الصرع (3)
التشخيص والعلاج!
تعرَّفنا في المقالات السابقة على اضطراب الصرع وآلية حدوثه وأنواعه، سنتحدث اليوم بعون الله عن التشخيص والعلاج.
من الصعب أحيانًا تشخيص مرض الصرع بسرعة بسبب حالات أخرى مثل الشقيقة، وهجمات الذعر والإغماء، والتي يمكن أن تسبب أعراضًا مشابهة.
وغالبًا لا يمكن تأكيد التشخيص حتى حدوث أكثر من نوبة.
من المفيد للطبيب تقديم وصف دقيق للنوبة ما أمكن ذلك، مع أكبر قدر ممكن من التفاصيل مثل:
متى حدثت النوبة؟ وماذا كان الشخص يفعل عند حدوثها؟
وكيف شعر المرء قبل حصولها وفي أثنائها وبعدها؟
من المفيد كتابة بعض الملاحظات قبل الموعد مع الاختصاصي لعدم نسيان التفاصيل، ومن المفيد جدًا أيضًا إحضار شخص رأى النوبة إلى الطبيب ليصف الحالة أو القيام بتسجيل فيديو للهجمة كي يشاهدها الطبيب.
▪اختبارات لتشخيص وفحص الصرع:
قد يقترح الاختصاصي إجراء بعض الاختبارات لفحص نشاط الدماغ والذي يُدعى تخطيط الدماغ الكهربائي(EEG) أو تصوير الدماغ للبحث عن أي مشاكل في الدماغ.
ولكن إن لم تُظهر هذه الفحوصات أي شيء فلا يزال من المحتمل تشخيص الصرع نظرًا لأنه تشخيص سريري يعتمد على الأعراض.
-ما هو تخطيط الدماغ الكهربائي(EEG)؟
يستخدم تخطيط الدماغ الكهربائي لفحص النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الدماغ.
خلال هذا الفحص، يتم لصق حساسات صغيرة على فروة الرأس لالتقاط الإشارات الكهربائية الناتجة عندما ترسل خلايا الدماغ رسائل بينها، هذه الإشارات تُسجَّل من قبل آلة ويقوم الاختصاصي برؤيتها لمعرفة ما إذا كان النشاط غيرَ طبيعي.
-تصوير الدماغ:
يساعد تصوير الدماغ في معرفة وجود مشاكل في الدماغ والتي يمكن أحيانًا أن تُسبب الصرع مثل ورم في الدماغ، أو أذية في الدماغ ناتجة عن سكتة دماغية، أو وجود ندبات في الدماغ.
الطريقة الأساسية المستخدمة لتصوير الدماغ هي الرنين المغناطيسي(MRI)، والذي يقوم باستخدام حقل مغناطيسي قوي مع أمواج راديوية لصنع صورة عن الدماغ. والجهاز هو عبارة عن أنبوب ضخم يستلقي فيه المريض بعد نزع المعادن عن جسمه.
▪علاج الصرع:
يمكن للعلاج أن يساعد أغلب الناس المصابين بالصرع وذلك إما بتقليل عدد النوبات الصرعية أو أحيانًا إيقافها بالكامل. تتضمن العلاجات:
1- الأدوية المضادة للصرع.
2- جراحة لإزالة جزء صغير من الدماغ والذي يُسبب النوبات الصرعية.
3- إجراء لزرع جهاز إلكتروني صغير داخل الجسم يساعد على التحكم بالنوبات.
4- اتباع حمية غذائية خاصة (حمية مولِّدة للكيتونات) يمكن أحيانًا أن تساعد في التحكم بالنوبات.
بعض الأشخاص يحتاجون العلاج مدى الحياة، ويمكن لبعض الأشخاص أحيانًا إيقاف العلاج الدوائي في حال عدم حدوث نوبات لفترة طويلة من الزمن.
وفي بعض الأحيان قد لا يحتاج المرء علاجًا في حال عَرِفَ مسببات النوبات وابتعدَ عنها، ويجب اتخاذ القرار بذلك بالمشاركة بين الاختصاصي والمريض.
1- الأدوية المضادة للصرع:
هي العلاج الأشيع للصرع، ويمكن من خلالها التحكم بالنوبات في ما يقرب من ٧٠% من المرضى.
تعمل مضادات الصرع على تغيير مستويات المواد الكيميائية في الدماغ، وهي لا تقوم بشفاء الصرع ولكنها تثبط حدوث النوبات (وللأسف لا تقدِّم الأدوية حماية بنسبة ١٠٠% من الهجمات).
▪ملاحظات هامة حول أدوية الصرع:
– يتم اختيار الدواء الأفضل المناسب للمريض بناءً على عدة عوامل كنوع الهجمات وعمر المريض وكذلك الرغبة في الإنجاب(بعض الأدوية المضادة للصرع يمكن أن تؤذي الأجنّة) ولذلك عند حدوث حمل أو الرغبة في الحمل يجب استشارة اختصاصي العصبية لاستبدال أدوية أخرى أكثر أمانًا على الجنين بدلاً من الأدوية الحالية.
– يقوم الاختصاصي بالبدء بجرعة منخفضة ويقوم بزيادة الجرعة تدريجيًا حتى تتوقف النوبات. في حال عدم فعالية الدواء الأول على الرغم من رفع الجرعة يمكن التبديل لدواء آخر. من الضروري اتباع نصائح تناول الدواء (كيف ومتى).
– يجب عدم إيقاف الدواء بشكل مفاجئ لأن ذلك يمكن أن يؤدي بدوره لحدوث نوبة.
– عند تناول أدوية أخرى أثناء تناول مضادات الصرع يجب استشارة الطبيب العام أو الاختصاصي بخصوص التداخلات الدوائية مع غيرها من الأدوية.
– في حال عدم حصول نوبة لعدة سنوات يمكن سؤال الطبيب في حال القدرة على إيقاف العلاج الدوائي، وفي حال اعتقاد الاختصاصي بأن ذلك آمن فممكن أن يتم تخفيض جرعة الدواء تدريجيًا عبر مدة من الزمن.
التأثيرات الجانبية لمضادات الصرع:
تعتبر التأثيرات الجانبية شائعة الحدوث عند البدء بمضادات الصرع، بعضها قد يظهر باكرًا بعد بدء العلاج خلال أيام أو أسابيع معدودة، وأحيانًا قد تظهر بعد عدة أسابيع.
وتعتمد التأثيرات الجانبية بالطبع على نوع الدواء.
تختلف التأثيرات الجانبية باختلاف الدواء المستخدم، لكن أشيعها:
-التعب وفقد الطاقة.
-الدوخة.
-الهيجان.
-الصداع.
-الرجفان.
-فقدان الشعر أو نمو الشعر الزائد غير المرغوب به (يختلف التأثير باختلاف الدواء).
-تورم اللثة.
-الطفح الجلدي، وهنا يجب مراجعة الطبيب مباشرةً خشية حدوث مضاعفات أخرى تحسسية.
كما يجب استشارة الطبيب في حال حدوث أعراض كالتقيؤ، أو عدم التوازن في المشي، وضعف التركيز، فهذا قد يعني أن جرعة الدواء غير مناسبة.
نتابع معكم في المقال القادم بإذن الله بالعلاجات غير الدوائية للصرع.
وقاكم الله شر الأمراض، ورزقكم شكره على العافية!