المسلمون ومحاولات الطيران
هل كانت فكرة الطيران حديثة ؟ وهل فكر فيها المسلمون من قبل ؟
تعالوا نتعرف معا في هذا المقال عن أجرأ محاولات الطيران عند المسلمين قديما
ربما يتبادر لأذهان البعض منا -وبعد قراءة هذا العنوان- رائد الطيران المسلم , ابن الأندلس ,#عباس_بن_فرناس , ثم يتساءل هل هو العالم المسلم الوحيد الذي قام بمثل هذه التجارب ؟
تعالوا بداية نتعرف من هو عباس بن فرناس ؟
لقد كان مخترعا أندلسيا من أهل قرطبة ، في عصر الخليفة عبد الرحمن الثاني بن الحكم ، وكان أيضا فيلسوفاً شاعراً له علم بالفلك ، وهو أول من استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة , وصنع الميقاتة (آلة تشبه الساعة) , ومثَّل في بيته السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها ، وأراد أن تطير جثمانه فكسا نفسه الريش ومد له جناحين طار بهما في الجو مسافة بعيدة ثم سقط فتأذى في ظهره , وتوفي 274هـ/887م.
ان ابن فرناس لم يكن مميزاً في علم الفلك فحسب , وإنما كان فيلسوفاً شاعراً , وله اسهامات عدة في ميدان العلوم الفيزيائية , لذا فهو لم يقم بتجربته الرائعة بوحي من الخيال ، وإنما قام بها على أساس من البحث والدراسة في ميادين العلم ، وخاصة الفلك والفيزياء , مما ينفي العشوائية عن عمله هذا.
——————-
ولكن هل كان ابن فرناس هو الوحيد من العلماء المسلمين الذين حاولوا الطيران ؟ الجواب ببساطة لا، فهناك #أبو_العباس_إسماعيل_بن_حماد_الجوهري ، العالم اللغوي صاحب معجم (تاج اللغة وصحاح العربية / الصحاح).
لقد قام الجوهري بتجربته الفريدة هذه في نيسابور، حيث صنع جناحين من خشب وربطهما بحبل ، وصعد سطح داره ونادى في الناس : لقد صنعت ما لم أسبق إليه وسأطير الساعة ، فازدحم أهل نيسابور ينظرون إليه ، فتأبط الجناحين ونهض بهما , فخانه اختراعه وسقط إلى الأرض شهيداً –كما نحسبه- سنة 393هـ , رحمه الله تعالى.
——————-
ونأتي الآن لذكر نجمنا الثالث العالم العثماني المسلم #أحمد_الجلبي , المشهور باسم هزارفن , وتبدأ قصتنا في عهد السلطان مراد الرابع عندما قام هذا العالم بمحاولات طيران ، وكان عددها في بادئ الأمر 9 محاولات ولمسافات قصيرة ، نجح في جميعها ، وذلك في عام 1636م.
وبعد هذه المحاولات الناجحة ، أعد العدة للطيران الكبير، وهو الطيران من فوق برج غلطة -1- إلى منطقة اسكدار -2- (والمسافة بين المنطقتين حوالي سبعة كيلو مترات).
وفي ذلك اليوم المشهود تجمع أهالي إسطنبول على الساحل ، وبعد مدة أصبح هناك زحام شديد لم تشهده اسطنبول من قبل ، وكان السلطان مراد ومعه الصدر الأعظم –رئيس الوزراء- جالسين في قصرباشا , في سراي بورنو , يراقبون ما سيحدث والعيون شاخصة نحو قمة برج غلطة ، حيث سيقفز منها البطل.
وأخيرًا حانت اللحظة الحاسمة , وقفز “أحمد جلبي” من فوق قمة البرج -بعد التلفظ بالبسملة- تاركًا نفسه للفراغ ، و بالأجنحة التي ركبها طار متوجهًا نحو مضيق البوسفور، وعقدت الدهشة والذهول ألسنتهم وهم يتطلعون إلى هذا المنظر المذهل !
لقد طار “أحمد جلبي” من البرج قاطعًا مضيق البوسفور وحط أخيرًا في حي دوغانجيلار في منطقة أُسكدار بنجاح متفوقًا بذلك على عباس بن فرناس , ومستلهماً الفكرة من إسماعيل جوهري (السابق ذكره)
لقد كان أحمد جلبي -بجانب كونه أول عالم حقق خطة طيران- رائد الطيران الشراعي في التاريخ ، لأنه في أثناء طيرانه أخذ في حساباته -كأي طيار في طائرة شراعية- عامل هبوب الريح و اتجاهها , وعلى إثر هذا النجاح المذهل أطلق عليه الشعب اسم “هزار فن” , أي صاحب الألف فن أو الألف علم.
لقد كان العلماء الثلاثة بارزين في علوم مختلفة , ولم يكن الطيران وحده شاغلا لهم ، واستطاعوا ان يكونوا رواد علم الطيران الشراعي بلا منازع , ولكن ماذا عن غيرهم من الطيارين المحترفين الذين خدموا في سلاح الجو العثماني , من أمثال أحمد علي تشليكن (أول طيار ذو بشرة سوداء في العالم) , أو الثلاثي صادق – فتحي – نوري (أول من هبطوا بطائرة في دمشق عام 1914م) ؟
دعونا نتعرف على هذه التفاصيل وأكثر في حلقات قادمة .. فتابعونا
————————
الحواشي:
1- برج غلطة: يقع في القسم الأوربي من مدينة إسطنبول ويبلغ طوله حوالي 63 متر.
2- منطقة اسكدار: تقع في القسم الآسيوي من إسطنبول، ويفصل بينهما مضيق البوسفور.
المصادر:
أ- كتاب موسوعة الأعلام لخير الدين الزركلي
ب- كتاب الدولة العثمانية المجهولة، 303 سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة العثمانية، أحمد آق كوندوز، سعيد أوزتورك