في هذا العالم الكبير يوجد العديد من المخلوقات الخفية في محيطنا، وهي أقرب لنا مما نظن، ولولا رحمة الله وحمايته بأن وهبنا جسدًا قادرًا على الدفاع عن نفسه، لما بقي على هذه الأرض نفسٌ بشرية. وحبانا الله كذلك عقولاً تدرس وتتعلم وتتدبر في ملكوته عز وجل.
ومن هذه المخلوقات التي تعيش معنا وحولنا: الجراثيم، وهي كائنات مختلفةٌ ومتباينة جدًا، أكثر من اختلاف الحيوانات بين بعضها. وموضوعنا في هذا المقالة عن جراثيم الكليبسيلة، فما هي؟ وكيف تنتقل؟ وما الذي تسببه من أمراض؟ وما هو علاجها؟ والكثير سنتكلم عنه غي هذا المقال.
ما هي جراثيم الكليبسيلة؟
اكتشفها العالم إدوين كليبس في القرن التاسع عشر، ووصفها بأنها جراثيمٌ عصوية الشكل سلبية الغرام، تحتاط بغلاف عديد السكاريد يؤمن لها الحماية من العديد من آليات الدفاع التي يستخدمها جسمنا ضد الجراثيم. وقد اتُّهمتْ هذه الجراثيم بإحداث كثير من أخماج المشافي القاتلة. هناك أكثر 3 أنواع منها تصيب الإنسان هي: الكليبسيلة الحبيبية، كليبسيلة أوكسيتوكا، الكليبسيلة الرئوية.
ما الأمراض التي تسببها؟
رُغم أنها غير قادرة على الحركة، إلا أنها شديدة الانتشار، وتفضل الاستيطان في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، وتعتبر من أكثر الجراثيم المسببة للأخماج المستشفوية (أي الأمراض التي يُصاب بها المريض نتيجة وجوده في المستشفى، لا تتعجب! فتلك الفئة من الأمراض من الصعب علاجها). ومن أهم الأمراض التي تسببها:
• ذات الرئة المكتسبة من المجتمع (المحيط خارج المستشفى).
• التهاب المسالك البولية.
• ذات الرئة المستشفوية: وهي أخطر من ذات الرئة المكتسبة في المجتمع لأن الجراثيم المسببة لها تكون عادةً مقاومة للعديد من الصادات، وذلك لأن المصابين يكونون مرضى في المشفى (مناعتهم ضعيفة أصلاً نتيجة المرض). ويجب الإشارة إلى أن الكليبسيلة تسبب أخماجًا مستشفوية أخرى كالتهاب المسالك البولية والتهاب المرارة وتجرثم الدم وأخماج البدائل الصنعية وغيرها.
• الصلبوم الأنفي: هو عدوى حبيبية مزمنة. من أشهر علاماتها خروج السيلان الأنفي القيحي وتكرر الرعاف (خروج الدم من الأنف) ويؤدي إلى تشوه الأنف.
• التهاب الأنف الضموري البدئي: تتميز هذه العدوى بأنها تسبب احتقانًا في الأنف على خلاف الصلبوم الذي يسبب السيلان. ومن أعراضها؛ رائحة كريهة من أنف المصاب، وصداع وأعراض التهاب جيوب أنفية أخرى.
• المرض القرحي التناسلي المزمن.
كيف تنتقل؟
توجد الكليبسيلة في كل مكان في الطبيعة، أما عند البشر فقد تستوطن الجلد، البلعوم أو الجهاز الهضمي، وتُعتبر أيدي العاملين في المشافي فرصة جيدة تنتهزها هذه الجراثيم للانتقال من شخص لآخر.
كيف نكتشفها؟
عمومًا، يُوَجِّه ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء في الدم لوجود خمج جرثومي، ولتأكيد الإصابة بالكليبسيلة؛ فيفضل إجراء زرع للعينة المأخوذة من المريض ودراستها مجهريًا للبحث عن الكليبسيلة فيها. ويجب الأخذ بالاعتبار أن صورة الصدر الشعاعية قد توجهنا لاكتشاف الخمج الجرثومي الرئوية بسرعة أكبر.
هل يمكن علاجها؟
بحمد الله فإن أغلب أنواعها تُعالج دوائيًا إذا اكتشفت بالوقت المناسب، فكثيرًا ما تكون المضادات الحيوية التي يصفها الطبيب وبعض المسكنات كافية للتغلب عليها، ويجب الأخذ بالحسبان أن الشفاء من العدوى يعتمد على سلالة الجرثوم المسبب للمرض، وعلى العضو المصاب، وكذلك على مدى استجابة أجسامنا للمضادات الحيوية؛ ومن هنا يجب الحذر من استخدام المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب. يتطلب العلاج تداخلًا جراحيًا في الحالات المتقدمة من صلبوم الأنف، والغانغرينا الرئوية، وعند إصابة البديل الصنعي.
كيف تحمي نفسك ومن تحب؟
1)- احرص دائمًا على غسل يديك بالماء والصابون قبل الأكل وقبل لمس العين أو الفم أو الأنف.
2)- احرص على تعقيم يديك جيدا قبل أن تقوم بتبديل الضمادات على الجروح.
3)- اغسل يديك جيدًا بعد ملامسة الأسطح المتسخة.
وتجد في التعليقات رابطًا لإرشادات تتبعها في حال وجودك في المستشفى.
إذًا هذه هي الكليبسيلة، إحدى مخلوقات الله التي تدل على عظمته وقدرته وبديع صنعه، وعلى صغرها، إلا أنها تذكرنا بضعفنا وبأنه لا حول لنا ولا قوة من دون حول وقوة الله.
دمتم بخير.