لقد كان نجماً قزماً أبيض، ويبعد عن الأرض مسافة (570) سنة ضوئية، بنمط إضاءة غير مألوف خَفُتَ النجم مرات متعددة لأعماق متباينة، كل عمق يتكرر في إطار زمني يتراوح بين (4.5) إلى (5) ساعات؛ وكان الغلاف الجوي للنجم ملوثاً بعناصر عادة ما توجد في الكواكب الخارجية الصخرية.
لم يأخذ الأمر وقتاً طويلاً حتى استنتجوا الأمر، كانت جاذبية النجم الميت تمارس عملية تمزيق الأجسام التي تدور حوله والتهامها، وهي عملية عنيفة يمكن تسميتها بأدب باسم: (اضطراب المد والجزر).
كان يدعى النجم (WD1145+017)، ويُستَغل الآن بوصفه دليلاً على مفهوم لمجال جديد في علم دراسة الكواكب، وإعادة بناء الطب الشرعي للأجسام الكوكبية؛ لفهم ومعرفة كيف كانت وكيف ماتت.
يطلق علماء الفلك من الولايات المتحدة ومن المملكة المتحدة على هذا المجال اسم: (علم الكواكب النخرية) Necroplanetology.
قُبِل تحليل الباحثين للنجم (WD1145+017) في (The Astrophysical Journal)، وهو متاح على (arXiv)، وقال الباحثون: إنه يمكن تطبيقه على الاكتشافات المستقبلية المشابهة لنظام القزم الأبيض؛ لمعرفة كيفية موت الكواكب التي تدور حول أنواع مختلفة من النجوم الميتة.
بالرغم من أنّ الأقزام البيضاء تخرج مواد خام كثيرة عند موتها في سلسلة عنيفة من الانفجارات النووية الحرارية، فإنّ الكواكب يمكنها -بطريقة ما- النجاة من هذه العملية.
نحن لم نجد فقط كواكب تدور حول نجوم القزم الأبيض، بل وجدنا أيضاً في غلافها الجوي عناصر عادة ما توجد في الكواكب الخارجية الصخرية.
الجاذبية السطحية للقزم الأبيض شديدة للغاية، لدرجة أن هذه العناصر الأثقل تغرق فيه غرقاً سريعاً إلى حد ما؛ مما يشير إلى أن النجم يجب أن يكون قد تراكم عليه المواد مؤخراً، من جسم نجا من موت النجم.
لمحاولة تحديد كيفية حصول النجم (WD1145+017) على الطريقة التي سلكها بها، أجرى علماء الفلك من جامعة كولورادو بولدر، وجامعة ويسليان، وجامعة أورويك في المملكة المتحدة سلسلة من المحاكاة لوضع قيود وقواعد على الجسم المعطل وضعاً منظماً.
وقاموا بتعديل المكونات الهيكلية للجسم المداري، مثل: حجم اللب والغطاء، وتكوين الوشاح أو الصخرية أو الجليدية، ووجود قشرة.
أدى هذا إلى (36) هيئة محاكاة مختلفة.
ثم قاموا بتعيين كل من هذه الأجسام الـ(36) التي تدور حول نجم مثل (WD1145+017)، نحو: (60%) من كتلة الشمس، و(2%) من حجمها (الأقزام البيضاء كثيفة جداً).
كان هذا المدار (4.5) ساعات، وفقاً للمادة التي تدور حول (WD1145+017)، وشُغّلت كل محاكاة لـ (100) مدار.
وأخيراً، قورنت منحنيات الضوء الناتجة عن ” اضطراب المد والجزر ” لكل جسم مع منحنى الضوء الواقعي لـ: (WD1145+017).
أظهرت هذه المحاكاة أن من المحتمل جداً لتلك الأجسام أن تنتج ما نلاحظه نحن في (WD1145+017) أنه يملك لباً صغيراً، وغطاء منخفض الكثافة؛ “مما يشبه كويكباً بهيكل متباين جزئياً وعباءة غنية بالتقلب مثل: (Vesta)”. وهذا ما كُتِب في أوراقهم.
الأجسام ذات كتلة منخفضة نسبياً، ولها كثافة كبيرة بما يكفي للحفاظ على الهيكل لمدة من الوقت، ولكنها منخفضة بما يكفي لتعطيل غطائهم، هذه السمات متشابهة مع نقص الجسيمات الصغيرة الموجودة في الملاحظات الأخرى للنجم، حيث إنها ستتسامى بسرعة.
وفي الواقع، يقدم بعض القرائن فيما يتعلق بالنجوم الأخرى الغامضة أيضاً، مثل: (KIC 8462852) الشهير، أو نجم (AKA Tabby) الذي يعد تعتيمه غير المتناسق مصدر غموضه بين علماء الفلك.
منذ اكتشاف سلوك (KIC 8462852) الغريب لأول مرة، تبين أنه ليس النجم الوحيد الذي يظهر مثل هذا التعتيم غير المألوف.
وقد أظهر مسح العام الماضي (21) نجمة أخرى باهتة بهتاً غريباً يمكن أن يكون لها ديناميكيات مشابهة.
كما اكتُشِف أقزام بيضاء متساقطة أسفل أجسام مدارية، واكتُشِف نجم (ZTF J0139+5245) ونجم (WD J0914+1914) العام الماضي، وكلاهما كانا يعطلان الكواكب حولهما تعطيلاً منتظماً.
يمكن محاكاة هذه النجوم باستخدام الطرق الجديدة للفريق أيضاً.
كتب الباحثون في أوراقهم: “هؤلاء هم أول أعضاء من فئة أكبر من أنظمة الكواكب المحتضرة التي يجب دراستها من خلال الجمع بين الملاحظات الطيفية والضوئية مع محاكاة الاختلال،
إما: اختلال المد والجزر كما هو الحال مع (WD1145+017)
أو: اختلال الدوران كما يحدث مع فيراس والآخرون ( لعام 2020)
أو: مقترحات انتقال جسم (ZTF J0139+5245).
وهذا النهج متعدد الجوانب سيستخدم موت أنظمة الكواكب تلك للمساعدة في دراسة الخصائص الأساسية لأجسام الكواكب الخارجية التي يتعذر الوصول إليها بخلاف ذلك: دراسة في علم الكواكب النخرية.”
المصدر :
https://www.sciencealert.com/necroplanetology-the-study-of-planets-dismembered-remains?fbclid=IwAR2WwH1UPgczPUg7gUhRSKjgqlRgJVHWzjCj7Z1JSLKFNPt_CcUPWVh6CD8