البيضاء وبالتالي عوزًا مناعيًا أو عوزًا في الصفائح الدموية يقود لنزيف.
– قد تفسد أورام الكبد التوازن الكيميائي في الجسم، حيث يُعَد الكبد المصنع الكيميائي في الجسم.
– تدمر أورامُ الأوعية الدمويةِ الأوعيةَ، وقد تسبب نزيفًا قاتلًا كما في نزيف الدماغ مثلًا.
ــــــــــــــــــــــــــ
• متلازمات تسببها السرطانات.
– يوجد نوع من السرطانات يسبب ما يسمى بمتلازمة الأباعد الورمية (paraneoplasticsyndrome)، وفيها يفرز السرطان هرمونات تشبه الهرمونات التي يفرزها الجسم، مثل الهرمون الموجه لقشر الكظر (adrenocorticotropic hormon) مما يؤدي لمتلازمة كوشينغ (cushing syndrome) أو إفراز بروتينات من عائلة هرمون جار الدرقي (parathyroid hormon) مما يسبب فرط الكالسيوم في الجسم.
– قد تفرز بعض الأورام الحميدة هرمونات كذلك مثل ورم القواتم الحميد (pheochromocytoma)
وقد تسبب السرطانات ما يسمى بمتلازمة الهزال(cachaxia) والتي تتمثل بفقد شهية وانخفاض شديد في الوزن وفقر دم.
وهكذا نكون قد أنهينا (كالعادة) مقالًا مختصرًا عن مسببات السرطان ورد فعل الجسم.
انتظرونا في الجزء الأخير الذي سنتناول فيه التشخيص والعلاج.
الجزء الأول / الجزء الثاني من السلسلة
المصادر:
Robbins Basic Pathology 9th edittion, p: 171, 198-208