تعود أصول الاحتفال بيوم 8 مارس عيدًا للمرأة، إلى أنه في نفس اليوم من عام 1857، تظاهرت النساء العاملات في مدينة نيويورك، مطالباتٍ بتحسين ظروف العمل، وتخفيض عدد ساعاته، ومساواتها في حقوق العمل مع الرجل (أي أنّهن خرجن أصلًا ضد استغلالهن وقهرهن في العمل)، وتم تفريق صفوفهن من قبل الشرطة آنذاك.
وبعد واحد وخمسين عامًا، في 8 مارس 1908، تظاهرت النساء في نيويورك مرة أخرى، في ذكرى مارس 1857، مطالباتٍ بمنحهن حق التصويت، ووضع حد للمصانع المستغلة لعمالتهن وعمالة الأطفال، وكانت الشرطة موجودة في هذه المناسبة أيضاً.
وفي عام 1909 قرر الاجتماع الاشتراكي الدولي في كوبنهاغن اعتبار يوم المرأة يومًا ذي طابع دولي، يراد منه تكريم الحركة الرامية إلى إتاحة الحقوق الإنسانية للنساء وبناء دعم لتحقيق حق النساء في الاقتراع. ولقي الاقتراح ترحيبًا كبيرًا من المؤتمر الذي حضرته أكثر من 100 امرأة من 17 بلد، بمن فيهم ثلاث نساء كن انتخبن في البرلمان الفنلندي. ومع ذلك لم يُعين يوم محدد لهذه المناسبة.
وفي نفس اليوم عام 1917 وبسبب ظروف الحرب، خرجت النساء الروسيات في تظاهرة وأضربن تحت شعار “من أجل الخبز والسلام” داعياتٍ لإنهاء الحرب، وبعد أربعة أيام تنازل القيصر ومنح الحكومة المؤقتة النساء الحق في التصويت.
وفي عام 1975 وأثناء السنة الدولية للمرأة، عمدت الأمم المتحدة إلى الاحتفال باليوم الدولي للمرأة في 8 آذار/مارس.
والناظر في أصول هذا اليوم وعندما يفكر بتجرد يجد أن ثورة النساء في تلك الايام كانت ضد النقاط التالية:
1- ضد استغلالهن في العمل لضعفهن وحاجتهن للعمل
2- خرجن لتحسين شروط العمل ولخفض ساعات العمل
3- خرجن ضد عمالة الأطفال
4- خرجن لإيقاف الحرب لأنها استنفذت مافي البلاد من رجال
5- خرجن مطالباتٍ بحقوقهن الإنسانية
المصدر: 1 2
والإسلام حفظ المرأة أصلًأ وجنبها مواضع الشبهات والاستغلال، فأتى الإسلام ليعيد للمرأة مكانتها وكرمها تكريمًا، وأيما شخص ينكر ذلك فهو لايجحد بالاسلام فقط بل يجحد بالعقل والتاريخ أيضًا، فقد كانت المرأة في الجاهلية مَجلبةً للعار (( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)) [النحل:58-59]
ويتعدى الأمر إلى دفنها وهي حية فقط لأنها أنثى (( وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)) [التكوير:8،9]
فحرموها من حق الميراث ،وكانوا يقولون في ذلك : ( لا يرثنا إلا من يحمل السيف ، ويحمي البيضة ) بل هي تورث بعد موت زوجها كسقط المتاع، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان الرجل إذا مات أبوه أو حموه فهو أحق بامرأته ، إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها ، أو تموت فيذهب بمالها )
هكذا جاء الإسلام فحرر المرأة من الظُّلم وأعطاها كامل حقوقها، وفي النظر لتعاليم ديننا الحنيف ووصايا كتاب الله نجد:
-﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)[سورة الحجرات]
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) [النساء]
-﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (71-72) [التوبة]
فالنساء شقائق الرجال، بل حق #المرأة محفوظ في الإسلام، وذهب الأمر الإلهي أبعد من ذلك حيث أمر بالإحسان لهن حتى وإن لم يكن هناك محبة!
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ﴾( 19-21 ) [النساء]
وغير ذلك من النصوص الصريحة التي تقرر القاعدة العامة في معاملة الذكر والأنثى.
ولعل من أعظم ما يدل على علو شأن المرأة في الإسلام ورفعة مكانتها، وصية النبي صلى الله عليه وسلم بها في أكبر مجمع إسلامي في حجة الوداع،
عندما قال صلى الله عليه وسلم : ” …فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله… ”
وما أجمل الشهادة عندما تأتي على لسان إمرأة ومن بيت النبوة السيدة #عائشة رضي الله عنها، فعَنْها أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي”
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “أَكْمَلُ المؤْمِنِينَ إِيمَانًا، أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ”
وهذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيرًأ وأن يحسنوا إليهن وألا يظلموهن وأن يعطوهن حقوقهن ويوجهوهن إلى الخير، وهذا هو الواجب على الجميع لقوله عليه الصلاة والسلام :” استوصوا بالنساء خيرا ”
فالمرأة المسلمة لها من المكانة التي حباها الله ما لم يكن ولن يكون في تشريع وضعي قط.
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل 97]
فساوى الإسلام بينها وبين الرجل في التكليف والتشريف والمسؤولية، ولم يفرق بينها وبينه إلا في بعض الواجبات التي تشقُّ عليها بصفتها امرأة، وكيف يساوي بينهما ويحملها مالا تطيقه و تقدر عليه !
(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (228) [البقرة]
وبهذه الطريقة يتم التكامل ويتحقق العدل الإلهي بين الرجل والمرأة، تكريم مبدئي للنوع الإنساني وللأصل الطبيعي، فمن الخطأ أن نتحدث عن المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة لأن بعض الأمور بسبب الطبيعة العاطفية والفيزيولوجية المختلفة لا تستقيم بالمساواة بل بالعدل، فتم التفريق بينهما في المهام والواجبات كل حسب بنيته الجسمية وحالته النفسية وتركيبته الفيزيولوجية إلى غيرها من الفروقات.
وبهذه المناسبة لا يخفى على أحد تزايد وتفاقم الدعوات في العالم الإسلامي إلى تغريب المرأة تحت مسمى ” حرية المرأة ” وغيرها من الأسماء غير محددة المعنى، فهل الغرب قدم للمرأة أفضل مما قدمه لها الإسلام؟
أم أن المطلوب هو النفاذ إلى حياة المسلمين، وتدمير الأسرة المسلمة، بإفساد نسائها، وبالتالي إفساد الجيل المسلم بأكمله؟
وقد ذكر المفكر #محمد_عمارة في معرض حديثه عن النموذج الغربي لتحرير المرأة بأنه :
” تحرر من كل المنظومات الدينية، والقَيْمِية الإيمانية، والحضارية، والفلسفية، والاجتماعية، والتاريخية، بما في ذلك التحرر من الأسرة بشكلها الشرعي والتاريخي.”
(التحرير الإسلامي للمرأة، الرد على شبهات الغلاة، ص 7 )
لا يختلف اثنان على أن المرأة استُغِلَّت استغلالًا سيئًا في الغرب، فمن خلال الإغراء واالتغرير بها في العمل ووسائل الدعاية والإعلان لمنتجات مختلفة، تحولت الى سلعة!
فعلى مستوى #الإعلان عمد صانعوا الإعلانات لمخاطبة غريزة المشاهد وتضخيم قطاع اللذة فيه والاستهلاك، لأنه وبكل بساطة صانعو الإشهار لا يثقون برواج سلعتهم إلا إذا كان العنصر الناعم ذي حضور قوي في مكونات الإشهار، بقوامه الممشوق ونحته الخرافي وجماله المصطنع.
فسماسرة الجسد جعلوا من المرأة مجرد دمية متحركة، فارغة من الداخل، وقد تحدث أحد الكتاب Charles Saatchi عن الإعلانات على مدار قرن متناولًا استخدام مصممي الاعلانات تارةً الأطفال و تارةً الإثارة الجنسية و العنصرية – هنا
فيتم استخدام جسد المرأة كجاذب في الإعلانات للمنتجات المختلفة – هنا
حيث أصبح حاولي 85% من النساء اللاتي يظهرن في الإعلانات، يتعمد مصممي الإعلان إظهارهن بشكل مثير – هنا
وهكذا فإن تشويه الأنثى و حصر دورها ” كوسيلة دعاية “، يعني عودة تجارة الرقيق وإلقاء المرأة في الوحل وعرضها في سوق النخاسة العالمي، بأسلوب خبيث، باستخدام سلطة الجسد وتحويلها إلى وسيلة للإثارة لا غير، وإلغاء دورها في بناء المجتمع، انطلاقا من تضخيم القيمة الرمزية للرجل على حساب قيمة الطرف الثاني الذي يعتبر هامشيًا في المجتمع.
وأما بالنسبة للعنف الأسري فإن 1320 امرأة تقتل سنويًا (أي حوالي 4 نساء يقتلن يوميًا) بواسطة أزواجهن أو أصدقائهن في أمريكا !! بحسب تقرير لوزارة العدل الأمريكية – هنا
بينما سنويًا حوالي 3 ملايين امرأة في أمريكا يتعرضن لاعتداء جسدي من زوج أو صديق بحسب الموقع الرسمي الحكومي لولاية نيوجرسي الأمريكية – هنا
فإذا انتقلنا إلى فرنسا – فتطالعنا فرانس24/أ ف ب بخبر عن تقرير فرنسي حكومي يفيد أن 100 % من النساء اللواتي يستخدمن وسائل النقل العام في منطقة باريس، تعرضن في يوم من الأيام لتحرش جسدي بوضع اليد أو معنوي بتوجيه الشتائم إليهن أو النظرات الموحية !! هنا
وبالطبع لا يكتمل اعتداء الرجال على النساء إلا بامتهانهن في الخدمة والعمل تحت أيديهن أو لاستغلال حاجتهن للمال – وهنا تطالعنا حقيقة مرة نضعها أمام المخدوعين بشعارات (حرية المرأة) و (المساواة) في الخارج وفي أمريكا حيث :
89 % من الخدم وعمال التنظيف هم النساء !!
وذلك بحسب وزارة العمل الأمريكية – هنا
وهذه الحادثة من أحد المطاعم الأمريكية التي يجبر فيها أصحاب العمل المرأة على ارتداء ملابس مثيرة، وإلا ستطرد من العمل فتتجه الأنظار الى المرأة وتهان إنسانيتها بهذا العمل! هنا
وبحسب الإحصائيات 400.000 امرأة في ألمانيا تعملن في بيوت الدعارة المقننة !!! فتجد المرأة فى تلك البيوت عارية أو شبه عارية حتى يأتي رجل و يدفع لبيت الزنا ويتم الزنا بها مقابل لقمة العيش! هنا
ولأصحاب حقوق المرأة واحترام المرأة وعدم ابتذال المرأة؛ نُهدِيهم هذا الخبر من BBC حيث انتشرت في أمريكا (وأوروبا) مطاعم تقدم الطعام على أجساد النساء العاريات (نيويورك تايمز عدد 18 -4- 2007، وعدد 24 -8- 2008 وأعداد أخرى) بجانب موضة النساء ذوات الصدور العارية اللاتي يغسلن السيارات !! هنا
فأي إهانة أكثر من هذا……؟
الآن هل علمتم لماذا لايوجد عندنا يوم عالمي للمرأة؟
.