هو المفكر الاسلامي الكبير أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي نسبة إلى بيع ماء الورد .وُلد بالبصرة، ثم انتقل إلى بغداد حيث أصبح فقيهًا حافظًا من أكبر فقهاء الشافعية، وعلمًا من أبرز علماء السياسة في الدولة العباسية، أُسند له القضاء في عدة بلدان ولقب بأقضى القضاة عام 429هـ.
كان الماوردي ذا علاقات مع رجال الدولة العباسية , كما كان سفير العباسيين ووسيطهم لدى بني بويه والسلاجقة . له مؤلفات كثيرة منها في فقه الشافعية موسوعته الضخمة كتاب «الحاوي الكبير» في أكثر من عشرين جزءًا. (1)
أهم مؤلفاته في الإدارة الحكومية وأصولها.
1. كتاب «الأحكام السلطانية» : الذي يمثل أول دراسة علمية منهجية تعرضت لأصول الإدارة الحكومية الإسلامية، عالج من خلاله أهم الموضوعات الإدارية التي تناولتها أحدث المؤلفات في الإدارة العامة في وقتنا الحالي، جمع فيه مؤلفه الأحكام المتعلقة بالخلفاء والملوك والسلاطين والوزراء والولاة والقضاة. (2)
2. كتاب «نصيحة الملوك» : وهو في الحث على قبول النصائح ، وفي فضائل الملوك، وفي الأسباب التي تؤدي للاختلال والفساد في الممالك وأحوال الملوك . كما تناول المواعظ التي تُبصِر غرور الدنيا وتنفع من نظر فيها واستمع إليها ، وتهديه إلى العدل في ملكه. واستعرض السياسة الخاصة والسياسة العامة و التدبير في الأموال. (3)
3. كتاب« تسهيل النظر وتعجيل الظفر» : وهو في السياسة وأنواع الحكومات , قدم فيه ببيان أن الناس بطبيعتهم مختلفون، ويحتاجون إلى أمرة سلطان ينقادون إليه لتحقيق التعاون لنِعم السعادة في دنياهم وأُخراهم، وجعل الكتاب بابين , فالباب الأول في أخلاق الملك والباب الثاني في سياسة الملك (4)
4. كتاب «أدب الوزير» [قوانين الوزارة وسياسة الملك] : والذي يُوجهه إلى أحد الوزراء كرسالة قبل أن يكون كتابًا، يقول في بدايتها: « وأنت أيها الوزير- أمدك الله بتوفيقه – في منصب مختلف الأطراف، تُدبّر غيرك من الرعايا، وتتدبر بغيرك من الملوك، فأنت سائس مَسوسٌ، تقوم بسياسة رعيتك وتنقاد لطاعة سلطانك» .وتُعد هذه الرسالة من الرسائل الهامة في الفكر السياسي الإسلامي، فقد وُضعت خصيصًا لقوانين الوزارة (5)
أهم مساهماته في الإدارة (6)
• حدد ستة قواعد اساسية وضرورية لنشأة واستمرار الدولة هي: « دين متبع، سلطان قاهر، عدل شامل، أمن عام، خصب دائم، أمل فسيح» .
• حدد أسس وجود ووجوب الإمامة والخلافة، وواجباتهما والشروط المعتبرة فيمن يتقلدهما، متبعًا في ذلك أسلوبًا لا يختلف عن المنهج الحديث في وصف وترتيب الوظائف.
• تناول موضوع الوزارة وأنواعها وأُسس وجودها وشروط شغلها، وفرَّق بين وزارتي التفويض والتنفيذ.
• تكلم عن الحكم المحلي عندما عَرضَ للإمارة على الأقاليم والبلدان، وقسَّمها إلى إمارة عامة وخاصة، وقسَّم العامة إلى إمارة استكفاء بعقد عن اختيار وإمارة استيلاء بعقد عن اضطرار. كما بيَّن أنّ الإمارة الخاصة مقصورة على تدبير الجيش وسياسة الرعية وحماية الأمة ولا تتعرض للفساد والأحكام والجباية.
• تناول الضوابط التي يُلتزم بها في تحديد الأجور والمُرتبات بما يتلاءم مع أحدث الاتجاهات الإنسانية في رسم سياسات الأجور، حيث حددها بالكِفاية التي تُفرّغ العامل كليًا للعمل والتي ترتبط بحجم العائلة، ونفقات النقل، ومستوى غلاء الأسعار في مكان إقامة الموظف. كما اوجب إعادة النظر في الرواتب في كل عام بما يتلاءم مع ارتفاع الأسعار. وحدد وقت صرف الأجور والمرتبات بوقت تحقق الإيرادات في بيت المال، كما أجاز استيفاء أجر الموظف بعد موته لورثته كمعاش تقاعدي يعتمدون عليه.
• فرَّق بين الإشراف والرقابة على العاملين بدقة، وبين أن المشرف مَنوط به أن يستوفيَ العمل، حيث يُمنع من زيادة عليه أو نقصان منه أو تفرُّد به.
• وضَّح معنى التفويض وبيَّن حقَّ الإمام في التفويض في سلطانه, وأجاز للعمال أن يُفوضوا في بعض اختصاصاتهم لا كلِّها وتحت إشرافهم ومسئولياتهم وبما يتفق مع نظريات التفويض الحديثة.
• تكلم عن الرقابة في القضاء الإداري بالنظر في المظالم وقارن بينها وبين القضاء والحسبة.
الجزء القادم مع رائد أخر للفكر الاسلامي