لا شكَّ أنك يومًا ما قد قمت بتبادل أطراف الحديث مع أحد معارفك حول منتج ما، وربما قام بتغيير رأيك فيه، أو جذبك بحديثه إلى منتجٍ آخر لم تكن تفكر فيه، أو غيّر طريقة تفكيرك لاستهلاك سلعة ما. فأنت تثق بقرارات مَن حولك نحو هذه المنتجات وتتجه لتصديق ما يقدمونه لك من وجهات نظر، فما الذي يحدث في هذا الصدد؟
إن الكلام المتناقَل أو المتبادَل يعد من أقدم الطرق لنقل المعلومات؛ إذ يقوم الناس بمشاركة آرائهم باستمرار من خلال التحدث بعضهم مع بعض وتبادل المعلومات. ويعرف الكلام المتبادل (الحديث الشفوي–word of mouth) في علم التسويق على أنه: القيام بالتواصل بين المستهلكين حول منتج أو خدمة أو شركة، إذ إن تناقل هذا الكلام بين الأشخاص يساهم في حصولهم على المعلومات المتعلقة باستهلاك ذلك المنتج، أو الخدمة إلى جانب المعلومات المتحصَّل عليها من خلال الإعلان الرسمي. أي يتجاوز الرسائل التي تقدمها الشركات التي ترغب بإيصالها للمستهلكين عن المنتج، ويؤثر بشكل لاإرادي على عملية صنع القرار للفرد، وهو أحد أكثر العوامل المؤثرة في سلوك المستهلك على نطاق واسع.
يعد الإنترنت من أدوات الكلام المتبادل، لذلك فالمعنى الحقيقي لمصطلح (كلام شفوي) لم يعد يقتصر على التواصل ب شخصين وجها لوجه فقط، إنما أصبح المفهوم أوسع بسبب إعادة التقييم التكنولوجي، ليشمل وسائل التواصل المرئية والمكتوبة، ومنها مراجعات المستهلكين على المدونات الشخصية أو العامة ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ويُعرف الشكل الجديد اليوم لاتصال الكلام المتبادل عبر الإنترنت بالكلام المتناقل إلكترونيًا (eWOM).
اكتسب هذا الشكل من التواصل أهمية خاصة مع ظهور المنصات على الإنترنت، مما جعلها واحدة من أكثر مصادر المعلومات تأثيرًا على الويب. ويمكن للمستهلكين في جميع أنحاء العالم في الوقت الحالي ترك تعليقاتهم حول المنتجات، ومن ثم يمكن للمستخدمين الآخرين استخدامها للحصول على معلومات حول السلع والخدمات بسهولة.
مما يميز الكلام المتبادل إلكترونيًا عن الكلام المتبادل تقليديًا السرعة التي تنتشر بها المعلومة وسهولة الوصول إليها. في هذا الصدد، عندما يحتاج المستهلكون إلى معلوماتٍ حول منتج أو خدمة فإنهم يلجؤون في نهاية المطاف إلى الإنترنت؛ حيث يمكنهم الحصول على المعلومات بسرعةٍ أكبر، فلا توجد حاجة إلى انتظار شخصٍ آخر، صديقٍ أو فردٍ من العائلة، لتقديم رأيٍ حول ما يرغبون في استهلاكه من منتجات. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم إذا تلقّوا مراجعاتٍ عبر الكلام المتبادل، فيمكنهم استخدام الكلام المتبادل لتأكيد المعلومات التي حصلوا عليها بالفعل.
وتشير الأبحاث إلى أن المستهلكين يعدُّون الكلام المتبادل وسيلة أكثر موثوقية بكثير من الوسائط التقليدية، مثل: التلفاز، والإذاعة، والإعلانات المطبوعة، وما إلى ذلك. ومن ثم فإنها تعد واحدة من أكثر مصادر المعلومات تأثيرًا حول المنتجات والخدمات. وبصورةٍ عامةٍ، يثق المستهلكون في المستهلكين الآخرين أكثر من البائعين، لذلك يؤدي الرضا العام إلى إمكانية إعادة النظر في قرار الشراء والتوصية بالخدمة أو المنتج.
المصدر :
https://pdfs.semanticscholar.org/9828/cbabd1653c712636b71105856538b712911a.pdf