القانون بين المعرفة الفكرية و العلم و الفن
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
هناك من لا يؤمن بالمعرفة العلمية الفكرية ولا يعتبر هذا النوع من المعرفة بأنه ذو طابع علمي ، بل يؤمن فقط بالمعرفة العلمية التجريبية و التي هي مجموعة الحلول والتفسيرات للظواهر الطبيعية التي توصل إليها الإنسان بدءا بالملاحظة ثم الفرضية ثم التجريب ، ويستطيع أي إنسان التأكد من صحة النتائج بإعادة التجربة ، وهذه المعرفة توصف بأنها موثوق فيها أكثر من غيرها.
إن المعرفة التجريبية لا تشكل وحدها الطريق إلى العلم وما يؤكد ذلك هو استخدام المعرفة الفكرية العلمية لمناهج البحث العلمي وإستخدام الفرضيات والوصول إلى حلول إنطلاقا من إستخدام قواعد المنهج .
#القانون_معرفة_علمية_فكرية :
=================
#القانون هو علم إجتماعي يتخصص في دراسة القواعد والقوانين العامة التي تقوم على تنظيم العلاقات المجتمعية بين الأشخاص ، وهذه القواعد القانونية يلتزم بها الجميع وتطبق على كافة الأطياف ، موضوعه الإنسان وسلوكه مع نظائره، أعماله و ردود أفعاله.
فالمعرفة العلمية الفكرية تدرس الظواهر الإنسانية والاجتماعية، ويستخدم الباحث هنا أدوات عقلية مثل الاستدلال ويتم التأكد من صحة النتائج عن طريق العقل، وموضوع المعرفة الفكرية العلمية هي دراسة ظواهر مادية يعيشها الإنسان في واقعه مثل: الدولة، القانون، الأمة، الانتخابات…
#العلم هو مجموعة من المبادئ والقواعد التي تشرح بعض الظواهر والعلاقة القائمة بينها ، وهو جزء من المعرفة يقوم على مجموعة من المناهج الموثوق بها التي يتبعها الباحث لتفسير الظواهر والحقائق ، هذه الأخيرة التي يتم التأكد من صحتها بواسطة التجريب أو العقل .
#القانون_علم_وفن
==========
هل يعتبر القانون علما أو فنا او بعبارة أخرى : هل النظام القانوني علم أم فن ؟
الوضعيون ، الماديون ، العلميون ، لا يعتقدون إلا في الواقع ( ماهو كائن ) فالقانون بالنسبة إليهم هو العلم الذي يدرس المسلمات ، بمعنى أن النظام القانوني يقتصر على بحث القواعد التي حكمت وتحكم ما هو واقع أو كائن فعلا .. وهذا ما يسمى القانون الوجودي.
أما المثاليون ، فيؤكدون على العكس ، بان القانون هو فن ، فعند المثاليين : القاعدة القانونية تكون نتيجة الجهود الإنسانية نحو المثل الأعلى للعدالة ، والذي يكمن فيه أساسه . فهو الفن أو الصنعة ( البناء أو الشكل)
وقد واجه هذه الفكرة الجد رائعة الفقيه جونيGeny في مؤلفه الشهير :
العلم بالصنعة ( Science et technique)
إن كل قاعدة من قواعد القانون تنطوي من حيث مضمون وشكل صياغتها فكريا على عنصرين ينبغي التمييز بينهما ..
#أحدهما : عنصر العلم وهو عنصر موضوعي :
يقوم على جملة معطيات تتسم بطابع سياسي واجتماعي ، تُعبر في مضمونها عن الحقائق الاجتماعية والسياسية والتاريخية والمُثل والقيم العليا الى تسود في مجتمع واحد معين ، ومن هذه المُعطيات يستمد المقنن مادته الأولية او الجوهر الذي يصوغ منه قانونه ، وهذا يعني ان العنصر الموضوعي يتصل بالملائمة وحسن التدبير
#والآخر : عنصر خارجي ذو طابع فني :
يتعلق بصياغة أو بناء القاعدة القانونية وهو ما أسماه جيني بعنصر الصياغة و التي تمثل الجانب الفني للسياسة القانونية التي تُعنى بوضع أنسب أدوات التقنية التشريعية لاحتواء المعطيات والحاجات والأهداف الاجتماعية ، فقد يكون من المناسب ان يضمن العنصر الموضوعي في إطار قاعدة قانونية جامدة أو مرنة او معيار قانوني او مبدأ قانوني
أو أن يحيل المقنن الحكم إلى قواعد العدالة أو القانون الطبيعي، حسب ما يمليه مبدأ العدالة او مبدأ أمن واستقرار المعاملات داخل المجتمع فضلا عن ما تمليه نظرة المقنن لمستقبل الحياة الاجتماعية وما يطرأ عليها من تغيرات بعد سن التشريع ونفاذه، ويرجع أساس كلا العنصرين الى السياسة
القانونية المتبناة في مجتمع ما ، فالعنصر الموضوعي يتعلق بشؤون وحاجات وأماني وتطلعات ذلك المجتمع ، ويستهدف العدالة كمثل أعلى لتنظيم ذلك على أفضل الوجوه وأكثرها ملائمة .
———————————
#خلاصة :
°°°°°°°
القانون معرفة علمية فكرية : فالقانون علم إجتماعي يتخصص في دراسة القواعد والقوانين العامة التي تقوم على تنظيم العلاقات المجتمعية بين الأشخاص (الاعتباريين أو الطبيعيين) ، وموضوع المعرفة الفكرية العلمية هي دراسة ظواهر مادية يعيشها الإنسان في واقعه مثل : الدولة ، القانون ، الأمة ، الانتخابات …
#النتيجة: القانون علم وفن معاً:
–#علم لأنه يقوم على عدد من النظريات العلمية التي شيدت على أساس معطيات واقعية وعقلية وطبيعية ومثالية وتاريخية تعطي للقاعدة القانونية مداها ومعناها وتفسيرها بهدف كشف المراد منها ومن ثم تطبيقها تطبيقاً سليماً على الوقائع المتطابقة مع فرض تلك القاعدة ، فالقاعدة القانونية لا تُضمن في الغالب تعريفات أو شروط للتطبيق ، فهي قاعدة عامة مجردة لا تغوص في التفاصيل عادة ، مما يعني وجوب الرجوع إلى النظرية ذات العلاقة لبيان الأحكام التفصيلية وفك الغموض الذي قد يكتنف تلك القاعدة . ولا غنى للقاضي أو رجل الإدارة في حدود عمله عن الرجوع إلى تلك النظريات لتطبيق النصوص القانونية تطبيقاً سليماً لتفادي الوقوع في الخطأ في تطبيق القانون أو فهمه أو تأويله .
-و #فن لان صياغة القاعدة من حيث الشكل والمضمون ما هي إلا تعبير عن الجانب الفني للسياسة القانونية التي تُعنى بوضع أنسب أدوات التقنية التشريعية لاحتواء المعطيات والحاجات والأهداف الاجتماعية ..
———————————
الفقيه الحقوقي Geny : فقيه فرنسي كيير له الفضل في التفرقة بصدد تكوين القاعدة القانونية بين الجوهر والشكل في مؤلفه القيم ( العلم والصياغة في القانون الخاص الوضعي ).
المراجع:
1-كتاب البروفسيور فتحي عبدالرحيم عبدالله مقدمة العلوم القانونية الكتاب الأول في النظرية العامة للقانون البند 1 من الكتاب بعنوان تقديم وتقسيم.
2-مقال للأستاذ فارس حامد عبد الكريم العجرش الزبيدي ماجستير في القانون
باحث في فلسفة القانون والثقافة القانونية العامة بغداد ـ العراق
3-كتاب د. صوفي حسن أبو طالب مقدمة تاريخ النظم القانونية والاجتماعية، الجزء الأول من الكتاب بعنوان تكوين الشرائع القانونية و تطورها.
د. صوفي حسن أبو طالب